الأثنين 2020/12/14

موقع فرنسي: الحكومة تفرض تفسيرًا للعلمانية لا وجود له بهدف تدمير الإسلام بفرنسا

قال موقع أوريان21 (orientxxi) الفرنسي إن مجلس الوزراء اقترح -بمناسبة الذكرى السنوية لقانون 1905 لفصل الكنائس عن الدولة- نصا "يؤكد المبادئ الجمهورية" ولكنه يخالف نص وروح ذلك القانون الليبرالي البعيد عن فكرة طرد الدين من الفضاء العام.

 

وأوضح أن اقتراح مجلس الوزراء الفرنسي الصادر في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري يرضخ للحملات الحالية التي تستهدف محاربة الإسلام تحت ستار الدفاع عن العلمانية.

 

وفي المقال الذي كتبه للموقع يشير آلان غريش إلى أن هناك تعصبا دينيا وتعصبا غير ديني "والثاني منهما سيئ مثل الأول". ويذكر أن النضال من أجل العلمانية في فرنسا كان على جبهة مزدوجة، ضد الكنيسة الكاثوليكية باعتبارها قوة متعجرفة ومعادية للجمهورية لا تريد التنازل عن أي من صلاحياتها، وكذلك ضد من أرادوا العلمانية سلاحا لتدمير الأديان عموما.

 

المساومة والحوار

ومع ذلك -يقول غريش- في كل مرحلة من المرحلتين الحاسمتين من المسيرة الطويلة نحو فصل الكنائس عن الدولة التي بدأت بعد ولادة الجمهورية الثالثة مع علمنة التعليم في قانون 1905، فضلت الحكومات المتعاقبة المساومة بدل التصلب، والحوار بدل الخصومة والحرب الأهلية.

 

وللتذكير -يقول الكاتب- لا يوجد تعريف واحد للعلمانية، حيث فرضت عدة دلالات لهذا المفهوم نفسها منذ اختراعه، وقد زيدت بعد أن احتشد اليمين لهذه العلمانية التي حاربها في الماضي بحماسة شديدة، والتي يتخذها الآن غطاء للهجوم على الإسلام والمسلمين، وبالتالي يمكن الدفاع عن التفسيرات المختلفة للعلمانية، في وقت يعتقد فيه البعض أن العلمانية يجب أن تؤدي إلى طرد الدين وخاصة الإسلام من الفضاء العام، مع العلم أن هذا لا علاقة له بنص ولا بروح قانون 1905.

 

في الفضاء العام

وأشار الكاتب إلى أن عدة أحكام صادرة عن مجلس الدولة أكدت التفسير الليبرالي لهذا النص التأسيسي، مما يضمن حق الكنائس في تنظيم نفسها على النحو الذي تراه مناسبا والظهور في الفضاء العام، ولذلك رفض مجلس الدولة منح البلديات الحق في بيع الأشياء المخصصة للعبادة، ورفضت المحاكم قرارات عدد من رؤساء البلديات، ورفضت الجمعية العامة اقتراح إلغاء العطلات الرسمية ذات المرجع الديني أو تلك التي تتطلب أن يكون جميع الكهنة من الجنسية الفرنسية.

 

وكثيرا ما يذكر البعض بـ "المادة 2" من القانون التي تقول "لا تعترف الجمهورية بأي دين ولا تدفع له ولا تدعمه" ولكنهم -حسب الكاتب- يتجاهلون الجزء الثاني منه الذي يتعارض عمليا مع الجزء الأول "ومع ذلك يجوز أن تضمن في الميزانيات، النفقات المتعلقة بتدريب القساوسة من أجل ضمان الممارسة الحرة للعبادة في المؤسسات العامة مثل المدارس الثانوية والكليات والمدارس ودور العجزة والمصحات والسجون".

 

علمانية وهمية

أما العلمانية الوهمية -كما يقول غريش- فهي موجودة فقط في أذهان أولئك الذين يستخدمونها سلاحا ضد الإسلام، ويتضح ذلك عند ذكر بعض نواقص "النقاء العلماني"، حيث لم يمتد قانون 1905 مطلقا إلى منطقة الألزاس-موزيل، وخلال قرن من الزمان لم تستطع أي حكومة يسارية ولا يمينية تطبيقه هناك، ونتيجة لذلك أصبحت فرنسا الدولة الوحيدة التي يُعيّن رئيسها أسقفين في ستراسبورغ وميتز، قبل إصباغ القانونية عليهما من قبل الكنيسة في روما، كما أن هذا القانون غير مطبق على كاليدونيا الجديدة وبولينيزيا. أما في غويانا، فيعترف بالديانة الكاثوليكية فقط ويتقاضى قساوستها رواتب، وأخيرا فإن قنصل فرنسا العام في القدس -وهو ممثل للجمهورية- يحضر بحكم منصبه عشرات القداسات سنويا ويباركه الكاهن.

 

وقال الكاتب إنه لو طُلب من الكنيسة عام 1907 أن توقع ميثاقا يؤكد العلمانية وقوانينها أو "مبادئ الجمهورية" وهي مفهوم غامض، كما هو مطلوب الآن من الدين الإسلامي، لكان البلد قد غرق في حرب أهلية، لكن المشرعين بالجمهورية الثالثة كانوا أكثر حكمة وحريصين على عدم فرض قواعد لاختيار رجال الدين أو "تصنيفهم" من قبل الدولة. علما بأن الكنيسة كانت قوة أكثر تهديدا بكثير، وأخطر بكثير على الجمهورية حاليا من المجتمعات المسلمة المنقسمة.

 

وخلص الكاتب إلى أنه تم فرض تفسير للعلمانية اليوم، من خلال تصريحات عدد من القادة السياسيين وخطابات دعاة العلمانيين "الزائفين" "البغيضة" الذين يجدون صعوبة في إخفاء عنصريتهم، وكأن العلمانية هي تكاثر المحظورات، من منع النساء من ارتداء الحجاب في الشارع ومنعهن من المرافقة في الرحلات المدرسية ومنع الحجاب في الجامعة.