الأربعاء 2020/09/16

دمشق: طوابير أمام المحطات رغم توفر البنزين !

بالتزامن مع عودة أزمة تأمين الخبز بالسعر الحكومي المدعوم من النظام في دمشق وإغلاق عدد كبير من الأفران بسبب نقص مادة الطحين، عادت أزمة تأمين مادة البنزين إلى الواجهة.

وانتشرت صور الازدحام الكبير أمام إحدى أشهر المحطات الرئيسية في دمشق، حيث تبين أن طول طابور الانتظار وصل إلى نحو 300 متر بسبب شح البنزين.

وتأتي هذه الأزمة بعد قرار وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام تخفيض كمية تعبئة البنزين في المرة الواحدة للسيارات الخاصة، مع بقاء الكمية الشهرية المخصصة ذاتها حيث تم تخفيض كمية تعبئة البنزين للسيارات الخاصة من 40 إلى 30 ليتر، مما أدى إلى انتعاشة في السوق السوداء الذي بات يعوض النقص في السوق الرسمية.

وفي آذار/مارس الماضي، حددت وزارة التجارة وحماية المستهلك في حكومة النظام سعر البنزين المدعوم ب250 ليرة سورية لليتر الواحد 90 أوكتان، وغير المدعوم ب450 ليرة سورية لليتر الواحد، بينما حددت سعر البنزين 95 أوكتان ب575 ليرة سورية لليتر الواحد. وفرضت وزارة النفط بحكومة الأسد نظام البطاقات الذكية في محطات الوقود لتقييد كميات التعبئة للسيارات العامة والخاصة.

تبلغ شرائح الدعم المقدمة من مادة البنزين عبر البطاقة الذكية، للآليات الخاصة والآليات العائدة للفعاليات الاقتصادية الخاصة 100 ليتر شهرياً، والدراجات النارية 25 ليتراً، والسيارات العمومية وآليات النقل الجماعي العمومية 350 ليتراً شهرياً.

وأتت أزمة دمشق متأخرة عن باقي المحافظات السورية، فالأسابيع الماضية شهدت على ازدحامات خانقة أمام محطات تعبئة الوقود في المدن الساحلية في حلب وحمص وحماه ومحافظات الجنوب.

ويقول عبد الرحمن، وهو سائق تكسي خمسيني في دمشق: "أصبحنا مقتنعين تماماً أن تلك الأزمات مفتعلة والدليل على ذلك هو توفر كل شيء في السوق السوداء، الخبز والوقود وغيرها من المواد متوفرة لمن لديه القدرة على دفع سعر السلعة أكثر من أربعة أضعاف في السوق السوداء". ويضيف متحدثاً لموقع "المدن"، "أنا المعيل الوحيد لأسرتي وليس لدي دخل آخر، أصبحت أقضي ما يقارب ست ساعات على طابور محطات الوقود كل يومين، هذا الوقت المهدور نحن من يدفع ثمنه".

ويتوقع عصام بركات، وهو ابن دمشق، أن "تستمر الأزمة لينتفع تجار الحروب والأزمات من بيع الوقود الحر بالسعر الذي يفرضونه على المواطن". ويتابع بغضب قائلاً: "هذه الأزمة تتصاعد، فكل مرة تزداد ساعات انتظارنا على طابور محطات الوقود، لتذكرنا بأزمة نيسان 2019 عندما كنا نعمل يوماً وننتظر دورنا يوماً كاملاً على الطوابير منذ ساعات الفجر".

ويضيف "في كل الأزمات التي يواجهها السوريون تأتي التبريرات الحكومية مستفزة وغير منطقية، فالشفافية دائماً غائبة عن المواطن الذي لم يعد يحتمل كل تلك الأزمات".

ودائماً تكون تبريرات مسؤولي حكومة الأسد واقع الأزمات التي تشهدها البلاد جاهزة، ففي حمص جاء التبرير بأنه "في هذا الشهر من كل عام يزيد الطلب على مادة البنزين في حمص، نتيجة لموقعها الجغرافي، وزيادة حركة السيارات في الموسم السياحي، ما شكل ضغطاً على محطات الوقود في المحافظة". وهو رد أثار استغراب أهالي المدينة الذي لا يعرفون عن أي موسم سياحي يتحدث السباعي.

أزمات متشابهة:

تتشابه أزمتا الخبز والبنزين في العديد من النقاط، أبرزها توفر تلك السلع بكثرة في السوق السوداء. وهو ما يؤكده يونس الذي يعمل مدرساً في دمشق، إذ "تستطيع أن تحصل على الكمية التي تريدها من الخبز إذا دفعت ثمن الربطة 400 ل.س بدل 50، وذلك عن طريق شرائها من الباعة المنتشرين على الأرصفة وزوايا الشوارع قرب الأفران". ويضيف "أنا أحصل على حاجتي من الخبز من هؤلاء الباعة في منطقة القصاع، تجنباً لإهدار الوقت كوني ملتزماً مع معاهد خاصة متعددة. والأمر نفسه ينطبق على البنزين باختلاف الأسعار إذ ينتشر وبشكل كبير، باعة البنزين الحر على جوانب الطرقات. وهذا إن دل على شيء فيدل على أن المواد متوفرة والأزمات مفتعلة والمبرر الدائم هو قانون قيصر والعقوبات الإقتصادية".

ورغم قيام عناصر الشرطة والأمن واللجان المحلية التابعين للنظام بمحاولة تنظيم الدور في العديد من محطات الوقود في العاصمة، إلا أنه تم رصد عدد من المشاجرات ضمن الأرتال المصطفة، مع بروز ظاهرة حمل السلاح من بعض الخارجين عن القانون.

ويتحدث يونس لموقع "المدن" عن المعاناة التي لا يخففها أبداً وجود الشرطة قائلاً: "غالباً ما يكون الانتشار الأمني قرب المحطات بغرض المتاجرة وتلقي الرشاوى بحجة تنظيم الدور، حيث يقوم البعض بالحصول على ما يحتاجه بالتنسيق مع أحد رجال الأمن واللجان المحلية عن طريق معرفة شخصية ومحسوبيات".