الأربعاء 2020/11/11

إفشال خطة لنظام الأسد للالتفاف على العقوبات

عُرفت الغرفة الاقتصادية الضيقة في سوريا، بعلاقتها الوطيدة برجال أعمال لبنانيين وشركات مختلفة على مدى سنوات طويلة، ولكنها بدأت بالظهور إلى العلن منذ عامين تقريباً، في إطار حملة إعادة الإعمار في سوريا، إذ حاول نظام الأسد تفادي الوقوع في آثار العقوبات الاقتصادية، إلا أنّ مساعيه لم تكلل بالنجاح مع إصرار واشنطن على حظر كل أجنبي يتعامل مع دمشق.

ودخل قانون "قيصر"، الذي أقره الكونغرس الأميركي، حيز التنفيذ شهر يونيو حزيران الماضي، لتبدأ العقوبات على نظام الأسد ومن يدعمه من حلفائه، كان آخرها إدراج الخزانة الأميركية، الأسبوع الجاري، كلاً من اللبنانين كمال عماد الدين المدني، وطارق عماد الدين المدني، بصفتهما من مؤسسي شركة "ساليزار" النفطية على قائمة العقوبات.

كمال وطارق، الأول من مواليد 1980، والثاني من مواليد عام 1984، وهما من مؤسسي شركة "سليزار" التي أبرمت اتفاقات نفطية مع نظام الأسد، الأول هو المدير العام ورئيس مجلس الإدارة والمفوض بالتوقيع بحصة 25 في المئة من الشركة، وطارق مساعد المدير العام للشركة، وعضو مجلس الإدارة، والمفوض بالتوقيع بحصة 25 في المئة في الشركة.

والأمر، وفق بيان الخزانة الأميركية، بثمانية أفراد و11 كياناً، بما في ذلك شركات تنشط في قطاع النفط.

تسجيل بعد منتصف الليل:

وتمتلك "ساليزار"، حصة ملكية مشتركة بنسبة 85 في المئة في مشروعين مشتركين مع وزارة البترول والثروة المعدنية السورية والمؤسسة السورية للتكرير والتوزيع (PERD) لإنشاء مصفاتي نفط جديدتين في سوريا.

ووفقاً لبيانات السجل التجاري اللبناني، تعتبر شركة "ساليزار" عائلية، نوعها محدودة المسؤولية، وجميع شركاؤها من الكنية نفسها (عماد الدين المدني)، سجّلت بتاريخ 12 أبريل نيسان 2018، عند الساعة 12 بعد منتصف الليل (إجراء غير معتاد قانوناً).

شركة نفطية موضوعها التجارة والمقاولات:

وبحسب الملف الرسمي للشركة، فأنّ موضوع عملها يتمحور حول " التجارة العامة والاستيراد والتصدير والعمولة والسمسرة و"الكوميسيون" والتسويق والترويج وتأسيس وإدارة المصانع على أنواعها والنقل والشحن البحري والبري و جميع أعمال تجارة العقارات و البناء"، بحسب ملفها الرسمي.

الشركة التي تختص بأعمال النفط في سوريا على خلاف موضوعها، لم يرد في سجلها الرسمي، أي قيود أو عقود واتفاقيات، حسب ما هو ظاهر في جدولها المنشور على موقع السجل التجاري اللبناني.

ولا تعتبر "ساليزار" الوحيدة، إذ عمل نظام الأسد إلى الاعتماد على شركات لبنانية، لشركاء لبنانيين في الغالب، لكي يلتفّ على العقوبات الأميركية، الذي كان عالماً بخطرها على اقتصاده الفاسد، بحسب مصادر قانونية، لموقع "الحرة" الأميركي.

وأضافت المصادر أنّه "تم تأسيس حوالى 13 شركة موضوعها الإعمار والمقاولات في السجلات التجارية اللبنانية خلال العامين السابقين، منها على سبيل المثال لا الحصر "أي أف للمقاولات"، موضحاً أنّ "الهدف من ذلك أولاً السماح للمستثمرين الدولين الدخول إلى خط إعادة الإعمار دون تعريضهم لخطر العقوبات".

كما كشف تحقيق لشبكة "ليفانت"، نشر مؤخراً، عن امتلاك عضو برلمان الأسد، صبحي عباش، حصصاً في كل من شركتي "الاتحاد للبترول ش.م.ل" و"أويل ستريم أوفشور ش.م.ل"، وموضوعهما القيام بأعمال نفط.

"الاقتصاد بدلاً من التدخل العسكري":

وفي ظل استمرار العقوبات الاقتصادية التي تتوالى على شخصيات معنوية ومادية أجنبية، داعمة للأسد، أوضح الباحث في معهد دراسات القيادة الاستراتيجية في جامعة جايمس الأميركية، جلال مقابلة، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "الولايات المتحدة تستخدم طرقاً عديدة للضغط على الأنظمة التي تعتبرها معادية لها".

وقال إنّ "الإدارة الأميركية حرصت على عدم الانزلاق عسكرياً في الأزمة السورية".

واعتبر الباحث في المعهد الأميركي أنّ "سياسة العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد هي أقصى ما يمكن استخدامه، من خلال فرض العقوبات على أفراد وكيانات يعتقد أن لهم علاقة اقتصادية مع نظام الأسد".

وقال: "عند تحديد الجهات التي تفرض عليها العقوبات الاقتصادية يصبح من العملي تسليط الضوء على هذه الجهات ومراقبة تحركاتها بشكل أفضل وبالتالي قطع قنوات الدعم التي تحصل عليها هذه الجهات للعمل على دعم نظام الأسد"، لافتاً إلى أنّ "التحدي الوحيد في مسألة العقوبات الاقتصادية هو أنها تحتاج إلى زمن أطول للحصول على نتائج إذا ما قورنت بالقوة العسكرية".