الخميس 2019/05/02

هل تفلت بغداد من أضرار العقوبات الأمريكية على إيران؟

أنقذ قرار واشنطن عدم إدراج الغاز ضمن العقوبات التي فرضتها على إيران، حكومة بغداد من موقف حرج كانت ستوضع فيه، بحسب ما يصفه مسؤولون في الحكومة ومراقبون للشأن العراقي.

فبغداد يعتمد بشكل شبه كامل على الغاز الإيراني في تغذية محطاته الكهربائية، وفي حال شُمل بالعقوبات سيكون الوضع بالعراق كارثياً، لكنه ليس الوجه الاقتصادي الوحيد للتوغل الإيراني في العراق.

ويبلغ ما تستورده حكومة بغداد حالياً من إيران نحو 28 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً، وتتوقع وزارة الكهرباء بحكومة بغداد أن ترتفع الكميات، بداية يونيو المقبل، إلى 35 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً، بسبب ارتفاع درجات الحرارة؛ وهو ما يزيد الطلب على الكهرباء.

وبعد تناقل أخبار تفيد باستثناء العراق من استيراد الغاز الإيراني، أوضح وزير الكهرباء بحكومة بغداد لؤي الخطيب، لتلفزيون "روسيا اليوم"، في 25 أبريل الماضي، أن استيراد الغاز لا يندرج ضمن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وليس مثلما تناقلته وسائل إعلام.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية فرضت في نوفمبر 2018، عقوبات على إيران تستهدف قطاعات النفط والبنوك والصناعة، وهددت باتخاذ إجراءات إضافية، لمنع طهران من اتباع سياسات خارجة عن القانون، في حين نددت إيران بالخطوة التي اعتبرتها حرباً اقتصادية، وتوعدت بتحديها.

ويرى خبراء أن الميزان التجاري بين البلدين يميل لمصلحة إيران بنسبة 90% على الأقل، كما هو الحال مع بقية الدول، حيث يقتصر التصدير العراقي على النفط وبعض المواد الأولية مثل الحديد المعاد الذي يصدَّر إلى تركيا ودول أخرى.

وسيكون قطاعا الطاقة والتعاملات المصرفية من أبرز المتضررين، في حين ستحاول الولايات المتحدة السيطرة على هذين القطاعين، لضمان سريان مفعول العقوبات.

مصدر مقرب من صناع القرار في حكومة بغداد ذكر أن رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، ضد فرض العقوبات الأمريكية على إيران، "لكنه مضطر إلى عدم التزامها".

بذلك، فإن العقوبات في حال شملت الغاز، سيقع العراق في مشكلة وحرج كبيرين. وبحسب المصدر الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين" طالباً عدم الكشف عن هويته، فإن التزام عقوبات تشمل الغاز "يعني فقدان العراق أكثر من 4 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية".

المصدر قال: إن "رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يبحث عن مَخرج من أزمة العقوبات المفروضة على إيران"، مؤكداً أن ما يهم العراق في هذا الوقت هو "استمراره في استيراد الغاز من إيران، لمنع انقطاع الطاقة الكهربائية عن المحافظات الجنوبية، التي دائماً ما تشهد احتجاجات كبيرة منددة بسوء الخدمات في موسم الصيف".

ولأجل الحفاظ على تدفق الغاز الإيراني إلى العراق، فإن حكومة بغداد بحسب المصدر، تسعى إلى إقناع الولايات المتحدة بأن تضع الأموال المستحقة لإيران من استيراد الغاز، في حساب يكون تحت إشراف الولايات المتحدة.

المخاوف من تسبُّب العقوبات الأمريكية في منع شراء الغاز الإيراني كانت وراء ارتفاع حدة التصريحات والتحذيرات من جانب السياسيين العراقيين.

وقد ذهبت عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب العراقي، ندى شوكت، إلى تحذير حكومة بغداد  من معاندة الولايات المتحدة برفض العقوبات المفروضة على إيران أو الرضوخ للضغوط الأمريكية.

وقالت شوكت في تصريح صحفي: إن "بغداد إذا أصرت على الاستمرار في التعاون مع إيران (...)، فإن هذا الإصرار سيلحق الضرر بالبلاد".

وأضافت: إن "الاستمرار في العناد سيعيد العراق إلى أيام الحصار (1990-2003) من جديد، لكن هذه المرة لن يصمد أمامها، لأنه فقد ما كان يمتلكه من زراعة وصناعة وقدرة على الإنتاج".

من جانبه قال رئيس حزب "التصحيح"، النائب السابق كامل الدليمي، في تغريدة نشرها على حسابه بـ"تويتر"، اطلع عليها "الخليج أونلاين": إن "تشديد الحصار الأمريكي على إيران وضع جزءاً كبيراً من ساسة العراق بوضع حرج جداً، والعملية السياسية برمتها على مفترق طرق".

وتساءل الدليمي: "كيف سيتصرف ساسة العراق؟ هل ستتغلب الحكمة أم المجازفة؟ ذلك ما ستحمله لنا الأيام القليلة القادمة".

خط الدفاع الاقتصادي الأول لإيران

عن هذا الموضوع، قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي، في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "إيران تعتبر العراق خط دفاعها الاقتصادي الأول، وتعول كثيراً عليه بأن يكون مَنفذاً لتصدير النفط ومجالات تجارية كثيرة، كما أن العراق لا يمكنه الاستغناء عن إيران، خصوصاً في مجال استيراد الغاز".

وأضاف: إن "العراق سيكون بين كماشتين: الضغط الأمريكي من جهة، والضغط الإيراني من جهة أخرى".

وأشار إلى أن "العراق طوال الأشهر الماضية، حاول أن يكون على بُعد خطوة واحدة بين الأطراف المتصارعة، لكن هذا الحال لن يستمر كثيراً، في ظل العقوبات الجديدة، وعليه أن يبيّن موقفه من هذه العقوبات ومع أي طرف سيكون".

الهاشمي أكد أنه "في حال استمر الضغط الأمريكي على بغداد، فإن على أمريكا أن تفكر جيداً في إمكانية فقدانها حليفاً استراتيجياً مهماً كالعراق، كما فقدت في السابق تركيا".

لذا على واشنطن، بحسب الهاشمي، أن تفكر في إيجاد بدائل للعراق تسمح باستيراد الغاز والكهرباء قبل أن تطالبه بالتزام العقوبات.

وبدأت الدعوات والتحضيرات هذا العام للاحتجاجات، في وقت مبكر، على غرار مظاهرات العام الماضي، بسبب نقص الخدمات والإهمال والفساد الحكومي في المحافظات الجنوبية؛ والتي نتج عنها اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.