الجمعة 2021/01/22

خفض جاهزية قوات النظام وعجزها..يريح إدلب

أثار القرار الذي أصدره النظام في 10 كانون الثاني/يناير حول خفض جاهزية "قواته المسلحة" تساؤلات عديدة حول مستقبل جبهات القتال في إدلب شمال غربي سوريا، وهل سيتيح القرار استمراراً أطول لاتفاق خفض التصعيد؟

 

وكان رئيس النظام بشار الأسد قد أصدر قراراً يقضي بتخفيض جاهزية "قواته المسلحة" لتعود لطبيعتها كما كانت قبل تسع سنوات، وبحسب القرار تم تخفيض نسبة الاستنفار في الإدارات التابعة للقوات المسلحة، بحسب كل إدارة، من 66 إلى 33 في المئة للمقرات الإدارية، ومن 80 إلى 50 في المئة للقطعات التابعة لها، وبالنسبة للقوات البرية والبحرية فقد خفضت جاهزيتها من 100 إلى 80 في المئة، بينما بقيت جاهزية المشافي العسكرية بنسبة 80 في المئة.

 

حتى الآن لم تشعر إدلب بأي انعكاس لهذا الخفض على جبهاتها. الوضع السائد لا يزال كما هو خروق متقطعة وقصف صاروخي مدفعي وجوي بشكل يومي. والخميس، قصفت الطائرات الروسية مرتفعات كبانة في ريف اللاذقية الشمالي. وطاول القصف الجوي مواقع للمعارضة في محيط بلدة السرمانية في منطقة الغاب شمال غربي حماة. وشهدت جبهات جنوبي إدلب وجبل الزاوية اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والمليشيات الموالية لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة ثانية، وتبادل الطرفان القصف بالمدفعية والصواريخ، وحلقت طائرات الاستطلاع الروسية في سماء منطقة العملية جنوبي الطريق إم-4.

 

تبدو التحركات العسكرية على جانبي خطوط التماس جنوب وشرقي ادلب اعتيادية، وخرق اتفاق وقف إطلاق النار يكاد يكون شبه يومي، وترد الفصائل عادة على قصف قوات النظام والمليشيات باستهداف مواقعها في منطقة معرة النعمان التي تعتبر منطقة العمليات المركزية وعلى مواقع للنظام تقع بالقرب من خط التماس مع المعارضة، كما أن منطقة العمليات التي تنتشر فيها قوات النظام على الجانب الآخر من جبهات إدلب لم يجرِ عليها أي تغييرات تُذكر من ناحية عمليات إعادة الانتشار وكثافة الانتشار والتمركز العسكري.

 

وقالت مصادر عسكرية معارضة لموقع "المدن"، إن "القوات الروسية والتركية أنشأتا مؤخراً نقطتين عسكريتين على جانبي الجبهات غربي منطقة سراقب، ولا تزيد المسافة بين النقطتين عن 200 متر بالقرب من بلدة آفس، والمهمة المفترضة للنقطتين زيادة التنسيق الميداني بين الجيشين الروسي والتركي في جبهات إدلب ودعم اتفاق خفض التصعيد".

 

وقال الناطق الرسمي باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب ناجي مصطفى لموقع "المدن"، إن "قوات النظام وحلفاءها من المليشيات لم تُغير من سلوكها العدائي اليومي ضد المناطق المدنية في إدلب ومحيطها، وهي تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وتستمر في شن الهجمات وعمليات التسلل والقصف الصاروخي والمدفعي بالإضافة للقصف الجوي الذي تنفذه طائرات الاحتلال الروسي بين الحين والأخر مستهدفة منطقة خفض التصعيد".

 

الباحث في العلوم السياسية بلال صطوف رأى في حديث لموقع "المدن"، أن "قرار خفض الجاهزية له علاقة مباشرة بالمرحلة الاستثنائية التي يمر بها النظام، خاصة مع تعاظم آثار قانون قيصر على اقتصاده، وبالتالي يبدو أن القرار يهدف بشكل أساسي الى تخفيض تكاليف الاستنفار والجاهزية العالية، وبالتالي سنشهد تحركات خاصة بخفض المخصصات المادية للقطع العسكرية، وزيادة عدد الإجازات، وتسريح عدد كبير من القوات الرديفة خلال الفترة القادمة".

 

وهذا ما يرجح، بحسب صطوف، استمرار حالة خفض التصعيد في إدلب لفترة أطول، لكن ذلك لا يعني أن القرار سيترك آثاراً ميدانية كبيرة، وذلك بسبب بقاء القطع ذات الفعالية العسكرية كالقوات الجوية بجاهزية مرتفعة نسبياً، كذلك المليشيات التي تدعمها روسيا لن تكون مشمولة في القرار غالباً، الحال ذاته لدى المليشيات الإيرانية، وبالتالي لن نرصد تغييرات تذكر في الحالة العسكرية لقوات النظام في إدلب ومحيطها.

 

 وأضاف صطوف "يعكس القرار عجز النظام عن استئناف المعارك نحو جيب إدلب، مع أنه بأمس الحاجة لأي تحرك عسكري جديد يروج من خلاله لانتصار مزعوم ويشتت من خلاله انتباه أنصاره مجدداً عن الحالة المعيشية والأزمة التي يعيشونها".

 

وأشار إلى أن "القرار يأتي في وقت تتزايد فيه هجمات تنظيم الدولة في البادية السورية، والتي لا تُعتبر منطقة ذات قيمة استراتيجية لنظام الأسد، إنما هي الطريق الوحيد للقوات الايرانية نحو سوريا، وقد يسعى نظام الأسد من خلال قراره الأخير إلى توجيه رسالة عملية لحلفائه وبخاصة إيران ويلمح بشكل علني إلى عجزه هناك إذا لم يتوفر المزيد من الدعم المادي والعسكري الإيراني، أي أنها محاولة لابتزاز الإيرانيين وتحصيل دعم جديد، الأمر ينطبق أيضاَ في جبهات ادلب شمال غربي سوريا، في حال كان هناك مصلحة لإيران بإشغال جبهات المنطقة فعليها أن تدفع لذلك، وهذا ما يريد النظام قوله".