الثلاثاء 2021/05/11

تركيا تعتقل عناصر ميليشيات تتبع لنظام الأسد.. وحقوقيون يبحثون عن منفذ قانوني لـ”المحاسبة”

في حادثة لافتة، وقد تكون الأولى من نوعها، اعتقلت السلطات التركية 6 عناصر من ميليشيات سورية كانت قد قاتلت إلى جانب قوات النظام وذلك بعد مداهمة منزلهم الواقع في مدينة مرسين منذ يومين.

 

وهي خطوة أعقبت تقارير إعلامية كشفت هوية هؤلاء العناصر والخلفية العسكرية التي كانوا عليها في السابق، بالإضافة إلى تفاصيل الطريق الذي سلكوه حتى وصولهم إلى داخل الأراضي التركية. 

 

وبحسب ما تقول مصادر إعلامية من مدينة مرسين في تصريحات لموقع "الحرة" فإن "السلطات التركية اعتقلت خمسة منهم، أما الشخص السادس فهو المهرب الذي تولى مهمة إدخالهم من مناطق سيطرة النظام السوري إلى مرسين". 

 

وتضيف المصادر: "من بين الأشخاص الموقوفين عبد دهمان، علي الصالح، عبد غالي، نعيم صليبة. جميعهم مقاتلون في ميليشيات آل سلامة، والتي تشكلت في مدينة سلمية وقاتلت على عدة جبهات في السنوات الماضية، وخاصة في الريف الشرقي لحماة". 

 

وبينما لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل السلطات التركية، أوضحت مصادر مطلعة على تفاصيل حادثة الاعتقال ومتابعاتها لموقع "الحرة" أن الخطوة التي أقدم عليها الأمن التركي قد لا ترتبط بخلفية المقاتلين، بقدر اتهامهم بجرائم الاتجار بالبشر وتهريب الأشخاص عبر الحدود. 

 

وتشير المصادر: "من المفترض أن تتضح تفاصيل القضية كاملة بعد عطلة نهاية الأسبوع، لاسيما أن جهات قضائية وحقوقية سواء من السوريين أو الأتراك بدأوا التحرك من أجل تحويل الجرم من الإتجار بالبشر إلى جرائم ضد الإنسانية". 

 

تقارير سابقة: 

وتتهم شبكات حقوقية وإعلامية في مدينة السلمية السورية الأشخاص الستة المعتقلين بجرائم اعتقال وقتل في أثناء عملهم ضمن الميليشيات المساندة لنظام الأسد. 

 

ومنذ قرابة شهر كشفت "الهيئة الإعلامية لمدينة سلمية وريفها" أسماء المقاتلين وطرق التهريب التي سلكوها للوصول إلى داخل الأراضي التركية، وذلك بتسهيل من المهرّب كرم يحيى.

 

وكرم يحيى من أبناء مدينة السلمية ويقيم في مدينة مرسين منذ سنوات، ويعمل في نشاط تهريب البشر على طرفي الحدود السورية- التركية لقاء مبالغ مالية بآلاف الدولارات، وهو ما انكشف مؤخرا بعد تأمين وصول مقاتلي الميليشيات السورية.

 

وتتهم وسائل إعلام سورية محلية كرم يحيى بأنه استغل منصب عمه "عقاب يحيى" من أجل تسهيل تمرير المقاتلين الستة وآخرين كانوا قد سلكوا الطريق من سوريا إلى تركيا ومن ثم إلى بلدان أوروبية. 

 

ويشغل عقاب يحيى منصب نائب رئيس "الائتلاف الوطني السوري"، ولم يصدر عنه أي رد في الأشهر الماضية، لاسيما أن هذه القضية لاقت ردود أفعال واسعة داخل أوساط المعارضين السوريين. 

 

جهات حقوقية تتحرك

في سياق ما سبق فقد فتحت قضية اعتقال مقاتلي الميليشيات أعين عدد من الحقوقيين السوريين، والذين بدأوا بالتواصل مع جهات حقوقية تركية من أجل الدفع باتجاه محاسبة هؤلاء العناصر، في ظل الاتهامات الموجهة لهم بشأن ممارسات اعتقال وقتل، وهو ما تثبته بعض الصور والتسجيلات التي نشرت في الأشهر الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

 

ومن بين الجهات الحقوقية السورية "تجمع المحامين السوريين الأحرار"، والذي يرأسه الحقوقي والمحامي السوري غزوان قرنفل. 

