الخميس 2021/12/23

“أستانة 17” حول سوريا: الثلاثي الضامن يستنسخ بياناته

لم يخرج البيان الختامي للجولة 17 من مسار أستانة، الخاص بالقضية السورية، عن نطاق بيانات الجولات السابقة، إذ تضمن العبارات نفسها التي تدعو إلى "الالتزام بوحدة سورية واستقلالها ومحاربة الإرهاب"، ما يؤكد أن جولات هذا المسار لم تقدم حلولاً جادة، بل تحولت إلى لقاءات لها طابع إعلامي بين الثلاثي الضامن؛ روسيا وتركيا وإيران، لا أكثر.

 

وكانت قد بدأت أول من أمس الثلاثاء، في العاصمة الكازاخية نور سلطان، أعمال الجولة 17 من مسار أستانة التفاوضي حول سورية، بمشاركة وفود من الدول الثلاث الضامنة لتفاهمات هذا المسار (إيران وروسيا وتركيا)، إضافة إلى النظام والمعارضة السورية والأمم المتحدة، ودول مشاركة بصفة مراقب، وهي لبنان والعراق والأردن، وممثلي منظمات دولية.

 

لا جديد في جولة "أستانة 17"

وكرر الثلاثي الضامن لتفاهمات مسار أستانة، الذي كان بدأ مطلع عام 2017، في بيان أمس الأربعاء، التأكيد على التزامه "القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، ومواصلة العمل المشترك لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومسمياته في سورية، ورفض الأجندات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادتها وسلامتها الإقليمية".

 

كما أكد البيان "زيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين من دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة". وأشار إلى أن الدول الضامنة لتفاهمات مسار أستانة "بحثت بشكل مفصّل الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب وأكدت ضرورة التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات بشأنها"، وهو ما يعني بقاء الوضع كما هو عليه في الشمال الغربي من سورية؛ أي حالة اللا حرب واللا سلم.

 

ويبدو أن تركيا وروسيا لم تردما هوة الخلاف حول مستقبل محافظة إدلب الخاضعة حتى اللحظة لتفاهمات بين الدولتين أبرمت في مارس/ آذار من العام الفائت، وتدعو إلى استعادة الحركة على الطريق الدولي حلب اللاذقية "أم 4"، وهو ما لم يتحقق بسبب تعقيدات ميدانية في المنطقة التي تضم تنظيمات ومجموعات متشددة.

 

وفي ما يتعلق بالعملية السياسية التي تراوح في مكانها، أكدت الدول الضامنة دعمها لـ "اللجنة الدستورية" المشكّلة من النظام والمعارضة والمجتمع المدني (معارضة وموالاة)، ولكن من دون إشارة واضحة إلى موعد الجولة السابعة من اجتماعات هذه اللجنة في جنيف.

 

ويعتبر النظام وضع دستور جديد مدخلاً واسعاً لتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تدعو إلى انتقال سياسي في حال حدوثه سيكون مقدمة لتلاشي النظام بصورته الراهنة.

 

من جهته، قال المبعوث الرئاسي الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، أمس الأربعاء، إن الثلاثي الضامن اتفق خلال جولة "أستانة 17"، على "القضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية"، داعياً "المجتمع الدولي وخاصة الدول الغربية، إلى المساهمة بعملية إعادة الإعمار في سورية ودعم عودة اللاجئين إلى وطنهم".

 

تثبيت خريطة السيطرة الحالية

في السياق، رأى الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري"، أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا جديد أبداً في بيان أستانة 17"، معتبراً أنه "لن يترتب عليه أي شي، فهو تكرار لبيانات الجولات السابقة، وتكريس لحالة التوافق الهش بين الثلاثي الضامن".

 

وأضاف "يبدو أن الثلاثي الضامن يريد تثبيت خريطة السيطرة الحالية وعدم تغييرها، لهذا لم نجد جديداً في هذه الجولة"، معتبراً أن "صيغة أستانة لا تهدف إلى إحداث تغيير في سورية، فالتغيير يأتي من القمم التي تجمع الرؤساء".

 

ويعد ملف المعتقلين لدى النظام من أولويات المعارضة في كل اجتماع دولي تحضره، خصوصاً في مسار أستانة الذي كان أخذ على عاتقه إيجاد حلول لهذا الملف المعقد.

 

وحاولت المعارضة السورية طيلة 17 جولة من مسار أستانة إحداث اختراق في ملف المعتقلين لدى النظام، ولكنها اصطدمت برفض من الأخير الذي يخشى من تبعات إطلاق سراح المعتقلين.

 

لقاءات في طهران بين الثلاثي الضامن

وفي مؤشر واضح على فشل المجتمعين في العاصمة الكازاخية في التوصل لحلول في الملفات الرئيسية، أعلن مستشار وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر حاجي، أن لقاء بين وزراء خارجية الدول الضامنة لصيغة أستانة، سيعقد في طهران مطلع العام المقبل، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أنّ روسيا وإيران وتركيا اتفقت على عقد لقاء قمة لرؤساء الدول الثلاث في طهران، وسيرتبط الموعد الدقيق لهذه القمة بوضع جائحة فيروس كورونا.

 

ويؤكد البيان الختامي للجولة 17 من مسار أستانة أن جولات هذا المسار تحولت إلى لقاءات إعلامية لدول الثلاثي الضامن لا أكثر، إذ لم تقدم حلولاً ناجعة للعديد من الملفات الساخنة في القضية السورية.

 

وتبدو المعارضة السورية الطرف الخاسر في معادلة هذا المسار الذي عُقدت جولته الأولى يوم 23 يناير/ كانون الثاني 2017، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعقب خروج المعارضة السورية المسلحة من أحياء حلب الشرقية، وفق اتفاق روسي تركي.

 

ونُزعت كل أوراق القوة من يد المعارضة التي يتفاوض الأتراك نيابة عنها، عندما لم يتم تنفيذ ما اتفق عليه الثلاثي الضامن في الجولة الرابعة في مايو/ أيار 2017، بشأن إنشاء أربع مناطق لخفض التوتر تشمل كامل محافظة إدلب وأجزاء من ريفي اللاذقية وحلب الغربي، ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، وريف حمص الشمالي، وجنوب سورية.

 

وتمكنت قوات النظام، تحت غطاء ناري روسي، يومها من سحق فصائل المعارضة في ثلاثة من هذه المناطق، ولم يبق إلا أجزاء من محافظة إدلب تضم اليوم 4 ملايين نسمة يتعرضون للقصف بشكل دائم من قبل الطيران الروسي وقوات النظام والمليشيات الإيرانية.