الثلاثاء 2021/05/04

“الموت بألف جرح”.. معاناة اللاجئين السوريين تزداد مع الانهيار الاقتصادي في لبنان

 

زادت الأزمة الاقتصادية الخانقة والإجراءات القانونية والإدارية من معاناة اللاجئين السوريين في لبنان والذين يقدر عددهم بنحو مليون ونصف المليون شخص لا يحظى معظهم بفرص عمل ورعاية صحية، بالإضافة إلى تفشي الأمية والجهل بين أطفالهم لصعوبة إرسالهم إلى المدارس.

 

وبحسب موقع "mei.edu" يعد لبنان واحدة من أصغر البلدان مضيفة لأكبر عدد من النازحين في العالم، ولكن السلطات ترفض الاعتراف بهم رسميًا كلاجئين وطالبي لجوء بزعم أن لبنان ليس طرفًا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951. 

 

وتعتبر السلطات اللاجئين السوريين "أفراداً نازحين مؤقتاً" سيعودون في وقت ما إلى ديارهم أو عليهم المغادرة إلى بلد ثالث.

 

ولم تكتف الدولة اللبنانية التي تعاني من أزمات اقتصادية وتفش للفساد والانهيار المالي بعدم الاعتراف بهم كلاجئين، بل زادت وضاعفت بالفعل من معاناتهم فنحو 20 في المئة من اللاجئين السوريين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا لديهم إقامة قانونية و89 في المئة يعيشون الآن على أقل من 25 دولارًا شهريًا للفرد، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

وكان الحد الأدنى للأجور الشهرية في لبنان قد انخفض من 450 دولارًا في عام 2019 إلى حوالي 60 دولارًا في عام 2021، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل العدس والطماطم، وبات المزيد من اللبنانيين الآن يعتمدون على مساعدات الحصص الغذائية مثل معظم اللاجئين. 

 

وقد حاول سكان عكار  شمالي البلاد، والذين يعانون مثل العديد من اللبنانيين من نقص الغذاء والوقود، تعطيل تدفق الشاحنات والصهاريج التي تحمل مواد مهربة من وإلى سوريا، وفي حالات قليلة استولوا على الشحنات لتوزيعها فيما بينهم. 

 

لكن يبدو أن هذه العرقلات تعتبر بسيطة للمهربين، إذ يقول علي رباح، مذيع لبناني قام بإنتاج فيلم وثائقي في الصيف الماضي عن عمليات التهريب في المنطقة، "نحن نتحدث عن شبكة ضخمة لتهريب البشر والبضائع بكل الوسائل بالتعاون مع بعض أفراد قوات الأمن والمسؤولين المحليين المتورطين في هذه الأمور".

 

وقال ظافر برطاوي، وهو من مواليد منطقة القلمون السورية ويشرف على مخيمين للاجئين في عرسال، إن الإجراءات "المعقدة للغاية" التي تحكم دخول وخروج السوريين وإقامتهم في لبنان بالإضافة إلى التكاليف المرتبطة بالإجراءات القانونية، لم يترك أمام الكثير من السوريين خيار آخر سوى طرق التهريب للدخول والخروج من لبنان.

 

ومنذ أن توقفت الحكومة اللبنانية عن السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل السوريين كلاجئين في عام 2015، فإن الطريقة العملية الوحيدة التي يمكن للاجئين من خلالها الحصول على الإقامة القانونية في البلاد هي إما إثبات قدومهم إلى لبنان قبل ذلك الموعد النهائي أو عن طريق العثور  على كفيل محلي.

 

و في الحالة الأخيرة، يجب على اللاجئين التنازل عن تسجيلهم لدى المفوضية، ولكن في الوقت نفسه لن يُسمح لهم من الناحية الفعلية إلا بالعمل في ثلاثة قطاعات، هي: الزراعة والبناء والصرف الصحي.

 

ومن يستطيع الحصول على كفيل عليه أن يدفع مبالغ تتراوح من 200 دولار إلى 1000 دولار، كما سيتوجب عليه دفع 200 دولار لتجديد تصريح إقامته كل عام.

 

وفي عام 2019، أصدر المجلس الأعلى للدفاع في لبنان سلسلة من الإجراءات التي تسمح بترحيل أي سوري، في حال ضبط  يعمل أو يعيش بشكل غير قانوني في لبنان.

 

 "الهروب إلى سوريا"

وقالت المشرفة على مخيم اللاجئين في عرسال، سردت برطاوي، إنه جرى تشخيصها مؤخرًا بسرطان البنكرياس المبكر، وبالتالي كان من المستحيل عليها الحصول على أي علاج في لبنان بسبب التكلفة العالية، ولذلك لم يكن أمامها سوى الدخول إلى سوريا خلسة لأن لأن زوجها انشق عن جيش النظام في بداية الأزمة في العام 2011.

 

وبعد أن تمكنت من علاجها نفسها عادت مرة أخرى إلى لبنان عبر طرق التهريب، مشيرة إلى أنها كانت محظوظة مقارنة بالكثير من اللاجئين السوريين الذين لا يستطيعون الحصول على علاج في لبنان وفي نفس الوقت لا يقدرون على العودة إلى بلادهم خوفا من اعتقالهم أو قتلهم.

 

من جانبها، قالت الباحثة المقيمة في بيروت بوحدة حقوق اللاجئين والمهاجرين بمنظمة هيومن رايتس ووتش، نادية هاردمان، إن الظروف التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان اليوم تشبه "الموت بألف جرح".

 

وأضافت: "هذا جنون بالنظر إلى حجم الأموال الإنسانية التي تصل إلى البلاد".

 

وكان لبنان قد تلقى 8.8 مليار دولار من المساعدات الدولية منذ عام 2011 لمساعدته على تحمل عبء استضافة اللاجئين السوريين، ولكن السلطات هناك قالت إنها استخدمت  جزءًا من هذه الأموال للتخفيف من تأثير الوجود السوري الكبير على الاقتصاد والخدمات والمؤسسات العامة. 

 

ولا يدخل في ذلك المبلغ مليارات الدولارات التي جمعتها وكالات الأمم المتحدة على مر السنين فيما يتعلق بالأزمة الإنسانية داخل سوريا وفي الدول المجاورة بما في ذلك لبنان، وذلك في وقت لا تزال وكالات الأمم المتحدة تخرج كل عام للتحذير من أن السوريين يواجهون خطر المجاعة ما لم يتم تقديم المزيد من المساعدات.