الأحد 2019/04/21

“رابح”.. خسر قدمه في قصف للنظام فعوّضها بمهارة يديه

كان رابح سليم يمارس عمله المعتاد في تصليح الكابلات بمحطة كهربائية بمدينة تدمر بريف محافظة حمص وسط سوريا عندما استهدف المحطة قصف عنيف للنظام.

على إثر القصف الذي وقع عام 2014 فقد سليم إحدى قدميه، لكنه اضطر بمرور الوقت لاكتساب مهارات جديدة لإعالة نفسه وعائلته، زاد عليها نشاطاً في مجال تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين بشمالي سوريا.

ونتيجة تواصل القصف والاشتباكات في تدمر، اضطر سليم للنزوح، وظل يتنقل من مكان إلى آخر ليستقر أخيراً في مدينة الباب شمالي سوريا التي حررها الجيشان التركي والسوري الحر من تنظيم الدولة عبر عملية درع الفرات.

ولدى استقراره في مدينة الباب، أخذ في البحث عن عمل يعتمد على مهارة اليد بعد أن فقد القدرة على الاعتماد على قدمه، فبدأ قبل نحو عام بالعمل في تصليح أجهزة الراديو والتلفاز.

سليم الذي يعده كثيرون في "الباب" أنموذجاً لتحدي الظروف والانتصار عليها، بات اليوم معروفا في المدينة، وأصبح يشار له بالبنان في مجال تصليح أجهزة الراديو والتلفاز.

يذهب سليم كل يوم إلى مكان عمله مستنداً على عكازه بلا كلل، لكنه يخصص جزءاً من وقته لجمع التبرعات لصالح أبناء مدينته النازحين في "الباب".

وفي حديثه لوكالة "الأناضول" قال سليم (40 عاماً) : "بعد أن فقدت قدمي اليمنى في قصف للنظام، اضطررت أنا وزوجتي وأبنائي الثلاثة للنزوح في رحلة شاقة استمرت 4 سنوات، تنقلنا خلالها من مكان لمكان ليستقر بنا المقام أخيراً في مدينة الباب".

وأوضح أنه بعد وصوله إلى الباب ونتيجة فقدان قدمه قرر العمل في مجال تصليح أجهزة التلفاز والراديو، مؤكداً أنه لم يشعر بأنه معاق، بفضل انخراطه في العمل، وجهود من حوله في إبعاد هذا الشعور عنه.

ولفت سليم أنه من الصعب جداً شرح المعاناة التي عاشها جراء الحرب، حيث فقد ماله، وأقرباءه، وبيته وقدمه، مضيفاً : "فقدت كل شيء، الحرب سيئة جداً ليس فيها سوى الدماء والموت والدموع والتهجير".

وأكد أن الوضع في البلاد أثر بشكل سلبي على مستقبل الأطفال الذي يرتبط بشكل متين مع الاستقرار، معرباً عن عدم تفاؤله بالمستقبل في بلد كسوريا.

وأشار أنه بعد قدومه إلى مدينة الباب سخر نفسه لعائلته وللعائلات القادمة من مدينته تدمر، لافتاً إلى أن 800 عائلة قدمت من تدمر إلى الباب، 200 عائلة منهم يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية.‎

وذكر سليم أنه يتجول على المنظمات الإنسانية، وأصحاب الأعمال في المنطقة لكي يجمع منهم مساعدات لصالح العائلات التدمرية.

وبفضل عملية "درع الفرات" التي انطلقت في 24 أغسطس/آب 2016، تمكنت القوات المسلحة التركية و"الجيش السوري الحر" من تطهير مساحة 2055 كلم مربعا من الأراضي شمالي سوريا.

وانتهت العملية العسكرية في 29 مارس/آذار 2017، بعد أن استطاعت القوات المشاركة فيها تحرير مدينة جرابلس الحدودية، وعدة مناطق وبلدات، فضلا عن مدينة الباب، التي كانت معقلا لتنظيم الدولة وأصبحت اليوم مكانا للأمن والأمان بعد تلك الحقبة السوداء.