الثلاثاء 2022/05/17

إدخال المساعدات إلى الشمال السوري: الغرب يتحسب لعرقلة روسية

يقترب موعد تصويت مجلس الأمن الدولي على تجديد آليات إدخال المساعدات الإنسانية الدولية إلى شمال غربي سورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو ما استدعى تحركاً غربياً مبكراً للبحث عن بدائل في حال عرقلة روسيا لهذه الآلية التي تنتهي في يوليو/تموز المقبل.

 

وزار وفد من الاتحاد الأوروبي أمس الإثنين معبر باب الهوى الحدودي بين سورية وتركيا، وذلك بعد لقائه عدداً من الشخصيات التركية في جنوب تركيا.

 

وجاءت زيارة الوفد الأوروبي بعد أيام من زيارة مماثلة قامت بها السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، والتي قالت قبيل الزيارة إن "الوضع الإنساني الخطير الذي يواجهه ملايين السوريين يظل أولوية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة". وأكدت أنه "يتعيّن على مجلس الأمن إعادة التصريح وتمديد التفويض الذي يسمح بدخول المواد الغذائية المهمة والمياه النظيفة والتطعيمات والأدوية والاستمرار بالتدفق إلى سورية".

 

مخاوف من ابتزاز روسي في سورية

وينتهي في 10 يوليو/تموز المقبل تفويض مجلس الأمن رقم 2585، الذي يقضي بتمديد المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود من معبر باب الهوى شمال غربي سورية لمدة 12 شهراً.

 

ويتعيّن على مجلس الأمن التصويت مجدداً على تجديد هذه الآلية والمعمول بها منذ عام 2014، وهو ما يشكل فرصة للطرفين الروسي والصيني لاستخدام حق النقض لتعطيل هذه الآلية. وتريد موسكو أن يكون دخول المساعدات تحت إشراف حكومة النظام ، وتطالب بأن تنظم الأخيرة عملية عبور الدعم والإغاثة من أراض يسيطر عليها النظام.

 

ومن المتوقع أن تعاود موسكو البحث عن مكاسب سياسية واقتصادية للنظام مقابل التصويت مع تجديد آلية ادخال المساعدات. ولطالما طالبت موسكو بفتح كل المعابر بين مناطق النظام ومناطق المعارضة في شمال سورية في محاولة لإنعاش اقتصاد النظام الذي يعاني من أزمات خانقة.

 

وكانت المساعدات تدخل إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من أربعة منافذ حدودية، قبل أن يتم تقليص هذه المعابر إلى واحد فقط عبر تركيا (باب الهوى) العام قبل الماضي، وذلك بسبب معارضة روسيا والصين تجديد التفويض عبر المنافذ الأربعة.

 

وتخدم هذه الآلية أكثر من 4 ملايين مدني في الشمال الغربي من سورية يعيشون في ظروف تكاد تصل إلى حدود الكارثة. وينص تفويض مجلس الأمن الدولي على دخول قوافل المساعدات أيضاً عبر خطوط التماس من مناطق سيطرة النظام، إلا أن الأخير لم يلتزم بتعهداته بشكل كامل.

 

وذكر فريق "منسقو الاستجابة" في شمال غربي سورية أمس الاثنين، أن برنامج الأغذية العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة "سيُدخل الإثنين مساعدات إنسانية إلى شمال غربي سورية عبر خطوط التماس مع النظام"، مشيراً إلى أن "الشحنة تضم مواد غذائية فقط".

 

وأوضح أنها الرابعة منذ بدء تطبيق القرار الأممي 2585، مضيفاً: "لا يمكن مقارنتها بالمساعدات القادمة عبر الحدود والتي تجاوزت حتى 16 مايو/أيار أكثر من 12000 شاحنة".

 

وأبدى الفريق استغرابه من "إصرار الوكالات الدولية الإنسانية على دخول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس"، مشدداً على أن هذه الآلية "لا يمكنها أن تكون بديلاً عن المساعدات عبر الحدود".

