الأربعاء 2020/06/10

15 سؤالاً تشرح لك ماذا حدث في احتجاجات أميركا؟

جورج فلويد، ليس الرجل الأسود الأول الذي يقتله رجل شرطة أبيض بطريقة متوحشة، فقد تم تصوير عشرات الحالات وبثها للعالم، قليل منها نال بعض الاهتمام -مثل قتل تريفور مارتن وفريدي جراي وإيريك جارنر- لكن الأغلبية العظمى من عمليات القتل مرت دون ضجة تذكر، فما سر كل هذه الاحتجاجات؟

تختلف حالة قتل فلويد بصورة جوهرية من جوانب شتى، فأولا من حيث حجم رد الفعل عليها سواء من المتظاهرين داخل كل الولايات الخمسين والعاصمة واشنطن، وثانيا من حيث رد الإدارة الحاكمة عليها ومحاولة استغلالها سياسيا، وثالثا من حيث توقيتها الذي جاء وسط جائحة تجتاح العالم وأميركا، فضلا عن قربها من انتخابات رئاسية وتشريعية لم يتبق عليها سوى خمسة أشهر فقط.

(1) كيف بدأت الأحداث الأخيرة؟

البداية كانت عملية قتل فلويد، يوم 25 مايو/أيار في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، حيث كانت شديدة البشاعة، فالشرطي الأبيض ديريك تشوفين، ضغط بركبته على رقبة فلويد لتسع دقائق متصلة ولم يتحرك أحد لمنعه من رجال الشرطة الثلاثة الذين شاهدوا الموقف في صمت.

ولم تشفع لفلويد استغاثته المسموعة بوضوح خلال فيديو وفاته بأنه لا يستطيع التنفس حتى توقف عن التنفس. وكانت عملية القتل واضحة وطويلة المدة، إضافة إلى أن فلويد لم يكن مسلحا ولم يكن يقاوم أو يعتدي على الشرطي بل كان تحت ركبته طوال الوقت.

(2) كيف اندلعت المظاهرات؟

بدأت المظاهرات الاحتجاجية عفويا في مدينة مينيابوليس بمجرد انتشار الفيديو الخاص بعملية قتل فلويد عن طريق فتاة مراهقة بثته، لتصنع تاريخا جديدا في الولايات المتحدة.

أشعل الغاضبون النار في وحدتي شرطة ودمروا عدة سيارات للشرطة، وفي اليوم التالي اندلعت المظاهرات في الكثير من المدن الأميركية حاملين شعارات "لا أستطيع التنفس" أو "حياة السود مهمة" و"لا عدل.. لا سلام".

(3) هل لعب توقيت الحادثة دورا؟

جاءت عملية القتل وما أعقبها من احتجاجات في وقت تعاني فيه أميركا من تبعات جائحة انتشار فيروس كورونا، التي نجم عنها فقدان أكثر من أربعين مليون أميركي لوظائفهم وارتفاع نسبة البطالة إلى 13%.

وجاءت الحادثة بينما يقبع الملايين من الأميركيين في بيوتهم وسط إغلاق المدارس والمؤسسات المختلفة بسبب فيروس كورونا.

(4) من شارك في هذه المظاهرات الاحتجاجية؟

من الصعب حصر خلفيات المحتجين العرقية والإثنية، إلا أن الجزيرة نت كشفت تنوعا كبيرا شمل شبابا ونساء ورجالا من مختلف الأعمار ومن مختلف العرقيات والإثنيات.

(5) لماذا تحولت بعض الاحتجاجات للعنف؟

كانت أغلب الاحتجاجات والمظاهرات سلمية في طبيعتها، لكن خرج البعض منها عن السيطرة، وقامت أقلية صغيرة بعمليات نهب وسرقة وتكسير للكثير من المحال التجارية وأقسام الشرطة في عدد من المدن.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة (سي إن إن) أن 84% من المتظاهرين شعروا بالأمان أثناء مشاركتهم في المظاهرات.

(6) ما أبرز مطالب المحتجين؟

عدة مطالب عبرت عنها المظاهرات، أولها أن يتم توجيه اتهامات أكثر صرامة للقاتل الذي وجهت له تهم القتل من الدرجة الثالثة، ثم تم تغيير التهمة لقتل من الدرجة الثانية.

كما طالب المحتجون أن تشمل الاتهامات رجال الشرطة الثلاثة الذين لم يتدخلوا لوقف عملية القتل، وهو ما حدث لاحقا.

وتطورت المطالب لتشمل تخفيض الميزانيات المخصصة للشرطة على المستويات الفدرالية والمحلية في الولايات والمقاطعات المختلفة، ثم انتقلت المطالب وسط المظاهرات لتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات المقبلة.

(7) متى تنتهي المظاهرات؟

استمرت المظاهرات لأكثر من أسبوع كامل، وربما يُعد يوم الأحد الماضي هو آخر أيام تلك المظاهرات الواسعة حيث تراجعت أعداد المحتجين وكادت أن تختفي من عدة مدن على رأسها واشنطن العاصمة.

وسألت الجزيرة نت عددا كبيرا من المتظاهرين عن مآل الاحتجاجات أو تطورها، ولم تكن هناك رؤية واضحة عن الخطوات الكفيلة بإنهاء التظاهر أو ما يجب أن تقوم به الحكومة أو الكونغرس.

(8) كيف كان موقف الرئيس ترامب؟

أدان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عملية القتل، ووصفها بالعمل البشع، ثم ألقى باللوم على غياب مهارات القيادة بين ساسة مدينة مينيابوليس الديمقراطيين، وهدد باستدعاء الحرس الوطني في تغريدة، كما هدد لاحقا بتدخل الجيش لحفظ الأمن والاستقرار.

