الثلاثاء 2021/06/01

راقصو “العرس الوطني” السوري… المزايدة بالتشبيح

بما أنّ نتيجة مسرحية الانتخابات الرئاسية في سورية معروفة ومؤكدة قبل إعلانها، قام النظام بتنظيم حفلات في مختلف المحافظات التي يسيطر عليها، احتفالاً بفوز بشار الأسد، قبل إعلان نتائج الانتخابات، كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات عن حفلة مجانية لجورج وسوف في قلعة دمشق، بمناسبة فوز بشار الأسد. حملت الحفلة اسم "بسواعدنا عمرانة"، وبدأت بعرض فيديو على شاشات الإسقاط العملاقة لبشار الأسد وهو يلقي كلمته التي سجلها بمناسبة فوزه بولاية دستورية جديدة، بحسب تعبيرهم.

 

وخلال الفيديو الذي تجاوزت مدته تسع دقائق، شكر الأسد مؤيديه في سورية وخارجها، الذين ساهموا برأيه "بانتصار سورية، واعتبرهم الثوار الحقيقيين، وشتم معارضيه ووصفهم بالثيران الراكعة للدولار". وفي الحقيقة، لا يمكن أن ننظر إلى كلمة الأسد المتلفزة سوى كفاصل ترفيهي، فهو فعلياً لوحة كوميدية سوداء أداها ديكتاتور قتل وهجّر أكثر من نصف شعبه.

 

وبالطبع، لا تكتمل مهزلة فنية من هذا النوع، من دون حضور جوقة الفنانين المؤيدين، الذين يستعرضهم النظام في كلّ مناسبة، فقد كان على المنصة "الشرفية" العديد من النجوم، أبرزهم: أيمن زيدان، لينا حوارنة، ديمة قندلفت، زهير عبد الكريم، أمية ملص، معن عبد الحق، جمال العلي، أنطوانيت نجيب، محمد الأحمد، وحسام تحسين بيك.

 

كما قدم الحفل الممثلان فادي صبيح وأمل عرفة. ويجب أن نشير هنا إلى أنّ صبيح سبق له، العام الماضي، انتقاد الفساد في نقابة الفنانين السوريين، بالإشارة إلى أنّ علاقة نقيب الفنانين السوريين زهير رمضان بالأسد قد حالت دون فوزه برئاسة النقابة، ليبدو اليوم كأنّه يحاول أن يزايد بالتشبيح، ليحصل على المنصب الذي صارع لأجله، وذلك في الجولة المقبلة. خلال الحفل، حيّا فادي صبيح الفنانين الحاضرين كونهم ساهموا بانتصار سورية، ليشير إلى أنّهم دافعوا عن الوطن بأعمالهم الفنية التي كانت تعكس صورة جيش سورية وشعبها بشكل حقيقي.

ولم يكن لهؤلاء الفنانين أيّ دور في الحفل، ولم يلقوا أي كلمة، وإنّما كانوا مجرد كومبارس، باستثناء أيمن زيدان، الذي ألقى كلمة هنأ فيها الجماهير بفوز الأسد، وتعاطى مع هذا الفوز كأنّه حدث استثنائي وغير متوقع، ووصفه بأنّه يمثل نقطة مفصلية في تاريخ سورية؛ وكأنّ الأسد لم يكن هو رئيس سورية منذ عشرين عاماً.

 

حضور جوقة الفنانين بالداخل كان هامشياً في هذا المشهد الختامي، وذلك طبيعي نظراً لدورهم في هذه المرحلة ككلّ، إذ لم يكن مطلوباً منهم سوى الحضور ضمن "العرس الوطني" لالتقاط بعض الصور. فعلياً، لم يسلط إعلام النظام الضوء على الفنانين السوريين في الداخل أثناء تغطيته الاستعراضية لمسرحية الانتخابات، وإنّما ركّز على فنانيه الموالين في الخارج، الذين استخدمهم كنوع من الدعاية التي تشجع المواطنين للمشاركة في الانتخابات خارج سورية؛ إذ نشر العديد من الفنانين السوريين المقيمين في الإمارات صورهم وهم أمام صناديق الاقتراع، كما فعل باسم ياخور ورواد عليو ولورا أبو أسعد وسلافة معمار.

 

بعد الخطابات السياسية المبتذلة، بدأت الفقرة الموسيقية التي كان ينتظرها الجمهور المحتشد في فضاء القلعة الأثرية، لكنّ محتوى الأغاني لم يكن أقل ابتذالاً؛ فمعظم الأغاني لم تكن سوى أناشيد تتغنى وتتغزل بعظمة بشار الأسد، سواء تلك المسجلة، أو التي أداها كلٌّ من علي الديك وجورج وسوف على المسرح.

 

وكان من البديهي أن تتخلل حفلة كهذه فقرات لترديد الشعارات، إذ إنّ علي الديك كان يطلب من الجمهور في الوقت المستقطع بين أغانيه أن يهتفوا: "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، فالجمهور الذي سارع لحضور حفلة جورج وسوف المجانية كان يجب أن يدفع الثمن ويؤدي دوره المبتذل أيضاً، قبل أن يصل أبو وديع بالفقرة الختامية ويختم الحفل بأغانيه الـ"وطنية" التي يعيدها ويكررها بكلّ مناسبة، منذ كان حافظ الأسد على قيد الحياة، فلم يضف بالحفل أغنية جديدة، كلّ ما في الأمر أنّه استبدل اسم القائد الخالد بنجله.