الأربعاء 2021/01/13

تعزيزات ومعارك شرسة بالبادية السورية.. هل عاد تنظيــ.ـم الدولة من جديد؟

تتجه المواجهات بين تنظيم الدولة وقوات النظام في البادية السورية إلى مزيد من التصعيد. وقد دفعت قوات النظام بتعزيزات كبيرة لتأمين الطرق والحدّ من خطورة التنظيم على مدن تقع على حدود البادية.

 

وكشفت مصادر إعلامية تابعة للنظام عن إرساله، أول من أمس الاثنين، تعزيزات عسكرية إلى طريق خناصر- أثريا في ريف حماة الشرقي، استعداداً لإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة البادية، بعد الهجوم الأخير الذي نفذه التنظيم في ريف مدينة سلمية.

 

وتلقت قوات النظام في الأيام الأخيرة من العام الماضي والأولى من العام الحالي، ضربات عدة من تنظيم الدولة، أدت إلى مقتل وخطف العشرات من عناصرها، بينهم ضباط برتب رفيعة. وظهرت بوادر "ولادة ثانية" للتنظيم في سورية، في نهاية العام الماضي، مع تضاعف عملياته ضد قوات النظام، بل بدأ بالاقتراب من مدن عدة، فضلاً عن قطعه طرقاً يعتمد عليها النظام في توريد الحبوب والمحروقات من مناطق سيطرة مليشيات قسد في الشمال الشرقي من سوريا.

 

ودفعت كل هذه التطورات في البادية وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي للتعبير عن قلقها من عودة التنظيم في العراق وسوريا، مشيرة إلى أن بلادها تعتبر أن التنظيم لا يزال موجوداً. ولفتت الوزيرة الفرنسية في مقابلة تلفزيونية، إلى أنه "منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات (عام 2019)، الذي كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش بدأ يستعيد قوته في سوريا".

 

وتعد فرنسا من الدول الفاعلة في "التحالف الدولي ضد الإرهاب" الذي تأسس في عام 2014 في ذروة صعود التنظيم في سوريا. ويحتفظ التحالف بقيادة الولايات المتحدة بوجود قوي في سورية، منشئاً قواعد عدة، أبرزها قاعدة التنف. ومن اللافت أن التحالف لم يتدخل ضد التنظيم في مناطق سيطرة النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية. مع العلم أن النظام يبحث عن التنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة التنظيم بغية كسر حالة العزلة الدولية المحيطة به، ولكن من الواضح أن التحالف يرفض التعاون مع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في هذا المجال.

 

وحول هذا الموضوع، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "ليست لدى النظام رغبة في محاربة تنظيم الدولة، وقد أكدت الولايات المتحدة هذا الموقف أكثر من مرة". وحول إمكانية استغلال النظام لصعود التنظيم مرة أخرى لتعويم نفسه كطرف محارب للإرهاب، أبدى زيادة اعتقاده بأن "لا أحد يكترث لما يقوله النظام، فهو في عزلة دولية تماماً، باستثناء دعمه من روسيا وإيران". وأشار إلى أن "ظهور التنظيم مرة أخرى، يفرض تحديات جديدة على المجتمع الدولي عليه التعامل معها"، مستدركاً "لا أعتقد أن ذلك سيكون من بوابة النظام، لذلك فالقوات الأميركية موجودة هناك".

 

من جانبه، اعتبر الباحث في "مركز الحوار السوري" محمد سالم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التنظيم "عملياً عاد بقوة، ولكن إلى نموذج سابق لما كان عليه في حالة (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) وحالة (دولة العراق الإسلامية). وهي الحالة التي كان عليها في العراق من ناحية شن حرب عصابات مع سيطرة مكانية مرنة". وأضاف أنه "لا تبدو في المدى المنظور القريب أي إمكانية لعودة داعش لنموذج السيطرة المكانية على الحواضر، كما حدث في الموصل والرقة، وهذا لا ينفي مطلقاً حدوث ذلك على المدى البعيد، لأن عقلية التنظيم وأيديولوجيته تحثُّ على ذلك". وأعرب عن قناعته بـ"أن الظروف لا تسمح في المدى القريب بعودة التنظيم إلى ما كان عليه في سوريا قبل عام 2019"، لجهة السيطرة على مساحات جغرافية كبيرة تضم مدناً كبرى وبلدات. 

 

وأوضح أن "مثل هذه السيطرة لم تكن لتتم لولا تدخل عامل خارجي واضح، كما في حالة سيطرة التنظيم على الموصل، والتي تمت بدعم إيراني خفي".

 

ومن الملاحظ أن النشاط المتزايد لتنظيم الدولة في سوريا، يأتي قبل أشهر قليلة من انتخابات رئاسية ينوي النظام إجراؤها في منتصف العام الحالي، والتي من المؤكد أن بشار الأسد سيفوز فيها. ما يعزز الاعتقاد بأن الأخير يحاول الاستثمار مجدداً في مسألة الإرهاب، لدفع الغرب إلى الموافقة على بقائه في السلطة 7 سنوات أخرى. وفي هذا الصدد، شدّد سالم على أن بشار الأسد "أول المستفيدين من صعود تنظيم التنظيم"، مضيفاً أن "هذا الصعود يدعم سردية النظام والأسد في ادعائه محاربة الإرهاب، وأنه الخيار الأقل سوءاً للمجتمع الدولي بوجود تنظيمات يمكن أن تصعد مثل تنظيم الدولة".