الخميس 2019/05/09

نيويورك تايمز: أطفال تنظيم الدولة قنابل موقوتة.. كيف سيتعامل العالم معهم؟

وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" أطفال عناصر تنظيم الدولة بـ"القنابل الموقوتة"، مؤكدة ضرورة أن يكون هناك استراتيجية واضحة للتعامل معهم، لافتة إلى أن كثيرين منهم ولدوا في ظل "دولة الخلافة"، وأنه كان هناك عدد كبير منهم في سن صغيرة عندما استولى التنظيم على مساحات واسعة من العراق وسوريا.

وتشير الصحيفة إلى أن هناك اليوم أطفالاً هم بقايا مقاتلي التنظيم الذين يقدر عددهم بـ40 ألف مقاتل جاؤوا إلى العراق وسوريا من أكثر من 80 دولة، محتجزون حالياً في معسكرات وسجون في أنحاء مختلفة من شرق سوريا والعراق وليبيا.

ويتساءل فابريزيو كاربوني، مسؤول الصليب الأحمر، وهو يشاهد أوضاعهم خلال زيارته لمعسكر "الحول" في سوريا: "ماذا فعل هؤلاء الأطفال؟".

ورغم أنهم أطفال فإن حكوماتهم ترفض التعامل معهم ليجدوا أنفسهم في مخيمات وسجون بائسة دون أدنى اهتمام، كما تقول الصحيفة.

استخدم تنظيم الدولة الأطفال كجواسيس وكشافين وطهاة وزارعي قنابل، وأحياناً كمفجرين ومقاتلين، كما أظهرت ذلك أشرطة بثها التنظيم لأطفال صغار وهم ينفذون عمليات قطع رأس وإطلاق نار على سجناء، البعض منهم عاشوا سنوات يتلقون دروساً على يد عناصر التنظيم، والأكبر سناً منهم كانوا يتلقون تدريبات عسكرية.

ويقول بيتر نيومان، مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في جامعة كينجز كوليدج في لندن: "إنهم ضحايا الوضع لأنهم خالفوا إرادتهم، لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا كذلك في بعض الحالات. الحالات على الأقل، خطر ".

وتشير الإحصائيات إلى وجود ما لا يقل عن 13 ألفاً من أتباع تنظيم الدولة محتجزين في سوريا، من بينهم 12 ألف امرأة وطفل، ولا يشمل هذا العدد ما يقدر بنحو 31 ألف امرأة وطفل عراقي محتجزين هناك، و1400 آخرين محتجزين بالعراق.

وفي المخيمات التي تغص بساكنيها في شرق سوريا، تقول الصحيفة، تموت زوجات وأطفال مقاتلي التنظيم الذي فروا من آخر مناطق سيطرة تنظيم الدولة، بسبب سوء التغذية وانتشار الأمراض.

وفي العراق، تصدر الحكومة أحكاماً سريعة على الأشخاص المتهمين بأنهم أعضاء في تنظيم الدولة حيث حكم على مئات الأشخاص بالإعدام في محاكمات لم تدم أكثر من خمس دقائق.

أغلب الحكومات الأجنبية، بحسب الصحيفة، ترفض إعادة مواطنيها الذين كانوا أعضاء في التنظيم، كما ترفض إعادة أطفالهم ونسائهم. يقول لورنزو فيدينو، مدير برنامج جامعة جورج واشنطن للتطرف: في الحقيقة القليل من عناصر التنظيم  يعودون لشن هجمات في بلدانهم الأصلية.

لكن الحالات الاستثنائية -ومن بينها هجمات باريس عام 2015 التي أودت بحياة 130 شخصاً واثنان من أكثر الهجمات دموية في تونس- جعلت فكرة الإعادة إلى الوطن سامة من الناحية السياسية في العديد من البلدان، فواحد على الأقل من المفجرين الذين نفذوا الهجوم في سريلانكا بعيد الفصح كان سريلانكياً تدرب مع تنظيم الدولة في سوريا.

وتضيف الصحيفة أن بعض الدول، مثل بريطانيا وأستراليا، سحبت الجنسية عن مواطنيها الذين تشتبه بانضمامهم لتنظيم الدولة، كما تخلت عن أطفالهم لأجل غير مسمى، فبريطانيا وحدها سحبت جنسية أكثر من 150 شخصاً بحسب ما صرح به وزير الداخلية ساجد جاويد.

ويقول شيموس هيوز، نائب مدير برنامج جورج واشنطن: "من الناحية التاريخية، كان المقاتلون الذين اكتسبوا خبرة مع مجموعة متطرفة هم الذين شكلوا مجموعات جديدة".

وتابع: "هل نتجاهل المشكلة لأنها أسهل في المدى القصير؟ إذا كان الأمر كذلك، فسوف تصبح مشكلة على المدى الطويل".

لكن إعادة هؤلاء الأشخاص إلى ديارهم يتطلب من الحكومات الأجنبية الإجابة عن أسئلة مستحيلة فعلياً، مثل كيفية الفصل بين مرتكبي الجرائم وأولئك الذين لا يرتكبونها، وأولئك الذين ما زالوا يشكلون تهديداً من الذين لا يفعلون ذلك، بحسب الصحيفة.

والإجابة عن مثل هذه التساؤلات تصبح أصعب إذا كان الأمر يتعلق بعشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم الدولة.

النظرة الشائعة، تقول الصحيفة، هي أن نساء تنظيم الدولة كُنّ فريسة للتنظيم بعد إغرائهن بالانضمام للخلافة والزواج من مقاتلي التنظيم، غير أن هذه النظرة انهارت بعد أن تبين أن كثيراً من نساء التنظيم يؤمنَّ بأفكاره، بل إن بعضهن حملن السلاح للقتال إلى جانب المقاتلين.

وتقول ميريديث لوكين، أستاذة مساعدة في جامعة ماساتشوستس بأمهيرست: "إن الخطاب الصادر عن وسائل الإعلام والسياسيين هو أنهن تعرضن لغسل دماغ، وهن مخدوعات ولا يعرفن ماذا يفعلن، ولكن تبين لاحقاً أنه حتى لو لم يحملن السلاح فإن كثيرات منهن أسهمن بنشاطات هذا التنظيم"، يعتقد بعض الخبراء أنه يجب إحضار أعضاء تنظيم الدولة إلى بلادهم لمحاكمتهم أو مراقبتهم، وهو أكثر أمناً وأكثر إنسانية، بدلاً من تركهم في مخيمات الصحراء أو للقضاء العراقي.

وبعض الدول رأت أن حكومة بغداد يمكن أن يحاكمهن على غرار محاكمته لأعضاء تنظيم الدولة، وهو ما دفع بالولايات المتحدة لتسليم بغداد نحو 150 عنصراً من أعضاء التنظيم، بينهم عراقيون وأجانب.

لكن يجادل العديد من الخبراء بأن التخلي عن أتباع تنظيم الدولة في المعسكرات أو رهن العدالة العراقية قد يؤدي فقط إلى تأجيل الحساب إلى وقت لاحق.

العديد من الدول، تضيف الصحيفة الأمريكية، اقترحت محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم من أعضاء تنظيم الدولة وأتباعهم، وهي الفكرة التي رأى البعض أنها غير عملية ومكلفة ومحدودة الفعالية، لتبقى مشكلة أطفال ونساء تنظيم الدولة مؤجلة الحل إلى حين.