الجمعة 2020/10/30

دبلوماسي روسي يشكك بنجاح مؤتمر “عودة اللاجئين السوريين”

رأى مصدر دبلوماسي روسي أن فرص نجاح مؤتمر "عودة اللاجئين السوريين” الذي تعتزم روسيا عقده في دمشق يومي 11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني ليست كبيرة، مضيفا أنه "من الصعوبة توقع أن يسفر عن المؤتمر في حال انعقاده أي نتائج ملموسة".

وأوضح المصدر الدبلوماسي الروسي المطلع على سير التحضيرات الجارية، خلال حديثه مع صحيفة "الشرق الأوسط" أمس الخميس أنه "أولا: هناك الوضع مع تركيا التي لم يتم التشاور معها، وغيابها يعني عدم توقع إحراز أي تقدم على خلفية وجود 7 ملايين لاجئ تحت رعايتها عمليا (4 ملايين على أراضيها و3 ملايين في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا) وثانيا: لا يمكن توقع نجاح مبادرة من هذا النوع من دون حضور وإشراف الأمم المتحدة، وثالثا، تبدو المقاطعة الدولية واضحة من خلال نتائج أعمال المجموعة المصغرة التي أعلنت بعد اجتماع أخيرا أنها لن تشارك ولن تقدم أي دعم أو مساعدات للمبادرة".

وزاد المصدر أن مشكلة اللاجئين "لا يمكن الخوض بها والتوصل إلى حلول جدية لها من دون دور بارز وأساسي للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وعودة اللاجئين السوريين بعد 10 سنوات من الحرب تحتاج لعمل واسع وترتيبات خاصة ضخمة جدا، لجهة توفير أماكن الإقامة المؤقتة ثم الدائمة، وتوفير فرص عمل ومعالجة مشكلة الأبناء الذين ولدوا في الخارج وعشرات من القضايا الأخرى الشائكة والمعقدة".

وخلص المصدر إلى أن هذا المؤتمر "لن يدعمه أحد"، مشيرا إلى أنه "على ما يبدو لم يكن اتخاذ القرار حول عقد المؤتمر قد درس بشكل معمق وجدي ودقيق".

وفي إشارة لافتة قال إن "النتيجة في حال تم عقده برغم كل هذه التعقيدات ستكون مماثلة للمشكلة التي ظهرت خلال التحضير وبعد انعقاد مؤتمر سوتشي للحوار السوري"، مذكرا بأن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "اتخذ قرارا في اللحظة الأخيرة بمشاركة مبعوثه الخاص إلى سوريا في أعمال مؤتمر سوتشي" لكن ظلت النتائج مخيبة للآمال.

وقال المصدر الروسي إنه "لا يوجد حتى الآن قرار نهائي من قبل السلطات العليا في روسيا بعقد هذا المؤتمر، والقرار الحاسم سوف يتخذ بعد عودة الوفد إلى موسكو وتقديم تقريره إلى الكرملين حول نتائج جولته".

وسرعت موسكو تحركاتها في إطار التحضير لعقد مؤتمر دولي حول اللاجئين في دمشق الشهر المقبل، ورغم قيام وفد رفيع برئاسة مبعوث الرئيس الروسي الخاص لشؤون التسوية في سوريا ألكسندر لافرنتييف بجولة مهمة حملته إلى الأردن ولبنان واختتمها أمس في دمشق، فإن أوساطاً روسية بدت متشائمة حيال فرص نجاح المؤتمر، وأعربت عن قناعة بعدم توافر الظروف الملائمة حاليا لانعقاده، في حين تبقى الكلمة الأخيرة في هذا الشأن لدى الكرملين الذي ينتظر أن يتخذ القرار الحاسم حول المؤتمر بعد عودة الوفد إلى موسكو.

وضم الوفد الروسي شخصيات بارزة من المستويين الدبلوماسي والعسكري، ما عكس درجة الاهتمام بالتحضير لتنفيذ الفكرة. وكان لافتا أن موسكو لم تعلن رسميا عن مبادرتها، واستبدلت ذلك بالقيام بتحركات واتصالات كان أبرزها جولة الوفد أخيرا، وتم تحديد موعد أولي له في يومي 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني) على أن ينعقد في دمشق.

وخلال اليومين الماضيين، أجرى الوفد الروسي جولة محادثات مطولة في الأردن مع وزير الخارجية أيمن الصفدي، كما تم تنظيم لقاء افتراضي عبر فيديو كونفرس مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وأكد الصفدي، خلال اللقاء على أهمية التوصل لحل يضمن وحدة سوريا وتماسكها، ووحدة أراضيها، ويعيد لها أمنها واستقرارها ودورها، ويؤدي إلى خروج جميع القوات الأجنبية منها، والقضاء على الإرهاب وتوفير ظروف العودة الطوعية للاجئين إلى وطنهم.

وفي لبنان قام لافرنتييف بتسليم الرئيس ميشال عون، دعوة للمشاركة في المؤتمر. وأكد المبعوث الروسي خلال اللقاء "وقوف روسيا إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها". وتمنى مشاركة لبنان في المؤتمر الدولي.

واختتم الوفد جولته أمس، في دمشق حيث أجرى محادثات مع بشار الأسد. وقال نظام الأسد إن اللقاء "تمحور حول المؤتمر الدولي حول اللاجئين المزمع عقده في دمشق الشهر المقبل والجهود التي يبذلها الجانبان تحضيرا لخروج هذا المؤتمر بنتائج إيجابية تسهم في تخفيف معاناة اللاجئين السوريين وإتاحة المجال لعودتهم إلى وطنهم وحياتهم الطبيعية".

اقرأ أيضاً..مباحثات روسية مع الأسد تناقش “مؤتمر عودة اللاجئين”

وكانت صعوبات برزت حول المبادرة الروسية فور أن تسربت معلومات بشأنها إلى وسائل الإعلام. من بينها اختيار دمشق لتكون مكانا لعقد المؤتمر وهو أمر تعارضه عدد من البلدان بينها تركيا، التي أعربت خلال محادثات روسية - تركية عن استياء بسبب عدم تشاور الجانب الروسي معها قبل إطلاق الفكرة، نظرا لأن تركيا تحتضن العدد الأكبر من اللاجئين السوريين وبرزت الصعوبة الأخرى في إقناع البلدان الغربية بالمشاركة في هذا المؤتمر، خصوصا أن الفكرة أثارت وفقا لما نشرته وسائل إعلام جدلاً واسعاً وانقساما في الرأي داخل الأوساط الأوروبية. فضلا عن توافر قناعة بأنه لا يمكن تحقيق نتائج من المؤتمر، من دون تفاعل إيجابي الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات قوية على نظام الأسد في إطار "قانون قيصر" الذي ينص على أن تشمل العقوبات كل الأطراف التي تتعاون مع نظام بشار الأسد.