 

ويقول قرنفل في تصريحات لموقع "الحرة": "بالنسبة للسلطات التركية فإن اعتقال الأشخاص الستة يرتبط بجريمة الإتجار بالبشر ودخول الحدود عبر طرق التهريب. بالنسبة لي قرأت عن أعمالهم القتالية والتشبيحية منذ سنوات، وخطر ببالي الإقدام على خطوة بشأن رفع دعوى قضائية". 

 

ولا يحق للمحامين السوريين في تركيا مزاولة المهنة، وهو العائق الأساسي الذي يحول دون السير بسرعة في هذه القضايا.

 

ويوضح المحامي السوري: "تواصلنا مع عدد من المنظمات الحقوقية التركية، وحصل حوار في هذا الموضوع حول إمكانية رفع دعوى. لا يوجد ولاية قضائية في تركيا، لكن قد يكون هناك منفذ قانوني في حال توفر الأدلة".

 

"احتمالان"

وتمتد عقوبة تجار البشر في تركيا من ثمانية إلى 12 عاما يقضيها المتهم في السجن في حال أدانته المحكمة، بالإضافة إلى غرامة مالية يدفعها المُدان وتتراوح بين 20 و100 ليرة تركية عن كل يوم ولمدة 30 عاما، وتحددها المحكمة بالنظر إلى حيثيات القضية.

 

ما سبق قد يكون احتمالا قد يلقاه الأشخاص الستة المعتقلين حتى الآن. 

 

وهناك احتمال آخر لكن لم تتضح ملامحه بالشكل الكامل، ويشير المحامي غزوان قرنفل إلى أن المنظمات الحقوقية التركية أبدت عزمها على تقديم محامين متطوعين لإقامة دعوى في مدينة مرسين.

 

وتحدثت المنظمات التركية بحسب قرنفل عن وجود "منافذ قانونية قد يتم الاعتماد عليها بعيدا عن فكرة الولاية القضائية".

 

ومن هذه المنافذ أن تركيا موقعة على ميثاق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب وعلى عدد من المواثيق الحقوقية الدولية، وهي اتفاقيات تحاول من خلالها المنظمات الحقوقية التركية "تكييف الوقائع بعد توفر الأدلة والمدعين والشهود". 

 

وبناء على "المطالعة القانونية" السابقة أوضح قرنفل أنهم تلقوا "ضوءا أخضر" لنشر إعلان رسمي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. 

 

ويدعو الإعلان إلى تقديم أي معلومات أو أدلة أو شهود على الممارسات المتعلقة بالأشخاص الستة خلال عملهم السابق في الميليشيات الموالية للنظام.

 

"مافيات عابرة للحدود"

وسبق وأن كشف موقع "الحرة" في تقرير سابق طرق التهريب التي يسلكها مدنيون سوريون وآخرون عسكريون في مختلف أطراف النفوذ. 

 

وتلك الطرق تبدأ من الأراضي اللبنانية في الغرب مرورا بمناطق سيطرة نظام الأسد، ومن ثم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، وبعد ذلك تنتهي إما داخل الأراضي التركية أو في اليونان. 

 

وكانت فصائل "الجيش الوطني السوري" قد أعلنت في مرات عدة القبض على أشخاص قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري، وحاولوا الدخول عبر طريق التهريب إلى منطقة عفرين. 

 

وفي تصريحات سابقة لموقع "الحرة" اعتبر الصحفي، محمود طلحة أن عمليات التهريب التي من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة تتم من خلال "شبكة مهربين واحدة".

 

وقال طلحة المقيم في ريف حلب إن عمليات التهريب لا تقتصر على نقل الشبان إلى الشمال السوري، بل يتبعها في عدة حالات عمليات تهريب إلى داخل الأراضي التركية، ومن ثم إلى اليونان.