الأثنين 2022/02/21

التوتر الروسي-الأميركي يتسلل إلى سوريا: ساحة مفتوحة للمناورات العسكرية

ينعكس التوتر والتصعيد بين روسيا والغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، حول أوكرانيا، على سورية التي تحوّل قسم كبير من جغرافيتها إلى منطقة نفوذ روسي بلا منافس، تتخذ منها موسكو ميداناً لإيصال الرسائل المختلفة وفي كل الاتجاهات.

 

وقد اقتربت الطائرات الروسية، أمس الأحد، من منطقة التنف في المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، والتي تضم أكبر قواعد التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده واشنطن، وفق فصيل "مغاوير الثورة" المعارض والعامل في نطاق القاعدة.

 

ويأتي ذلك بعدما بدأت القوات الروسية، أول من أمس السبت، مناورات عسكرية بمشاركة طائرات حربية في عدة قرى تقع إلى الشمال من نهر الفرات في ريف دير الزور، شرقي سورية، وفق مصادر محلية، أشارت إلى أن المناورات أجريت بالذخيرة الحية بمشاركة سلاح المدفعية.

 

ولا تبعد هذه القرى التي تسيطر عليها المليشيات الإيرانية سوى عدة كيلومترات عن أكبر القواعد الأميركية في شرق الفرات، وهي قاعدة "العمر" ضمن حقل نفطي شهير يحمل الاسم ذاته. وتتخذ المليشيات الإيرانية من هذه القرى منصات إطلاق صواريخ وقذائف هاون ضد القاعدة بين وقت وآخر.

 

وتتزامن هذه المناورات مع تدريبات تجريها القوات الروسية في قاعدة حميميم بريف اللاذقية، غربي سورية، وقد تخللها أخيراً استخدام صواريخ "كينجال" الأسرع من الصوت للمرة الأولى في سورية.

 

وقد أكدت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، أول من أمس السبت، أن طيارين روساً اختبروا في الأيام الأخيرة صواريخ "كينجال" في سورية، حيث حلقت طائرات من طراز "ميغ -31 كا" مزودة بتلك الصواريخ فوق البحر الأبيض المتوسط للمرة الأولى.

 

وأضافت أن طائرات متوسطة المدى مضادة للغواصات من طراز "IL-38" ومجموعة تغطية من مقاتلات "سو-35" و"سو-30 أس أم"، حلقت أيضاً في أجواء البحر الأبيض المتوسط.

 

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حضر، الثلاثاء الماضي، تدريبات واسعة النطاق أجراها الجيش الروسي على الساحل السوري، الذي بات منطقة نفوذ روسي بلا منافس.

 

وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن مقاتلات "ميغ -31 كا" تحمل صواريخ "كينجال" المضادة لحاملات الطائرات، وقاذفات "تو-22 أم"، وصلت إلى قاعدة حميميم في سورية في إطار التدريبات البحرية.

 

وأضافت أنه "تم نشر هذه القاذفات في حميميم على خلفية وجود مجموعات جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي في منطقة البحر المتوسط، وستشارك في التدريبات البحرية الروسية في الجزء الشرقي من المتوسط".

 

وللجانب الروسي أكثر من قاعدة في الساحل، أبرزها قاعدة حميميم التي تضم مقر قيادة القوات الروسية في سورية، ويوجد فيها ما يسمّى بـ"مركز المصالحة الروسي"، وغرفة العمليات الرئيسية التي تُدار منها الأعمال القتالية الروسية في سورية.

 

وفي مقابل التحركات العسكرية الروسية، يتحرك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هو الآخر في شمال شرق سورية، والذي يعد جانب منه في ريفي دير الزور والحسكة منطقة نفوذ غربي.

 

وأجرى التحالف، يوم الجمعة الماضي، مناورات مشتركة مع مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، الخاضع لهذه القوات ويقع ضمن ما يسمى بـ"منطقة شرقي الفرات".

 

وذكرت تقارير إعلامية أنه شاركت في المناورات عربات مدرعة وعشرات الجنود الأميركيين الذين يدربون عناصر "قسد" على استخدام المدفعية وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات. إلى ذلك، نشر الجيش الأميركي، خلال اليومين الأخيرين، مزيداً من مركبات "برادلي" القتالية في شمال شرق سورية.

 

ومن المتوقع أن يشهد ريف دير الزور الشرقي تصعيداً عسكرياً في حال اندلاع حرب واسعة النطاق في أوكرانيا، في سياق الضغط الروسي على الجانب الغربي.

 

وقد يدفع الجانب الروسي مليشيات إيرانية، تسيطر فعلياً على مجمل محافظة دير الزور، لقصف القوات الأميركية الموجودة شمال نهر الفرات حول العديد من حقول وآبار النفط في شرق وشمال شرق سورية.

 

وفي السياق، قال العميد فاتح حسون، وهو قيادي في فصائل المعارضة السورية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الملف الأوكراني من أخطر الملفات المؤثرة بتداعياتها الدولية على الملف السوري".

 

وأضاف "ربطت روسيا بين الملفين (السوري والأوكراني) عندما أرسلت، الثلاثاء، وزير دفاعها إلى قاعدة حميميم لتكريم طياريها المشاركين بحرب إبادة الشعب السوري، في الوقت الذي تقرع فيه طبول الحرب على حدود أوكرانيا".

 

وأعرب عن اعتقاده بأن ذلك "رسالة تعني أنه سيكون مصير الشعب الأوكراني كمصير الشعب السوري إن لم تتحقق مصالح روسيا في أوكرانيا".

 

وأشار حسون إلى أنه "تواصلنا مع جهات غربية طالبين منهم الضغط على روسيا بالملف السوري، وتقديم الدعم اللازم للثوار لمواجهة روسيا على الأراضي السورية".

 

وأوضح أن "أكثر ما يقلق السوريين هو أن ترضخ روسيا للدول الغربية، وتكون جائزتها زيادة نفوذ سياسي واقتصادي في حوض البحر المتوسط، وتسليمها الملف السوري برمته".

 

من جانبه، رأى مدير مركز "الشرق نيوز" (موقع إخباري ومركز دراسات سوري) فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سورية "لن تكون ساحة مواجهة بين الغرب والروس، إلا إذا نشبت حرب عالمية".

 

وأضاف أن "هناك عدة قوى فاعلة في الملف السوري غير الروس والأميركيين، مثل تركيا وإيران". واعتبر أن القوات الروسية الموجودة في سورية "غير قادرة على خوض معركة ضد الغرب"، مشيراً إلى أن "قاعدة إنجرليك التابعة لحلف شمال الأطلسي تقع في جنوب تركيا غير بعيد عن قاعدة حميميم".

 

ولفت علاوي إلى أن "سورية ملف عالق بين موسكو والغرب، وفي حال وُضعت كل الملفات على الطاولة، فسيكون هذا الملف حاضراً بالتأكيد".