الأثنين 2020/01/27

“خطة سليماني”.. تسجيلات تفضح دور مليشيات إيران بإدلب

نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية تقريراً حصرياً عن محادثات مسجلة للجنرال الإيراني " قاسم سليماني" القيادي بالحرس الثوري والذي قتل في غارة جوية قرب مطار بغداد، في الثالث من الشهر الجاري.

وقالت الصحيفة إن المكالمات اللاسلكية تكشف عن الدور الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الأفغان في توجيه الهجمات ضد آخر معقل للمعارضة السورية في محافظة إدلب.

وقبل وفاته كان سليماني أداة قوية في حرف ميزان الحرب لصالح نظام بشار الأسد. وأكدت طهران لأنقرة التي تدعم المعارضة السورية أنها لن ترسل قوات إلى إدلب نظراً لقرب المحافظة من الحدود التركية. وقالت الصحيفة إن قائد لواء "فاطميون"، المكون من شيعة أفغان ويعمل تحت قيادة فيلق القدس، قال إن سليماني أعطى قبل مقتله المليشيات الشيعية التي تدعمها إيران خطة للسنوات الخمس القادمة، ولهذا فمقلته لن يؤثر على عمل المليشيات.

وتشير مزاعم القيادي في لواء "فاطميون" إلى أن المليشيات الشيعية تقاتل قرب إدلب بناء على أوامر سليماني وتنفذ خططه. وحصلت الصحيفة على التسجيلات من المنظمة المستقلة "مركز ماكرو للإعلام" وجمعها مراقبون من مراكز رقابة محلية، استطاعوا التقاط الموجات اللاسلكية والإرسال للمليشيات الشيعية.

وهو نفس المركز الذي قدم تسجيلات صوتية للطيارين الروس إلى صحيفة "نيويورك تايمز" وكشفت عن استهداف قوات النظام بشكل مقصود المستشفيات والمراكز الطبية في معقل المعارضة. وتتعرض محافظة إدلب التي يعيش فيها 3.5 ملايين نسمة لقصف مستمر من المقاتلات الروسية والقوات البرية الموالية للنظام، وأدت الحملة الأخيرة إلى تشريد نحو نصف مليون شخص، وتهدد بخلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وتم الوصول إلى الاتصالات اللاسلكية في الفترة ما بين أيلول سبتمبر، وتشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي، وذلك بعد تحديد الإشارة اللاسلكية الإيرانية. وهناك بعض التسجيلات تعود إلى الأسبوع الماضي. وتم تحديد مصدر الإشارات من قاعدة مؤقتة في بلدة "التمانعة" القريبة من "معرة النعمان" جنوب محافظة إدلب.

وسمع في واحد من التسجيلات أحد المقاتلين الأفغان وهو يتحدث بالفارسية قائلاً: "لنذهب معا الليلة باتجاه مواقعهم ونعرف إن كانت عصفوراً أو ذئباً" حيث استخدم الطيور والحيوانات كشيفرة عن الأهداف. وقال آخر مازحاً: "لا يستطيعون الدفاع عنها حتى بفرقة كاملة" و"سنذهب سراً ونضربها ونسيطر عليها ولن تكون هناك مشكلة".

ويقول قادة المعارضة التي تقاتل بالمنطقة إن عدد المقاتلين التابعين للمليشيات الإيرانية في المنطقة يصل إلى 400 مقاتل مع أن آخرين يقولون إنه 800 مقاتل. وقال أبو حمزة الكرنازي، القائد الميداني في الجبهة الوطنية للتحرير: "تحاول المليشيات الإيرانية إخفاء وجودها في إدلب ولكنها موجودة على أرض الواقع". وأضاف: "لديهم معدات ثقيلة واستخدموا الدبابات وراجمات الصواريخ ضدنا في التمانعة ومناطق أخرى".

وقال وفد للمعارضة حضر مباحثات أستانة في كرخستان وسوتشي، إن إيران أكدت لتركيا أنها لا تريد مواجهة معها في إدلب ولا ترغب في تخريب علاقاتها مع أنقرة. وتحولت تركيا لشريك تجاري مهم لإيران بسبب العقوبات التي فرضتها أمريكا عليها، مع أن ولاء طهران ظل مع نظام الأسد.

ويقول المحللون إن تركيا تعرف بوجود المليشيات الشيعية في محافظة إدلب لكن ليس لديها التأثير للمطالبة بخروجها.

وقال القائد "كيرنازي" عن المليشيات الشيعية: "يشاركون في القتال ولكنهم يقدمون الدعم العسكري والتدريب للمقاتلين المحليين. ويحضرون مشايخ دين إيرانيين ولبنانيين لتقديم الإرشادات وتعبئة المقاتلين على خطوط القتال".

وتقول الصحيفة إن المراسلات اللاسلكية تحفل باللغة الطائفية. وسمع المقاتلون الشيعة وهم ينادون "يا علي يا علي" و"سننتصر إن شاء الله عليهم".

وتقول إليزابيث تسيركوف، من برنامج الشرق الأوسط في معهد دراسات السياسة الخارجية: "تستطيع التعرف من التسجيلات على سبب خوف سكان إدلب" و"ما تحتويه ليس تهديداً لحياتهم فقط بل ودينهم أيضاً".

وتشير الصحيفة في تقرير آخر أعدته "خوسيه إنسور" مراسلة الصحيفة في بيروت إلى أن وزير دفاع الأسد "علي أيوب" اعترف الأسبوع الماضي في لحظة من الصراحة أنه عمل مع الجنرال قاسم سليماني. وقال: "كانت المعركة الأولى التي قمنا بها هي بابا عمرو في حمص" أي بداية الثورة عام 2011. وتعلق أن أي مراقب يتابع الحرب السورية يعرف سبب وجود سليماني ومليشياته في سوريا إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يعترف بها النظام بدورها.

وتقول إنسور إن سليماني أسهم في تغذية النزاع "السني- الشيعي" الذي سيغمر المنطقة لسنوات قادمة. وتقول تسيركوف إن إرث سليماني هو "إرسال شباب من اللاجئين الأفغان للقتال والموت وتسوية مدن بالتراب وإخلاء مدن بكاملها والتطهير الإثني".