السبت 2020/08/01

واشنطن بوست: دعوة ترامب لتأجيل الانتخابات خرق شائن لإيمان أميركا بالديمقراطية

قالت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) إن دعوة الرئيس دونالد ترامب لتأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، تعد "خرقا شائنا" لإيمان الأميركيين بالديمقراطية.

وكان الرئيس قد دعا أول أمس الخميس إلى تأجيل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مؤكدا أن اعتماد طريقة الاقتراع عبر البريد سيجعل هذه الانتخابات "الأكثر فسادا عبر التاريخ".

وغرد قائلا "عام 2020 سيشهد أكثر انتخابات فاسدة وغير دقيقة عبر التاريخ.. وسيكون ذلك محرجا للغاية للولايات المتحدة، لذا أدعو لتأجيل الانتخابات حتى يتمكن الناس من التصويت بشكل صحيح وآمن".

وذكرت الصحيفة الأميركية أن ترامب ليس له الحق في إعادة جدولة الانتخابات التي يتم تحديد موعدها بموجب قانون يعود للعام 1845.

وتضيف واشنطن بوست أن هذه ليست المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يصوت فيها الأميركيون بظروف أزمة واضطرابات، حيث بقيت الديمقراطية الأميركية تعمل بكامل طاقتها حتى في ظل حروب وحالات طوارئ صحية سابقة عاشتها البلاد.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1864، وبرغم الحرب الأهلية التي كانت مستعرة حينها وأدت لمقتل وإصابة مئات الآلاف من الأميركيين، قرر الرئيس أبراهام لينكولن التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها رغم الظروف الصعبة وترجيحات بأنه سيخسر الرهان الانتخابي أمام خصمه الجنرال السابق جورج ماكلين.

وبعد يومين من إعادة انتخابه، خاطب لينكولن حشدا من مناصريه في البيت الأبيض قائلا "هناك طوارئ صحيح.. لكن إجراء الانتخابات كان ضرورة. لا يمكن أن تكون لدينا حكومة حرة بدون انتخابات.. وإذا كان باستطاعة التمرد أن يجبرنا على التخلي أو تأجيل انتخابات وطنية، فيحق له حينها أن يدعي أنه غزانا فعلا ودمرنا".

وتؤكد واشنطن بوست أن هذا "الإيمان الأميركي" بالديمقراطية تجلى أيضا في مناسبات أخرى حين قرر الأميركيون التصويت في خضم فترات طوارئ وطنية.

ففي عام 1918، تزامن موعد الانتخابات الرئاسية مع تفشي "الإنفلونزا الإسبانية" التي أصابت آنذاك واحدا من كل أربعة أميركيين، واستمرار الحرب العالمية الأولى، وبدء مشاركة بعض النساء في التصويت لأول مرة.

ورغم هذه الإكراهات سعت السلطات المحلية وفي مختلف الولايات للحفاظ على الانتخابات، مع الحرص على حماية الصحة العامة، من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية كان من بينها إلزام المصوتين والقائمين على مراكز التصويت بارتداء الأقنعة الواقية، حيث وصفت هذه الانتخابات من قبل وسائل إعلام محلية على أنها "أول اقتراع بالكمامات في تاريخ أميركا".

تصويت الجنود

خلال الحرب العالمية الثانية، كان العديد من الناخبين الأميركيين بعيدا عن الوطن، فقام الكونغرس عام 1942 -بدعم قوي من السيدة الأولى إليانور روزفلت- بإصدار ما عرف آنذاك بـ "قانون تصويت الجنود" الذي سمح للمنخرطين في الخدمة العسكرية بالتصويت غيابيا، وساعد الولايات على إرسال بطاقات الاقتراع إليهم.

وقد ساعد هذا التشريع ما لا يقل عن 2.6 مليون جندي أميركي على الإدلاء بأصواتهم، وهو ما كان كافيا لإحداث الفارق في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي شهدها ذلك العام.

بعدها بعقود، اتسعت دائرة المخاوف عام 2004 بشأن احتمال وقوع هجوم إرهابي داخل الولايات المتحدة خلال أول انتخابات رئاسية تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكن مجلس النواب أكد بوضوح بأن الانتخابات ستنظم في موعدها.

وصوت المجلس حينها بأغلبية 419 صوتا مقابل صوتين، مؤكدا أن "أعمال الإرهابيين لن تتسبب أبدا في تأجيل موعد أي انتخابات رئاسية وأنه لا ينبغي إعطاء أي فرد أو جهة سلطة تأجيل موعد هذه الانتخابات".

وتختم واشنطن بوست بأن دعوة ترامب تأجيل الرئاسيات المقبلة "قرار استبدادي" خالص هدفه تقويض الثقة في نتائج الانتخابات، كما تعد خرقا لإرث رؤساء أميركا السابقين الذي دائما ما تمسكوا بتنظيم الاقتراع في موعده رغم التحديات.

كما أن الأميركيين -تضيف الصحيفة- دائما ما آمنوا بأن الانتخابات المنتظمة التي يقرها القانون والدستور هي "في قلب صرحهم الديمقراطي".