الأثنين 2020/04/06

الموت في البيوت.. قصص وفيات غير معلنة في إيطاليا بسبب “كورونا”

جانب آخر من المأساة التي يعانيها الإيطاليون مع وباء "كورونا"، تكشفه قصص حية لأشخاص عايشوا حالات صارعت الموت في البيوت دون أي مساعدة طبية، معظمهم لكهول من كبار السن.

سيلفيا برتوليتي، شابة إيطالية، تتحدث عن تجربة تصفها بـ"السيئة" مع والدها، وتقول انها بذلت جهدا كبيرا لمدة 11 يوما لإقناع طبيب بزيارة والدها إليساندرو، البالغ من العمر 78 عاما الذي كان يعاني من الحمى وصعوبة التنفس.

وعندما ذهب الطبيب بالفعل إلى بيتها بالقرب من برجامو، بؤرة انتشار فيروس كورونا في شمال إيطاليا، مساء الثامن عشر من آذار كان الآوان قد فات.

وأعلنت وفاة أليساندرو برتوليتي، في الواحدة وعشر دقائق صباحا من يوم 19 آذار، بعد عشر دقائق فقط من وصول سيارة إسعاف طلبتها الأسرة قبل ذلك بساعات.

وكان الدواء الوحيد الذي وصفه له طبيب عبر الهاتف هو مسكن عادي للألم ومضاد حيوي واسع الانتشار.

وقالت الإبنة: "تركوا والدي يموت وحده في البيت دون مساعدة... تخلوا عنا بكل بساطة، لا أحد يستحق أن تنتهي حياته هكذا".

**حالات مماثلة

قصص أخرى مشابهة ترويها، أسر وأطباء وممرضات في منطقة لومبارديا المنكوبة في إيطاليا، تشير إلى أن العشرات يموتون في البيوت بعد أن تتفاقم الأعراض وأن الاستشارات الطبية عبر الهاتف ليس كافية دائما.

وتبين دراسة حديثة لسجلات الوفاة أن عدد الوفيات الحقيقي في منطقة برجامو وحدها جراء انتشار المرض قد يزيد عن ضعف العدد الرسمي البالغ 2060 حالة.

ويشمل العدد الرسمي للوفيات الحالات التي تسجل في المستشفيات فقط.

وفي الوقت الذي تتركز فيه الجهود العالمية لإنقاذ الأرواح على زيادة عدد أجهزة التنفس في المستشفيات، يقول أطباء إن نقص إمكانيات الرعاية الصحية الأولية لا يقل فداحة، لأن الأطقم الطبية لا يمكنها بل ولا تريد زيارة المرضى في البيوت، وذلك تماشيا مع التحول المتبع على مستوى العالم المعتمد على تقديم المشورة الطبية عن بعد.

وقال ريكاردو موندا، الذي يؤدي مهام طبيبين في بلدتي سيلفينو ونمبرو بالقرب من برجامو، بعد أن أصيب طبيب زميله بالفيروس: "ما أدى إلى هذا الوضع هو أن عددا كبيرا من أطباء الأسرة لم يزوروا مرضاهم لأسابيع".

وأضاف: "لا أستطيع أن ألومهم لأن هذا ما أدى الى نجاتهم وعدم إصابتهم"، مشيرا إلى إن الناس في البيوت لو تلقوا مساعدة طبية فورية كان من الممكن تحاشي حدوث وفيات كثيرة لكن الأطباء كانوا غارقين في العمل ويفتقرون للأقنعة والملابس الكافية لحماية أنفسهم من العدوى، وكانوا لا يجدون حافزا للزيارات المنزلية سوى في حالات الضرورة القصوى.

**وفيات "غير معلن عنها"

ووصل عدد الوفيات الرسمي في إيطاليا 15362 حالة، السبت، أي ما يقارب من ثلث الإجمالي العالمي لكن ثمة أدلة متنامية على أن هذا العدد لا يمت بصلة للإجمالي الحقيقي وذلك لأن كثير من المرضى يموتون في منازلهم.

وتقدر دراسة أجرتها صحيفة "ليكو دي برجامو" المحلية، وشركة "إنتويج" الاستشارية للأبحاث باستخدام بيانات من المجالس البلدية المحلية أن 5400 شخص توفوا في منطقة برجامو خلال شهر آذار أي ستة أضعاف عدد المتوفين في الشهر نفسه من العام الماضي.

وتفترض الدراسة أن عددا يصل إلى 4500 من هؤلاء توفوا بسبب "كورونا".

وأوضحت الدراسة أنها تأخذ في الاعتبار وفاة 600 شخص في دور الرعاية وما قدمه الأطباء في أدلة.

وقال بيترو زوتشيلي، مدير شركة زوتشيلي للجنازات، التي تقدم خدماتها في عدة قرى بوادي سيريانا حول برجامو، لـ"رويترز"، إن أكثر من 50 في المئة من نشاطه في الأسبوعين الأخيرين تمثل في نقل الجثث من البيوت.

وبذلك، تكشف هذه القصص جانب آخر من الصورة القاتمة لما آلت إليه أعتى الأنظمة الصحية في أوروبا، ما يضع الأرقام الرسمية المعلنة عنها للوفيات، على الرغم من ضخامتها، موضع شك حتى الآن.