الثلاثاء 2021/02/16

إحدى قنوات تمويل النظام.. انتعاش سوق السيارات المهربة من لبنان إلى سوريا

يزداد انتشار سيارات ما يُسمى "وارد لبنان" في سوريا بشكل متواتر، والتي تدخل إليها بشكل غير شرعي، عبر منافذ حدودية غير رسمية، برعاية من قبل مليشيا "حزب الله" اللبناني، الداعم لنظام بشار الأسد، الأمر الذي أصبح يشكل إحدى قنوات تمويل الحزب والنظام.

 

ويمكن لمن يزور ريف حمص الغربي أن يشاهد العديد من السيارات، التي تحمل لوحات لبنانية منها التي تسلك طريق طرطوس اللاذقية، وأخرى تسلك طريق دمشق، واللافت في تلك السيارات أنها تمر على حواجز النظام بكل يسر عبر ما يسمى الخط العسكري.

 

وقال بائع سيارات من الفئة التي تسمى "وارد لبنان"، طلب عدم الكشف عن هويته، إن "أعدادا كبيرة من السيارات اللبنانية تصل إلى سوريا، وتباع بأقل من نصف ثمن مثيلاتها في السوق، الأمر الذي يغري شريحة من السوريين لاقتنائها"، لافتا إلى أن "ثمن السيارات يتراوح وسطيا ما بين ألفي دولار و8 آلاف دولار، وهناك سيارات أغلى لكن غير منتشرة بحسب نوعها وسنة صنعها وتوفر أوراق السيارة معها، وهذا مؤشر على أنها غير مسروقة، الأمر الذي يرفع من سعرها".

 

وأضاف: "هناك أشخاص لديهم أقارب أو أصدقاء في لبنان يقومون بشراء سيارة لهم في لبنان، ويتم نقلها عبر ذات الشبكة التي توصل السيارات، وتتراوح التكلفة ما بين 700 و1500 دولار، وذلك أيضا بحسب نوع السيارة وسنة صنعها".

 

ولفت إلى أن "لكل منطقة طريقة في تسوية وضع تلك السيارات، فغالبا في اللاذقية وطرطوس وحمص ودمشق وغيرها من مناطق سيطرة النظام، يتم تأمين لوحة ومهمة أمنية من أحد الأجهزة الأمنية أو المليشيات الموالية لها، وهناك من يحصل على تلك اللوحات من الحرس الجمهوري، مقابل مبلغ يدفع بشكل سنوي، يتراوح ما بين 500 ألف ومليوني ليرة سورية" (الدولار الواحد = نحو 3300 ليرة). ويأتي ذلك في الوقت الذي لم تؤكد فيه مصادر محايدة مشاركة مليشيا "حزب الله" في عمليات تهريب السيارات إلى داخل سوريا.

 

وقد أصبح اقتناء سيارة حلماً بعيد المنال بالنسبة لغالبية المواطنين السوريين مقارنة بدخلهم، فالسيارات الصينية الصغيرة رخيصة الثمن متوسط سعرها يصل إلى نحو 10 ملايين ليرة، في حين متوسط أسعار السيارات المتوسطة مثل الكيا ورينو ما بين 25 و35 مليون ليرة، أما السيارات الفاخرة فيصبح الحديث حينها عن مئات ملايين الليرات ثمن الواحدة منها.

 

ويبدو، في محافظة السويداء جنوب سوريا، شكل التعاطي مع تلك السيارات مختلفا، بسبب محدودية سلطة الأمن فيها، حيث تجد أن هناك معارض خاصة لبيع تلك السيارات بشكل علني، إضافة إلى وجود صفحات ومجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة موقع "فيسبوك"، مختصة بعرض تلك السيارات ومواصفاتها وسعرها، وأرقام الاتصال مع مصدر البيع، حسب مأمون.ح، وهو سمسار لبيع السيارات في السويداء، طلب عدم ذكر شهرته.

 

وأضاف في حديث مع موقع "العربي الجديد": "تدخل هذه الأيام قرابة 20 سيارة إلى السويداء قادمة من لبنان يوميا، من مختلف الأنواع"، مؤكدا أن "المصدر واحد وهو مجموعة تعمل مع حزب الله، وتأتي عبر منافذ غير رسمية على الحدود السورية اللبنانية، وهي ذاتها التي يتم تهريب الأشخاص عبرها". ولفت إلى أن "غالبية السيارات القادمة من لبنان توضع عليها لوحات سيارات منسقة أو قديمة، فقد تجد سيارة نوع همر عليها لوحة تعود لسيارة لانسر من ثمانينيات القرن الماضي، أو أن يتم وضع لوحة مزورة بالكامل مصنعة محليا".

 

من جانبه، قال الناشط معتصم معروف، من السويداء، إن "احتكار إدخال آلاف السيارات اللبنانية إلى سوريا من قبل "حزب الله"، مستخدما أدوات سورية مرتبطة به، وإصرارهم على التعامل بالدولار، بذريعة أن سعر صرف الليرة السورية غير مستقر، يشكل إحدى قنوات التمويل له، وخاصة أننا نتحدث عن أكثر من 3 آلاف سيارة لبنانية في السويداء وحدها، فلكم أن تتصوروا عدد السيارات في مختلف المناطق السورية".

 

واعتبر أن "النظام شريك في هذا الملف، عبر الإتاوات التي يتقاضاها لتصل السيارات إلى مقصدها، وبيع اللوحات والمهام الأمنية لجزء كبير من هذه السيارات، كما أن هذه السيارات تستهلك كثيراً من الوقود في السوق السوداء، التي يديرها المتنفذون في النظام، إضافة إلى أن جزءا من تلك السيارات يدخلها النظام بشكل غير شرعي، لتتم مصادرتها وبيعها عبر ما يسمى مزادات علنية، بمليارات الليرات، من قبل تجار الحرب، وبالتالي يؤمن النظام نوعاً من أنواع الدعم بطريقة شبه شرعية".

 

يشار إلى أن النظام منع استيراد السيارات الجديدة منذ عام 2013. لكن بالرغم من ذلك تجد في معارض بيع السيارات وشوارعها، سيارات موديل 2020، في حين سجلت أسعار السيارات ارتفاعات كبيرة، متأثرة بقرار منع الاستيراد، وتهاوي قيمة الليرة.