 

وطالب الفريق بمنع هذه الآلية وعدم التساهل في هذا الصدد "لمنع روسيا من احتكار القرار الإنساني في سورية". وحذر من "خطورة إغلاق المعابر الحدودية مع تركيا وذلك بسبب الأوضاع الإنسانية في المنطقة وما يترتب عليها من ارتفاع كبير في أسعار المواد والسلع الغذائية وعجز السكان المدنيين على تأمين احتياجاتهم بشكل كامل"، وفق بيان.

 

وتعهدت عدة دول بتقديم 6.4 مليارات يورو (نحو 6.7 مليارات دولار) لسورية وجيرانها، خلال مؤتمر للمانحين عُقد أخيراً في العاصمة البلجيكية بروكسل، وضم ممثلين عن 55 دولة و22 منظمة دولية، لكنه استبعد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا. هذا الأمر يثير مخاوف من انتقام روسي في مجلس الأمن الدولي بتعطيل آليات إدخال المساعدات الدولية عبر معبر باب الهوى الخارج عن سيطرة النظام.

 

وكان فريق "منسقو الاستجابة" قد ذكر أثناء انعقاد المؤتمر أن المبالغ التي أعلن عنها المانحون "صادمة ومخيبة للآمال"، مشيراً إلى أن أكثر من 650 مخيماً للنازحين غير مخدم بالمياه الصالحة للشرب، وأن أكثر من 800 مخيم لا تحصل على مساعدات غذائية منتظمة.

 

كما أوضح أن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية زاد بأكثر من 1.2 مليون سوري مقارنة بالعام الماضي، وأنه يوجد أكثر من 400 مدرسة تعمل بشكل تطوعي، وتضم أكثر من 6500 معلم يعملون بشكل تطوعي من دون أجور.

 

حلول أمام المجتمع الدولي لإدخال المساعدات لسورية

وفي السياق، أكد محمد نجار، وهو مدير منظمة "سداد" التي تنشط في المجال الإنساني شمال سورية، أنه "ستكون هناك آثار سلبية على نحو 5 ملايين مدني في حال تم استخدام حق الفيتو من قبل روسيا ضد تمديد إيصال المساعدات الإنسانية للشمال السوري".

 

ولكنه بيّن في حديث مع "العربي الجديد" أن هناك العديد من الحلول أمام المجتمع الدولي لإيصال المساعدات للمستحقين، منها "إنشاء صندوق للتمويل الإنساني خاص بسورية نيابة عن صندوق التمويل الحالي".

 

وتابع: "يمكن البدء بإنشاء منصات أو كتل تنسيق فرعية في تركيا والشمال السوري تكون بإدارة سورية، وتحويل التمويلات من المساعدات الغذائية إلى الدعم النقدي أو القسائم أو العمل مقابل النقد أو عن طريق المشاريع المولدة للدخل بإشراف قطاع التعافي المبكر". ومن الحلول الأخرى، أوضح نجار، "تفعيل دور منظمات المجتمع المدني المحلية وزيادة التنسيق مع المنظمات الدولية لتفعيل وزيادة المساهمات النقدية".

 

إلى ذلك، أشار الباحث الاقتصادي خالد تركاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الدول الغربية "حريصة على دخول المساعدات إلى الشمال الغربي من سورية"، موضحاً أنه في حالة استخدام الروس حق النقض في مجلس الأمن الدولي لإيقاف تدفق المساعدات عبر باب الهوى فأمام المجتمع الدولي خيارات أخرى.

 

وأضاف: "إما الاعتماد على المنافذ الحدودية التي فتحتها تركيا مع الشمال السوري لإدخال المساعدات عبر منظمات دولية غير تابعة للأمم المتحدة، أو الاعتماد على المعابر مع الجانب العراقي والتي تسيطر عليها (قسد)".

 

ورجح تركاوي أن "تطرأ تغيّرات في حال عدم تجديد آلية إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة، منها المنظمات التي توصل هذه المساعدات وأنواعها"، مضيفاً: "ربما تصبح هذه المساعدات عينية وتتوجه نحو قطاعات مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية، وربما يتم التعامل مع المجالس المحلية في الشمال السوري بشكل مباشر".