الخميس 2020/09/03

” الشبكة السورية” توثق ما لا يقل عن 146 حالة اعتقال تعسفي في سوريا خلال آب

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنَّ ما لا يقل عن 146 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينهم أربعة أطفال قد تم توثيقها في آب 2020، مشيرة إلى توثيق حالات اعتقال بحق لاجئين عائدين من لبنان إلى سوريا، وأنَّ العودة ما زالت غير آمنة.

وأكد التقرير على أن قوات النظام لم تتوقف في شهر آب عن ملاحقة المواطنين السوريين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور والقانون الدولي، وأشار إلى أن الملاحقات والاعتقالات التعسفية طالت عدداً من المواطنين السوريين الذين تشردوا من المناطق التي أعاد النظام السيطرة عليها.

وأوضح التقرير أنَّ بعض تلك المناطق عقد اتفاقات تسوية قسرية مع نظام الأسد، وبيَّن التقرير أن الاعتقالات تركَّزت في محافظتي ريف دمشق ودرعا، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، وكان من بين المعتقلين عدد من الكوادر الطبية، الذين يفترض أن المجتمع السوري بأمسِّ الحاجة إليهم للمساهمة في مكافحة وباء كوفيد-19.

وأشار التقرير إلى تسجيل عمليات اعتقال بحق لاجئين عادوا من لبنان عبر أساليب غير نظامية، ووجهت إليهم تهم واسعة وغير دقيقة تتعلق بالإرهاب، إضافة إلى توثيق عمليات اعتقال عند انتقال المواطنين السوريين وسفرهم من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام باتجاه مناطق أخرى.

وأضاف التقرير أن بعض حوادث الاعتقال قد وقعت بحق أشخاص عاملين في مجال الصرافة وتحويل العملات، ورأى أن عمليات الاحتجاز هذه تهدف غالباً إلى الابتزاز المادي للحصول على مبالغ مالية طائلة من ذويه المعتقل مقابل الإفراج عنه.

أما على صعيد عمليات الإفراج فقد رصد التقرير إخلاء قوات النظام سبيل 24 شخصاً، من محافظات سورية مختلفة، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة له في محافظة دمشق، بعض المفرج عنهم كانوا عناصر سابقين في فصائل المعارضة المسلحة وكانوا قد أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في وقت سابق لاعتقالهم. وتراوحت مدة اعتقال المفرج عنهم ما بين ثلاثة أشهر وعامين اثنين بحسب التقرير.

وطبقاً للتقرير فقد استمرت "قسد" في سياسة الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري لنشطاء وأفراد من منظمات المجتمع المدني المعارضة لسياساتها أو المدنيين الذين تربطهم صلات قربى مع أشخاص في المعارضة ، كما شنت حملات دهم واعتقال جماعية للعديد من المدنيين بينهم أطفال بذريعة محاربة خلايا تنظيم الدولة، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظة دير الزور، ورصد التقرير في آب عمليات اعتقال ضدَّ أطفال؛ بهدف اقتيادهم للتجنيد القسري.

كما نفذت "قسد" عمليات اعتقال بحق عائلات عدة مستهدفة عدة أفراد من العائلة الواحدة بينهم مسنون، دون توجيه تهمٍ واضحة، واقتادتهم إلى جهة مجهولة.

أما "هيئة تحرير الشام" فقد أكد التقرير على أن شهر آب قد شهد عمليات اعتقال قامت بها الهيئة وشملت نشطاء في مؤسسات مجتمع مدني ومدنيين وإعلاميين ومحامين، حصلت معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، أو على خلفية مشاركتهم في تظاهرات مناهضة لها، وتمَّت بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة.

ووثَّق التقرير في آب ما لا يقل عن 146 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 4 طفلاً، تحول 115 منهم إلى مختفين قسرياً. كانت 58 حالة اعتقال على يد قوات النظام تحول 44 منهم إلى مختفين قسرياً. و36 على يد "قسد" بينهم 3 أطفال، تحول 32 منهم إلى مختفين قسرياً.

فيما سجَّل التقرير 21 حالة على يد "هيئة تحرير الشام" بينها 1 طفلاً، تحول 16 منهم إلى مختفين قسرياً.

واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي في آب بحسب المحافظات، حيث كان أكثرها في محافظة حلب ثم دير الزور تلتها إدلب.

وبحسب التقرير فإنَّ المحتجزين لدى قوات النظام يتعرضون لأساليب تعذيب غاية في الوحشية والسادية، ويحتجزون ضمن ظروف صحية شبه معدومة، وتفتقر لأدنى شروط السلامة الصحية، وقال التقرير إنَّ هذا تكتيك متبَّع من قبل النظام على نحو مقصود وواسع، بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، ثم يُهمل علاجهم بعدها على نحو مقصود أيضاً، وبالتالي يتألم المعتقل ويتعذب إلى أن يموت.

وحذّر التقرير من ازدياد خطورة الوضع مع انتشار جائحة كوفيد – 19، مُشيراً إلى أنَّه في ظلِّ ظروف الاعتقال الوحشية في مراكز الاحتجاز، المواتية والمؤهلة لانتشار فيروس كورونا المستجد، فإنَّ ذلك يُهدِّد حياة قرابة 130 ألف شخص لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى النظام بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

واعتبر التقرير أن قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة.

أكَّد التقرير أنَّ نظام الأسد لم يفي بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمرَّ في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل قرابة 65 % من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم، وفي حال سؤال العائلة تُنكر الأفرع الأمنية والسلطات وجود أبنائها، وربما يتعرَّض من يقوم بالسؤال لخطر الاعتقال.

وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، و2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، و2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حدٍّ للاختفاء القسري.

وقدم توصيات إلى كل من مجلس حقوق الإنسان، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI)، والآلية الدولية المحايدة المستقلة (IIIM).

كما طالب أطراف النزاع والقوى المسيطرة كافة بالتوقف فوراً عن عمليات الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري، والكشف عن مصير جميع المعتقلين/ المحتجزين والمختفين قسرياً، والسماح لأهلهم بزيارتهم فوراً، وتسليم جثث المعتقلين الذين قتلوا بسبب التعذيب إلى ذويهم. كما طالبها بالإفراج دون أي شرط عن جميع المعتقلين، الذين تم احتجازهم لمجرد ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، ونشر سجل يتضمن بيانات المحتجزين مع أسباب الاحتجاز وأماكنها والأحكام الصادرة.

وأكَّد التقرير على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير 99 ألف مختفٍ في سوريا، 85 % منهم لدى النظام والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بُدَّ منَ التَّصريح عن أماكن احتجازهم والسَّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصَّليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.

وشدَّد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنِّساء والتَّوقف عن اتخاذ الأُسَر والأصدقاء رهائنَ حرب، وطالب مسؤول ملف المعتقلين في مكتب المبعوث الأممي أن يُدرج قضية المعتقلين في اجتماعات جنيف المقبلة، فهي تهمُّ السوريين أكثر من قضايا بعيدة يمكن التَّباحث فيها لاحقاً بشكل تشاركي بين الأطراف بعد التوافق السياسي، كالدستور.