الأثنين 2020/02/17

هل يتسبب كورونا بحدوث ركود في الاقتصاد العالمي؟

وأشار الكاتب إلى أنه من الصعب تصور أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم على وشك أن يدخل في مرحلة ركود.

إن حصيلة المصابين والوفيات في ارتفاع، والمراكز الصناعية والمالية الكبرى لا تزال نصف مغلقة على الأقل، بينما لا يستطيع العمال المهاجرون العودة إلى العمل، بينما المصانع غير قادرة على التزود بالمواد الخام أو شحن بضائعها بشكل موثوق.

وتراجع الاستهلاك بشكل ملحوظ، لأن أغلب الأشخاص يمكثون في منازلهم، كما أن صناعات الخدمات مثل السياحة والمطاعم تضررت بشدة، ورغم أن الشركات في هذا القطاع، إلى جانب المصانع الصغرى، ساهمت في الدفع بنمو قدرة الصين على التشغيل، بيد أن احتياطاتها المالية ضئيلة.

وأفاد الكاتب بأن بكين ليس لديها مجال لزيادة الإنفاق العام والحد من الضرائب وتوفير قروض ذات فوائد منخفضة، وقد سبق أن عمد البنك المركزي الصيني إلى اتخاذ إجراءات تجعل السياسة النقدية أكثر تساهلا، كما أن تعويم الاقتصاد بقروض ذات فوائد منخفضة من شأنه أن يزيد من تعريض النظام المصرفي للمخاطر، التي تدركها الحكومة، ولكنها تمر بوقت عصيب.

وهذه الإجراءات لن يكون لها تأثير كبير ما لم يتحسن النشاط التجاري، علاوة على ذلك، كان النظام المصرفي الصيني يوجه القروض نحو الشركات الكبرى المملوكة للدولة بشكل أكثر من الشركات الصغرى الخاصة التي تواجه المصاعب.

تداعيات عالمية

أوضح الكاتب أن حجم الصين الهائل إلى جانب الدور الذي تلعبه باعتبارها محركا لنمو الاقتصاد العالمي ولاعبا مهيمنا على أسواق السلع، يعني أن الضربة التي تلقتها سيكون لها تداعيات كبيرة في جميع أنحاء العالم، ولقد تراجعت أسعار النفط بسبب ضعف توقعات نمو الاقتصاد الصيني وتراجع معدل السفر الدولي، خاصة من الصين وإليها.

وهذه الأزمة ستضفي زخما على بعض التغييرات التي طرأت على سلاسل التوريد العالمية التي هي قيد التنفيذ، وإلى جانب زيادة أجور العمال الصينيين والتوقعات المتعلقة بتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، من المرجح أن يدفع الوباء الشركات المتعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم سلاسل التوريد الخاصة بها والحد من عمليات الإنتاج في الصين.

وقد يكون لفيروس كورونا تأثير مباشر محدود على الاقتصاد الأميركي، ولكن من خلال خلق المزيد من عدم اليقين وتعطيل سلاسل التوريد في آسيا، فإن ذلك يجعله عاملا إضافيا إلى جانب قائمة طويلة من العوامل التي من المحتمل أن تعيق النمو الأميركي والعالمي خلال عام 2020.

ومن المرجح أن الدفعة المعنوية المؤقتة التي كان متوقعا أن يشهدها مناخ الأعمال والاستثمار في أعقاب الاتفاق التجاري المبرم بين الولايات المتحدة والصين الشهر الماضي، ستعوضها هذه السحابة الجديدة من عدم اليقين بشأن التجارة العالمية.

وفي حين أن الركود في جميع أنحاء العالم ليس مطروحا حاليا، فإن حالة عدم اليقين المضافة ستؤدي إلى تقييد الاستثمار والإنتاجية، التي بدت بالفعل هزيلة في جميع الاقتصادات الكبرى.

مدى كفاءة الحكومة الصينية

أشار الكاتب إلى أنه من المرجح أن تخلف هذه الأزمة تأثيرا آخر طويل الأمد على ثقة المواطنين الصينيين في حكومتهم. وفي الواقع، يبدو أن الدولة وشعبها قد أبرموا صفقة ضمنية تتمثل في توفير أداء اقتصادي ومستوى معيشي جيد والاستقرار الاجتماعي مقابل فرض قيود على حرية التعبير والحقوق الديمقراطية وتدفق المعلومات.

ولكن حتى في المحيط الذي يُقبل فيه تحكم السلطات في المعلومات المعلنة، فإن الشكوك لدى عامة الناس تزايدت بشأن مدى كفاءة الحكومة التي لا تنفك عن إخفاء الأنباء السيئة.

وتتنزل هذه المسألة في سياق المحاولات الأولية التي بذلتها الحكومة الصينية العام الماضي للتقليل من شأن إنفلونزا الخنازير.

وفي الوقت الحالي، ينتشر فيروس كورونا بسرعة في بلد كان يعاني بالفعل من التباطؤ الاقتصادي بسبب إنفلونزا الخنازير وتفشي إنفلونزا الطيور، تبقى الثقة في المعلومات التي تقدمها الحكومة ومدى كفاءتها في إدارة هذه المشاكل محل تساؤل، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

وأشار الكاتب إلى أن الطريقة التي تطور بها هذا الوباء لن تمثل درسا للحكومة الصينية فحسب، بل ربما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية أيضا، وبالاستفادة من التاريخ، فإن فيروس كورونا سيكون تحت السيطرة وسوف يعود الاقتصاد الصيني واقتصادات العالم إلى المسار الصحيح.