الثلاثاء 2021/11/23

“الحرية بآلاف الدولارات”.. تحقيق يكشف “مصالحات قسد” مع سجناء “داعش”

كشف تحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية تفاصيل عمليات “مصالحة” تقودها مليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع بعض سجناء تنظيم داعش المتوزعين في ثلاثة سجون شمال وشرق سورية.

 

وهذه “المصالحات” بحسب ما أورد التحقيق، الاثنين تكون ضمن معادلة من شقين، بما مفاده: “شراء الحرية مقابل دفع آلاف الدولارات”.

 

وبنت الصحيفة تحقيقها على وثائق وشهادات لرجلين من تنظيم داعش أفرج عنهم من جانب “قسد” مؤخراً، بعد دفعهم لمبالغ مالية تزيد عن 6000 جنيه إسترليني.

 

وتظهر نسخة من استمارة الإفراج أن الرجال السوريين المسجونين دون محاكمة يمكنهم دفع غرامة قدرها 8000 دولار (6000 جنيه إسترليني) ليتم إطلاق سراحهم.

 

وكجزء من الصفقة، يوقع الأسرى المفرج عنهم إعلاناً يتعهدون فيه بعدم الانضمام إلى أي تنظيمات مسلحة، وترك أجزاء من شمال وشرق سورية، والخاضعة تحت سيطرة “قسد”.

 

وعند إطلاق سراحهما، تم لم شمل الرجلين اللذين التقتهما “الغارديان” (كلاهما قاتل مع داعش حتى انهيار ما يسمى بالخلافة في مارس 2019) بزوجتيهما وأطفالهما، الذين تم إطلاق سراحهم أيضاً من مخيم الهول.

 

وأشار التحقيق إلى أن العائلات انتقلت بعد ذلك إلى محافظة إدلب في شمال غربي البلاد.

 

ويقول أحد المفرج عنهم إنه “لم يقتنع أبداً بأيديولوجية داعش”، والآخر أنه “انجذب في البداية إلى المكون الديني لكنه لم يدرك أن الجماعة ستنمو لتصبح عنيفة جداً”.

 

ولا يُعرف عدد الرجال الذين تمكنوا من “شراء حريتهم بهذه الطريقة”، بحسب الصحيفة البريطانية.

 

لكن الرجلين المفرج عنهما قدّرا أن 10 أشخاص على الأقل يعرفونهما منذ فترة وجودهم في سجن الحسكة قد غادروا بنفس الطريقة منذ تنفيذ مخطط المصالحة في عام 2019.

 

ويُحتجز حوالي 8000 رجل سوري وعراقي متهمين بالانتماء إلى تنظيم داعش، و2000 أجنبي آخر في ثلاثة سجون مكتظة تديرها “قسد” في شرق سورية.

 

وكانت “قسد” قد دفعت شركائها الغربيين إلى إنشاء نظام محاكم معترف به دولياً لتخفيف الضغط على سجونها.

 

وفي بعض الأحيان أجرت “صفقات مصالحة” مع زعماء القبائل الذين يؤكدون أن السجناء ليسوا متطرفين وسيعودون إلى عائلاتهم.

 

ونفى المتحدث باسم “قسد”، فرهاد شامي أن تكون الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة الغارديان، والتي قال المفرج عنهم إنهم وقعوا عليها “وثيقة رسمية”، قائلاً إنه لا توجد مثل هذه الممارسة.

 

وسبق لـ”قسد” أن أفرجت، خلال العامين الماضيين عن بعض السجناء الذين كانوا على صلة بتنظيم “الدولة” من خلال “المصالحة القبلية”.

 

وهذه المصالحة أعلن عنها بأنها تشمل “فقط من لم تتلطخ بدماء المدنيين الأبرياء، ولم يرتكبوا أي جرائم، أو إما موظفين في مكاتب يديرها داعش أو أجبروا على الانضمام”.

 

وتشكل عمليات الإفراج “خطراً أمنياً كبيراً” داخل سورية وخارجها، وتزيد من احتمالية عدم مواجهة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم جسيمة للعدالة الحقيقية.

 

وكان “أبو جعفر”، الذي أُطلق سراحه في آذار (مارس) الماضي ضابط أمن في الرقة التي سيطر عليها التنظيم لعدة سنوات، حيث كان يعمل في فرع يشتهر بمعاقبة وإعدام السكان المحليين.

 

بالإضافة إلى الغرامة البالغة 8000 دولار، دفع “أبو جعفر”، بحسب الغارديان 22 ألف دولار أخرى كرشاوى للعديد من مسؤولي “قسد”.

 

وادعى في سياق حديثه للصحيفة أنه انضم إلى التنظيم “فقط لكسب المال”.

 

أما “أبو محمد” الذي ينحدر من مدينة دير الزور كانت “قسد” قد اعتقلته في أثناء معارك السيطرة على منطقة الباغوز، عام 2019.

 

وأضاف: “لم تكن عملية الإفراج سهلة، ولكن بعد الاتصال بالعديد من قادة قوات سوريا الديمقراطية تمكنت عائلتي من إخراجي من السجن بعد دفع رشاوى بقيمة 14000 دولار بالإضافة إلى 8000 دولار رسمياً لقسم المالية العامة”.