الخميس 2018/11/08

“سوق الحلال” العالمي.. ليس للمسلمين فقط!

إذا كنت تعتقد أن الأطعمة الحلال والمنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ينحصر رواجها بالدول ذات الغالبية المسلمة فعليك مراجعة معلوماتك، فتلك المنتجات باتت تشهد إقبالاً واسعاً من أتباع كافة الديانات.

وبنقرات سريعة على محرك البحث "جوجل" يمكنك اكتشاف أن سوق المنتجات الحلال بات يشمل عشرات الأصناف الأخرى غير الأطعمة والشراب، وأصبح يشكل 3.7% من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي.

واستهلاك المنتجات الحلال ليس فقط ما بات منتشراً في المجتمعات غير المسلمة، فالدول العشر الأكثر تصديراً في سوق الحلال هي بلدان غير مسلمة.

وحسب بيانات مركز المنتجات الحلال الدولي فإن الدول العشر الأكثر تصديراً في سوق المنتجات الحلال هي الهند والبرازيل والنمسا والولايات المتحدة والأرجنتين ونيوزيلندا وفرنسا وتايلاند والفيليبين وسنغافورة.

وتبلغ حصة تلك الدول في سوق المنتجات الحلال نحو 85%، فيما تبلغ حصة الدول المسلمة 15% وتتقدمها ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، وفق ذات المركز.

"الحلال" بالأرقام

وقدر إجمالي الإنفاق العالمي على القطاعات الحلال في 2017، كما ورد في تقرير لمجموعة "CNBC" الإعلامية الأمريكية (مختصة بالشأن الاقتصادي)، بنحو 4 تريليونات و600 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق في 2023 بنسبة 50% أي ما يعادل 6 تريليونات و800 مليار دولار.

ووفق ذات الأرقام فإن الإنفاق على قطاع الأغذية الحلال بـ2017، بلغت قيمته 1 تريليون و303 مليارات دولار، وسيصل هذا الرقم إلى 1 تريليون و863 مليار دولار في العام 2023.

الأزياء (المتوافقة مع التوجه الإسلامي) تدخل أيضا ضمن قطاع المنتجات الحلال وقد بلغ حجم الانفاق عليها العام الماضي 270 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع في العام 2023 إلى 361 مليار .

أما المعاملات المالية الحلال فبلغ حجمها في 2017، قرابة 2 تريليون و438 مليار دولار، وسيصل هذا الرقم في 2023 إلى 3 تريليون و809 مليارات دولار.

وتشمل المعاملات الحلال معاملات البنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التمويل الإسلامي والشركات التي تعمل وفق النظم الإسلامية.

قطاع السياحة الحلال يدخل أيضاً في السباق، فقد أنفق عليه السنة الماضية 177 مليار دولار ومن المحتمل أن يصل حجم الانفاق عليه إلى ما يزيد عن 274 مليار دولار في 2023.

والسياحة الحلال لا تعني أن ما عداها محرم على الإطلاق، فهي لفظ يطلق على الأنشطة السياحية التي تقدمها منتجعات وفنادق تخلو من أي مخالفات للشريعة.

فهي لا تقدم أي طعام أو شراب محرم وفق المعتقدات الإسلامية، ولا يوجد فيها صالات للعب القمار، أو أماكن مختلطة بين النساء والرجال للسباحة والرقص.

الإعلام والترفيه الإسلامي يأتي كذلك ضمن قطاعات الحلال، وقد بلغ حجم الإنفاق على هذا القطاع العام الماضي، 209 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يترفع الرقم إلى 288 مليار دولار سنة 2023.

وبالنسبة للأدوية ومستحضرات التجميل التي لا يدخل في صناعتها الكحول ودهن الخنزير، بلغ حجم الإنفاق عليها في 2017، نحو 148 مليار دولار، وفي 2023 سيزيد عن 221 مليار دولار.

10 تريليونات في 2030

دراسة حديثة أخرى نشرتها وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، توقعت أن يصل نمو سوق الحلال العالمي إلى 10 تريليونات دولار في 2030، حيث تشهد نمواً قوياً بمقدر 500 مليار دولار سنوياً.

وأشارت الدراسة إلى أن حجم السوق الاستهلاكية للمنتجات والخدمات العالمية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية سترتفع من 2 تريليون دولار في 2016 إلى 6.4 في 2019، وصولاً إلى 10 تريليونات دولار في عام 2030.