وفي خطابه الوحيد أثناء الأحداث، هاجم ترامب المتظاهرين ووصف نفسه برئيس القانون والنظام، متهما المتظاهرين بأنهم "متهورون مجرمون" يسعوون لنشر الفوضى في البلاد.

وأمر ترامب بإخلاء ساحة لافاييت المقابلة كي يترجل إلى كنيسة سانت جونز المقابلة للبيت الأبيض في استعراض لقوته الرئاسية.

(9) كيف واجه ترامب الأزمة؟

وفقا لكثير من المراقبين، فإن ترامب لم يقم بإظهار صفات القيادة الضرورية في هذه اللحظة الاستثنائية من التاريخ الأميركي، كما لم يوجه خطابا موحدا تصالحيا إلى الأمة الأميركية، وبدلا من ذلك لجأ لخطاب موجه لناخبيه بالأساس استخدم

فيه لغة التهديد والوعيد لرغبته في الظهور كقائد قوي.

(10) لمن وجه ترامب أصابع الاتهام؟

لم يميّز ترامب بين المتظاهرين السلميين في أغلبهم وبين الأقلية التي اقترفت بعض أعمال العنف.

وعبر عن عزم إدارته تصنيف جماعة "أنتيفا" اليسارية كجماعة إرهابية، واتهم ترامب وساسة جمهوريون آخرون أنتيفا بالوقوف وراء أعمال العنف والسطو والتدمير التي صاحبت بعض المظاهرات.

وتعتبر أنتيفا منظمة يسارية متطرفة مناهضة بالأساس للأفكار الرأسمالية والنيوليبرالية، وتعادي أنتيفا "الأفكار الفاشية والنازية واليمين المتطرف".

(11) هل هناك خلل في علاقة الشرطة بالسود؟

من المؤكد أن هناك خللا هيكليا في وضعية السود الأميركيين في المجتمع الأميركي، ولم يغير من هذا الخلل وصول رئيس أسود للبيت الأبيض هو باراك أوباما الذي بقي في الحكم لفترتين من 2008 وحتى 2016.

ولم تنجح القوانين والتشريعات المختلفة في ردم هوة العنصرية المتفشية في قطاعات واسعة من الشرطة الأميركية.

ومع تكرار انتهاكات رجال الشرطة البيض للرجال السود، ظهرت حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، لتنسق الجهود في محاربة هذه العنصرية وللعمل على إصلاح النظام الجنائي.

وتشير استطلاعات الرأي المختلفة إلى أن أغلبية الشعب الأميركي تقر بوجود أزمة كبيرة في علاقة أجهزة الشرطة بالرجال السود.

(12) هل الاحتجاجات فقط من أجل فلويد؟

لم تحدث عملية القتل من فراغ، بل أحاط بها واقع سيئ يعيش فيه أغلبية السود الأميركيين، نعم تحسنت ظروف معيشة السود بشكل عام خلال العقود الأخيرة، لكن الفوارق لا تزال قائمة وصارخة.

وبلغ عدد السود 42 مليون نسمة، أو نسبة 13% من إجمالي عدد السكان، و40% من أعداد المسجونين.

ويعاني السود الأميركيون من عدة ظواهر مقلقة، من أبرزها الفقر إذ يعيش 24.7% منهم تحت خط الفقر، وتبلغ هذه النسبة 12% على المستوى القومي الأميركي.

(13) وماذا عن إصابات السود بفيروس كورونا؟

استدعى انتشار الفيروس بنسب مرتفعة في صفوف الأميركيين السود ذكريات أليمة في أذهانهم، إذ يرتبط بكونهم في مقدمة ضحايا الكوارث التي تقع بأميركا.

وترتفع نسبة الإصابات والوفيات بين السود مقارنة بنسبتهم من السكان الإجمالي، فعلى سبيل المثال وصلت نسبة المصابين بكورونا في ولاية مينيسوتا -حيث قتل جورج فلويد- إلى 20%، في الوقت الذي لا تتخطى فيه نسبة السود هناك حاجز 7% فقط من إجمالي السكان.

وأدى فيروس كورونا لزيادة إحباط السود بصفة عامة، ودفعت إلى انعدام الثقة في السلطات المحلية والاتحادية لفشلهما في إدارة الأزمة خاصة مع ارتفاع الإصابات بين السود.

(14) هل للمظاهرات في أميركا أي قيمة في تغيير الأوضاع؟

نعم، فقد كان للمظاهرات التي شهدتها الولايات المتحدة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي إبان حركة الحقوق المدنية أثر كبير في تغيير التشريعات التي أكملت المساواة القانونية بين البيض والسود بصورة كاملة.

وتبحث عدة مدن أميركية حاليا إلى جانب الكونغرس، مبادرات لحل أجهزة الشرطة أو إصلاحها، كما تبحث بعض الولايات تقليل مخصصات الشرطة، وتقليل تدريباتها وتجهيزاتها العسكرية.

(15) ماذا عن الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

يحاول ترامب استغلال الموقف والظهور كمرشح القانون والنظام، واتهام الديمقراطيين بدعم الفوضى والاحتجاجات المضرة.

في حين يحاول الديمقراطيون التقرب أكثر من الأقليات العرقية وتبني إصلاحات أجهزة الشرطة.

من ناحية أخرى، دفعت حادثة مقتل جورج فلويد ليضاعف السود من جهود تسجيل ناخبيهم كي يكون لهم دور أكبر في انتخابات 2020.

وتدعم آلة الحزب الديمقراطي بشدة جهود تسجيل المواطنين السود في السجلات الانتخابية خاصة في الولايات المتأرجحة.