الأثنين 2021/05/03

السوريون غير مكترثين بانتخابات الأسد: مهزلة

لا تجد الانتخابات الرئاسية التي يتجهز النظام لإجرائها في 26 مايو/أيار الحالي، وفق دستور عام 2012، الاهتمام من السوريين في داخل البلاد، بل إن معطيات تشير إلى أنها لن تشهد إقبالاً، خاصة في العديد من المناطق خارج العاصمة السورية دمشق، حيث تعصف أزمات معيشية خانقة تحول دون التفاعل مع هذه الانتخابات.

 

ومن المرجح ألا تشهد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية من السكان، في جنوب سوريا، أي إقبال، في 26 من الشهر الحالي، على صناديق الاقتراع، في ظلّ مؤشرات على أن الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سورية، الشيخ حكمت الهجري، لديه تحفّظ على ترشيح بشار الأسد.

 

وكان رئيس جهاز الأمن العسكري التابع للنظام في جنوب البلاد، لؤي العلي، وجّه إهانة للشيخ الهجري في يناير/كانون الثاني الماضي، ما فجّر عضباً شعبياً في محافظة السويداء ولدى أبناء الطائفة الدرزية في البلاد، ما دفع النظام إلى الاعتذار منه. ويشكّل الدروز غالبية سكان محافظة السويداء، فضلاً عن انتشارهم في مناطق سورية عدة، منها حي جرمانا في العاصمة، وبلدة صحنايا جنوب دمشق، وفي الجولان السوري المحتل، وبعض القرى في محافظتي القنيطرة جنوب غربي سورية، وإدلب في الشمال الغربي.

 

من جانبه، أعرب الصحافي نورس عزيز (وهو من أبناء محافظة السويداء) في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنّ المشاركة في الانتخابات التي يتجهز لها النظام "ستقتصر على الموظفين المجبرين والشبيحة والأعضاء في حزب البعث"، في عموم محافظة السويداء. وأضاف: "بشكل عام، أصبح هناك وعي عند الناس بالمهزلة الانتخابية، لذلك لن تكون هناك مشاركة واسعة، ولكن كالعادة ستخرج النتائج بعدد هائل". ولفت إلى أنّ الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2014 "شهدت فرز أصوات بلغ عددها ضعف الذين يحق لهم التصويت أصلاً في المحافظة"، مضيفاً: "اللعبة باتت مكشوفة للجميع".

 

وحول موقف المرجعيات الدينية في محافظة السويداء من الانتخابات المقبلة، أوضح عزيز أنه "لم يصدر حتى اللحظة موقف واضح، سواء مؤيد لبشار الأسد أو معارض له"، مضيفاً: "العلاقة متوترة بين الشيخ الهجري والنظام، بسبب ضغط الأخير عليه لإصدار بيان ينفي فيه ما نُقل عنه عن رفضه ترشّح بشار الأسد". وأعرب عزيز عن اعتقاده بأنّ الشيخ الهجري "هو بالفعل ضدّ ترشح بشار الأسد في الانتخابات، ولكن هناك ضغوط كبيرة لكتم موقفه، ومحاولة إجباره على تبنّي موقف مؤيد للأسد". 

 

وغير بعيد عن محافظة السويداء، لا يبدو الوضع مختلفاً في محافظتي درعا والقنيطرة اللتين تشهدان حراكاً ضد الانتخابات الرئاسية، وضدّ بشار الأسد، الذي يريد تثبيت سلطته في البلاد لسبع سنوات مقبلة.

 

وفي السياق، رفض وجهاء بلدة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، منذ أيام، طلباً من الجانب الروسي لتنظيم مسيرة شعبية مؤيدة لبشار الأسد قبيل موعد الانتخابات. وكان النظام أبرم مع فصائل المعارضة السورية في درعا منتصف عام 2018 اتفاقات تسوية بإشراف من الجانب الروسي، ولكن النظام لم يلتزم بتعهداته في إطار هذه الاتفاقات، فواصل سياسات القمع والاعتقال والقتل تحت التعذيب في المعتقلات، هذا فضلاً عن تردي الحالة المعيشية في عموم المحافظة. وأصدرت العديد من بلدات وقرى محافظة درعا، أواخر الشهر الماضي، بياناً يؤكد رفض الانتخابات الرئاسية، وقالت إن هذا الرفض يأتي "حرصاً منا على الحفاظ على ثوابت الثورة السورية المباركة التي تهدف إلى إسقاط النظام الظالم بكل أشكاله، والتخلص من الرئيس الديكتاتوري قاتل الأطفال الذي ضرب الشعب بالكيميائي وقتل ملايين الأبرياء". ووصف البيان الانتخابات بـ"المهزلة"، متوعداً كل من "يطبل ويزمر للطاغية"، في ظل معطيات تشير إلى أنّ النظام لن يتمكّن من وضع صناديق اقتراع في أغلب مدن وبلدات محافظتي درعا والقنيطرة.

 

من جهته، أكد أبو محمود الحوراني، وهو الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" المعارض، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هناك رفضاً شعبياً كبيراً للانتخابات في محافظة درعا"، مضيفاً أنّ "هناك تهديدات واضحة لكل من يحاول الخروج بمسيرات مؤيدة للنظام ورأسه بشار الأسد". وقال الحوراني إنّ بعض القرى في المحافظة التي يسيطر عليها النظام بقبضته الأمنية "ربما تشهد انتخابات، لكن المحافظة بشكل عام ضد الانتخابات، ولن يُسمح للنظام بوضع صناديقه".

 

وإلى الآن، لم يصدر أي بيان رسمي عن الإدارة الذاتية ذات الطابع الكردي التابعة لمليشيا "قسد"، التي تدير الشمال الشرقي من سوريا أو ما يُعرف بمنطقة شرقي نهر الفرات، حيال الانتخابات الرئاسية التي تُقام وفق دستور عام 2012، الذي فُصّل على مقاس بشار الأسد وترفضه المعارضة السورية. ورفض مسؤولون في هذه الإدارة التعليق على هذه الانتخابات، أو تأكيد أو نفي الموافقة على نشر صناديق الاقتراع في المنطقة، وفي منطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي والواقعة غربي نهر الفرات، والخاضعة أيضاً لسلطة الإدارة الذاتية.