السبت 2020/08/22

واشنطن بوست: لماذا يعد “السم” سلاح بوتين المفضل لتصفية خصومه؟

بعد أن كان وسيلة للتخلص من الأعداء لم يعد تسميم الخصوم أسلوباً مرغوباً فيه في العصر الحديث، لكنه لا يزال تهديدا قائما في روسيا، خاصة بالنسبة لمنتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البارزين.

صحيفة واشنطن بوست الأميركية نشرت تقريرا بعنوان "لماذا يعد السم السلاح المفضل في روسيا بوتين؟" للمراسلين الصحفيين ميريام برغر وآدم تايلور تناول قضية التسميم المحتمل للمعارض الروسي البارز ألكسي نافالني هذا الأسبوع، وقدم أمثلة عديدة من الاغتيالات عن طريق التسميم تعرضت لها شخصيات من أبرز معارضي نظام بوتين وخصومه.

ووفقا للتقرير، فإن الاشتباه في تعرض نافالني للتسمم يتماشى مع نمط راسخ من تسميم معارضي بوتين السياسيين، فقد مرض المعارض البارز ذو الـ44 عاما فجأة يوم الخميس بعد أن استقل طائرة في مطار سيبيريا، ودخل في غيبوبة لم يخرج منها حتى الآن.

وقد صرح موظفوه بأنه جرى تسميمه، لكن المسؤولين الروس نفوا ذلك ومنعوا نقله إلى الخارج لتلقي العلاج.

من المسؤول؟

وأشار التقرير إلى أن منتقدي الحكومة الروسية يحمّلون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية الكاملة عن قتل خصومه، وعلى الرغم من شح الأدلة التي تحيل إلى مسؤوليته المباشرة عن حالات القتل بالسم فإن عديدين يجادلون بأنه يشجع على خلق جو يسود فيه الخروج عن القانون بحيث يشعر حلفاؤه أن مثل هذه الممارسات سيتم التغاضي عنها على أقل تقدير.

ونقل التقرير عن رئيس وحدة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA) جون سيفر السابق في موسكو القول إنه "سواء أمر بوتين شخصيا بعمليات الاغتيال عن طريق التسميم أم لا فهو يقف وراء كل الجهود الرامية للحفاظ على السيطرة من خلال الترهيب والقتل".

ووفقا للتقرير، فإنه على الرغم من كثرة أعداء نافالني فإن الاغتيال باستخدام التسميم يتطلب معرفة متخصصة وتخطيطا معقدا.

وقد علقت الباحثة مركز كارنيغي في موسكو تاتيانا ستانوفايا على ما جرى للمعارض نافالني بالقول إنه "بغض النظر عما إذا كان ما جرى محاولة قتل أو مجرد محاولة للتخويف فإن حالات التسمم ترتبط دائما بطريقة ما بالأجهزة الأمنية".

واستعرض التقرير أمثلة عديدة لمعارضين روس تمت تصفيتهم باستخدام السم، وآخرين نجوا من محاولة اغتيال بنفس الوسيلة، من بينهم الصحفية الاستقصائية آنا بوليتكوفسكايا التي تعرضت لمحاولة قتل بالسم عام 2004 دس لها في كأس من الشاي عندما كانت مسافرة على متن رحلة داخلية، ورغم نجاتها من السم فإنها لم تنج من الاغتيال رميا بالرصاص بعد ذلك بعامين.

كما تعرض معارضون عديدون لمحاولة الاغتيال بالسم، من ضمنهم الناشط السياسي بيوتر فيرزيلوف الذي نقل إلى برلين لتلقي العلاج بعد تدهور صحته بشدة في عام 2018، وحمّل السلطات الروسية المسؤولية عن مرضه، لكن الحكومة الروسية نفت تورطها في ما حل به، وقد اشتبه الأطباء الألمان في أنه قد تعرض للتسمم، لكنهم لم يعثروا على آثار السم الذي قد يكون أصيب به.

وكتب فيرزيلوف في حسابه بتويتر يوم الخميس أن الأعراض التي عانى منها في الساعات الأولى لتعرضه للتسمم "شبيهة للغاية بما يحدث لنافالني الآن".

لماذا السم؟

ووفقا للصحيفة، فإن استخدام السم للتخلص من الأعداء قد يبدو طريقة قديمة للقتل، خاصة عندما تتم تصفية منتقدين آخرين للكرملين رميا بالرصاص، لكن الارتباك والإثارة اللذان يكتنفان هذه الطريقة في تصفية الخصوم قد يكونان السبب في استمرار استخدامها.

ويرى الصحفي الروسي أندريه سولداتوف -الذي شارك في تأليف كتاب عن المنفيين الروس- أن موسكو وحلفاءها استخدموا السم لاستهداف المعارضين في الخارج خلال الحرب الباردة.

وأرجع سولداتوف استخدام الروس هذه الطريقة لتصفية الخصوم إلى كون "السم وسيلة قتل فريدة من نوعها لأن ضحاياه لا يعانون وحدهم، بل يشاركهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم التجربة المروعة"، كما يشاركهم الجمهور أيضا إذا تابع القصة في وسائل الإعلام.