الثلاثاء 2021/02/02

السجن للمعارض الروسي نافالني.. وواشنطن تدعو للإفراج عنه

 

 

عبرت الخارجية الأميركية، الثلاثاء،  عن قلقها العميق حيال حكم السجن بحق المعارض الروسي أليكسي نافالني، ودعت إلى إطلاق سراحه فورا.

وكانت محكمة في موسكو، الثلاثاء، بسجن نافالني ثلاث سنوات مستندة إلى حكم سابق بحقه مع وقف التنفيذ، الأمر الذي دفع أنصاره إلى توجيه دعوة للتظاهر احتجاجا.

وقالت القاضية، ناتاليا ريبنيكوفا، إن على المعارض أن يمضي في السجن ثلاثة أعوام ونصف عام بموجب الحكم السابق الصادر العام 2014، تحذف منها الأشهر التي أمضاها في الإقامة الجبرية في ذلك العام.

ودعت منظمة المعارض نافالني إلى تظاهرة فورية في موسكو إثر الحكم عليه. فيما طالب دول أوروبية بضرورة الإفراج الفوري عن نافالني.

"إخافة الملايين"

واتهم نافالني، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال محاكمته الثلاثاء، بمحاولة "إخافة الملايين" بالسعي لإيداعه السجن.

وبنبرة منفعلة كرر نافالني أمام المحكمة اتهامات بأن السلطات حاولت أن تقتله بغاز الأعصاب نوفيتشوك في الصيف الماضي، وسخر من بوتين على خلفية مزاعم بأن السم دس في ملابسه الداخلية.

وقال "الشيء الرئيسي في هذه العملية هو ترهيب عدد هائل من الناس، هكذا تجري الأمور". وأضاف "يضعون شخصا خلف القضبان لإخافة الملايين".

ورأى أن بوتين يريد أن يُنظر له كزعيم عالمي عظيم وشخصية تاريخية لكنه بدلا من ذلك "سيذكره التاريخ على أنه مسمم السراويل الداخلية".

ومثل نافالني أمام المحكمة بتهمة انتهاك شروط حكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف سنة مع وقف التنفيذ صدر في 2014. وبالنسبة لسلطات السجون، فإن نافالني لم يمثل أمامها على النحو المنصوص عليه في شروط رقابته القضائية خلال فترة تعافيه في ألمانيا عقب عملية التسمم.

وطلبت هيئة الادعاء تنفيذ العقوبة وإيداعه السجن فعلا.

وتم توقيف الناشط في محاربة الفساد البالغ 44 عاما، في 17 يناير لدى عودته إلى موسكو من ألمانيا.

ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع موسكو ومدن أخرى نهاية الأسبوعين الماضيين للمطالبة بالإفراج عن نافالني ما استدعى قمعا واسعا من الشرطة التي اعتقلت أكثر من ثمانية آلاف شخص.

عشرات الاعتقالات أمام المحكمة

وتمثل القضية واحدا من أكبر التحديات للكرملين في سنوات وأدت إلى تصاعد دعوات لفرض عقوبات غربية جديدة على السلطات الروسية.

واتهم ممثل لهيئة السجن في المحكمة نافالني بأنه انتهك "بشكل منهجي" شروط الافراج عنه.

وأكد نافالني الذي بدا عليه الانزعاج أنه أبلغ سلطات السجون بعنوانه في ألمانيا.

وقال من القفص الزجاجي المخصص للمتهمين، "ما الذي كان يمكنني فعله أيضا؟ هل كنتم تريدون أن أرسل لكم مقطع فيديو يصور علاجي الفيزيائي؟".

وتزامنت الجلسة مع انتشار امني كبير أمام مبنى المحكمة بعدما حث فريق نافالني الأنصار على التجمع.

وقامت الشرطة المجهزة بكامل معدات مكافحة الشغب، بفرض طوق أمني حول المحكمة واعتقلت عشرات الأشخاص أمام المبنى.

وقالت منظمة "اوفيد-إنفو" غير الحكومية التي ترصد التوقيفات وتظاهرات المعارضة إن الشرطة أوقفت أكثر من 280 شخصا من بينهم صحفيون.

ووصلت يوليا زوجة نافالني، التي أوقفت لفترة وجيزة خلال الاحتجاجين الأخيرين ضد الكرملين، إلى قاعة المحكمة مع صحفيين، لكنها امتنعت عن التعليق على المحاكمة.

في إطار الحكم الصادر في 2014 أمضى نافالني سنة قيد الإقامة الجبرية من الحكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، فيما أمضى شقيقه أوليغ كامل فترة العقوبة في السجن.

واعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2017 أن أشقاء نافالني حرموا من حق الحصول على محاكمة نزيهة في القضية ونددت بالحكم بوصفه "تعسفي وغير منطقي بشكل واضح".

ونافالني الذي بات في العقد الأخير أشهر منتقدي بوتين في الداخل، يعتبر مع حلفائه الحكم الصادر في 2014، عقابا من السلطات على أنشطته السياسية.

ويقولون إن الكرملين يعيد توظيف القضية الآن لإسكات نافالني، المتوقع أن يمثل مجددا أمام المحكمة في قضية منفصلة تتعلق بالإساءة إلى محارب قديم من الحرب العالمية الثانية.

تحقيقات في إطار مكافحة الفساد

وفيما لم يتول أي منصب رسمي بالانتخاب، عُرف نافالني بتحقيقه في قضايا فساد وبكشف نمط حياة نخبة الأثرياء الروس.

بعد يومين من توقيفه الشهر الماضي، نشر فريقه تحقيقا استقصائيا لعقار فخم مطل على البحر قال نافالني إنه مُنح لبوتين ضمن مشروع بمليار دولار موله مقربون منه على رأس مؤسسات حكومية.

ونشر التقرير مرفقا بفيديو على يوتيوب حصل على أكثر من 100 مليون مشاهدة.

ونفى بوتين أن يكون هو مالك العقار، والأسبوع الماضي قال رجل أعمال ملياردير مقرب منه، هو أركداي روتنبرغ إنه مالك العقار مؤكدا أنه يقوم بتحويله إلى فندق.

وأثار توقيف نافالني والاتهامات بالفساد احتجاجات في أنحاء روسيا خلال نهاية الأسبوعين الماضيين. وخلال تظاهرات الأحد الماضي أغلقت الشرطة وسط موسكو واعتقلت أكثر من 5400 شخص في يوم واحد.

وأثار توقيفه والاعتقالات الواسعة خلال التظاهرات، موجة من الإدانات من الغرب.

ويتوقع أن يبحث وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قضية نافالني عندما يزور موسكو هذا الأسبوع.

واعتبر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء أن اعتقال نافالني يجب ألا يؤثر على علاقات روسيا بالدول الأوروبية.

وقال "نأمل بألا يرتكب أحد حماقة بربط مستقبل العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي بنزيل سجن".

وتأتي الاحتجاجات في روسيا أيضا قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الخريف، في ظل تراجع شعبية حزب روسيا الموحدة الحاكم.

وبعدما أمضى نافالني جزءا من العقوبة قيد الإقامة الجبرية، يواجه إمكان احتجازه لمدة عامين ونصف العام.

وبالنسبة إلى أنصار المعارض، يسعى الرئيس الروسي إلى استبعاد منتقده الأول بشكل دائم.

وكتب ليونيد فولكوف أحد مساعدي نافالني على تويتر "ما يحدث في المحكمة اليوم أمر منطقي: بوتين يرمي نافالني في السجن لأنه نجا من عملية الاغتيال".