السبت 2021/10/02

“الكهرباء الذهبية”.. خدمة “VIP” تُدفع من جيب المواطن السوري

 

شيئاً فشيئاً تتحول حياة السوريين في مناطق سيطرة النظام، إلى ما يشبه "العصور الحجرية" مفتقدة لأبسط مقومات الحياة من مياه وكهرباء ومحروقات.

 

وعلى الرغم من الوعود التي اعتاد السوريون على تكذيبها، والتي أطلقها  وزير الكهرباء في حكومة النظام غسان الزامل بتحسن قريب في قطّاع وزارته، ما زال واقع الحال يناقض كلامه تماماً، وسط ارتفاع عدد ساعات انقطاع الكهرباء في جميع المحافظات السورية إلى أكثر من 20 ساعة قطع مقابل ساعتي وصل، وغالباً ما يكون الوصول ترددياً، فساعة الوصل يتخللها انقطاع في التيار كل خمس دقائق تحت حجّة الضغط على الشبكة الكهربائية.

 

الكهرباء الذهبية

ومع رواج لجوء البعض للطاقة الشمسية والبطاريات الأنبوبية التي تعمل على الشحن والتفريغ السريع، بدأ النظام بالتركيز على أصحاب المصانع والمعامل في سوريا بهدف الضغط عليهم للجوء إلى المشروع الحديث الذي أطلقته وزارة الكهرباء، وهو ما يسمى ب"خط الكهرباء الذهبي" أو الكهرباء ال"VIP".

 

ويقول صاحب أحد المصانع في محافظة حماة ل"المدن"، إن غرفة الصناعة في حماة قامت بجولات ميدانية منذ شهرين تقريباً على جميع المصانع والمعامل العاملة في المحافظة، ووقفت على إحتياجات هذه المعامل من المحروقات من أجل إستمرار عملها على مدار 24 ساعة، وعلى التكاليف التي يدفعها صاحب المعمل على المحروقات وشراء المازوت بسعر السوق السوداء، لتشغيل المولدّات الضخمة.

 

وبحسب الصناعي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، ظن أصحاب المعامل بأن النظام سيقوم بزيادة دعم المحروقات للمعامل وتخفيض سعر ليتر المازوت وكفاية احتياجاتهم لكسر أسعار السوق السوداء لاستمرار عجلة الصناعة والتجارة في سوريا، ولكن تبين أن تلك الدراسات كانت لمعرفة التكاليف التي تُدفع شهرياً ثمناً للمازوت والمحروقات لتشغيل المولدات، لإجبار تلك المعامل والمصانع على الإشتراك بالخطوط الكهربائية الذهبية بأسعار جديدة، حيث يتجاوز سعر الكيلوواط-ساعة ال600 ليرة سورية، أي ما يقارب عشرة أضعاف سعره الإعتيادي المتعارف عليه لدى التجار والصناعيين.

 

وفي الاجتماع الأخير الذي عقدته غرفتا الصناعة والتجارة التابعين لوزارة الصناعة في حكومة النظام مع التجار والصناعيين في حماة، كان الرد على سعر التكلفة الباهظ على سعر الكيلوواط، بأن الاشتراك بالخط الكهربائي الذهبي سيبقى أكثر توفيراً من شراء المحروقات في سبيل تشغيل المولدات وتشغيل تلك المعامل ل24 ساعة، مع وصول سعر ليتر المازوت في السوق السوداء إلى أكثر من 3500 ليرة سورية، وبأن النظام الآن سيُبقى هذا الأمر اختيارياً في الفترة الحالية، لكنه سيمنع الصناعيين من استخدامهم خطوط الكهرباء العادية التي تصل للمنازل في مطلع العام 2022.

 

ويضيف الصناعي السوري أن أكثر من 90 في المئة من الصناعيين رفضوا هذا الأمر، بسبب السعر الباهظ للكيلوواط، مع الإستهلاك المرتفع للكهرباء في مصانعهم ومعاملهم، فيما ذهب البعض إلى الاشتراك به، كمعامل الرخام والأحجار وبعض معامل الزيوت في الريف الشمالي والجنوبي لمدينة حماة. ويبلغ سعر الاشتراك الأولي في هذه الخدمة مليون ليرة سورية تدفع لمرة واحدة كبدل تركيب الخطوط وإيصالها إلى المعمل.

 

المواطن الضحية

يقول أبو هاني، وهو تاجر من مدينة حماة، إن هذه الخدمة الجديدة التي قالت حكومة النظام بأنها تصب في مصلحة الصناعة والتجارة في سوريا، ستعود سلباً على المواطن السوري جراء مزيد من ارتفاع سعر التكلفة على البضائع ذات التصنيع المحلي، لأن جميع التكاليف تصب في سعر البيع النهائي للمستهلك الذي بات يئن تحت وطأة ارتفاع الأسعار الجنوني فيما تبقى رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة، الذين يشكلون 70 في المئة من الشعب السوري، تحت سقف ال28 دولاراً أميركياً في الشهر.

 

ويتساءل أبو هاني عن قدرة النظام على تأمين التيار الكهربائي لهذه المصانع واستهلاكها الضخم للكهرباء، في ظل حديثه عن عدم وجود القدرة على تغذية المنازل والمحافظات بالتيار الكهربائي. ويستنتج أن لدى النظام الكميات الكافية من الغاز والكهرباء لتأمين ذلك و"لكنها عبارة عن وسائل ضغط على المواطن السوري لإجباره على شراء موارد الطاقة البديلة، التي يقوم أمراء الحرب المتعاملين معه، وآخرها الطاقة الشمسية، في صفقات تعود سنوياً بأرباح بالمليارات على النظام وآل الأسد".