وأوضحت أن المحرك الرئيسي لنمو سوق الحلال عالمياً هو زيادة عدد المسلمين في العالم، وتطور اقتصادات الدول الإسلامية، وتزايد الطلب والإقبال على منتجات الحلال من الأسواق الجديدة في أوروبا واليابان والهند والصين.

وحسب الدراسة، فإن الدول الآسيوية تستهلك من تجارة الحلال نحو 63.3%، والدول الإفريقية قرابة 24%، في حين تستهلك الدول الأوروبية نحو 10.2%، مقابل 2.5% للدول في أمريكا (الشمالية والوسطى والجنوبية).

الأغذية "الحلال".. الأكثر نمواً

ويعد سوق الأغذية الحلال الأكثر نمواً، حيث ينمو بنسبة سنوية تبلغ 17%، وفق الدراسة ذاتها، والتي توقعت أن يتجاوز حجمه 2 تريليون دولار نهاية العام الجاري، بعد أن بلغ 1.1 تريليون في 2013.

وذكر تقرير الاتحاد العالمي للأغذية الحلال، في أغسطس 2017، أن عدد الذين يستهلكون الأطعمة الإسلامية بلغ ملياري شخص تقريباً.

وتوقع التقرير أن تنمو سوق الأغذية الحلال كثيراً في السنوات القليله المقبلة، حيث أن صناعة الحلال تشكل حالياً قرابة خمس تجارة الأغذية العالمية.

وتتصدر إندونيسيا الدول الأعلى إنفاقاً على الطعام الحلال حيث أنفقت في 2017، قرابة الـ 170 مليار دولار، تلتها تركيا بإنفاق بلغ 127 مليار دولار، ثم باكستان بـ118 مليار دولار، ومصر 86 مليار دولار، وأخيراً بنغلاديش بـ76 مليار دولار، وذلك وفق بيانات شبكة "CNBC".

الولايات المتحدة أيضاً تدخل في نطاق الدول الأكثر إنفاقاً على الأغذية الحلال ففي 2016، قفزت مبيعات المنتجات الغذائية الحلال في المطاعم والمتاجر الأمريكية إلى 20 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 30% عما كان عليه الحال في سنة 2010، وفقاً لبيانات المجلس الأمريكي للأطعمة الحلال.

وهناك، فإن غالبية الذين يقتنون المنتجات الإسلامية ليسوا مسلمين. وبحسب شركة "American Halal Co"، فأإ ما يصل إلى 80% من المستهلكين الذين يشترون علامتها التجارية "طريق الزعفران" ليسوا من أتباع الديانة الإسلامية.

ونقلت وكالة "بلومبيرغ" عن الشركة، أن من يشتري المنتجات الغذائية الحلال هم مجرد عشاق للطعام يبحثون عن تجربة طعام مختلفة، ووجبات ذات جودة أفضل، إذ يرون في الطعام الحلال خياراً صحياً، بسبب  أنه نظيف وطازج.

"الحلال".. وجهة استثمارية

ومعلقاً على هذا التوسع الكبير في سوق المنتجات الحلال، قال عاصم عبد الغني، المسؤول في قسم الترويج بشركة "تشوبستيكس" للمأكولات الصينية الحلال (فرع مصر)، إن "المنتجات الحلال وخاصة الأطعمة تحقق نجاحاً كبيراً في الأسواق العالمية، خاصة أن زبائن هذا السوق يشكلون قوة كبيرة فعدد من المسلمين يزيد عن 1.3 مليار نسمة".

وأضاف عبد الغني لـ"الخليج أونلاين": "تعد تجارة وصناعة المنتجات الحلال وجهة استثمارية متميزة أيضاً فكثير من الدول ترى أن تجارة الحلال ستدر عليها أرباحاً هائلة لذلك تتوجه إليها بقوة رغم عدم وجود أغلبية مسلمة لديها".

وأشار أن اليابان دخلت السوق بقوة وهي الآن من أهم المصدرين لهذه المنتجات ومن المتوقع أن تحقق أرباحاً سنوية تزيد عن 10 مليارات دولار.

ورأى عبد الغني أن المنتجات الغذائية تتصدر الصناعات الحلال في العالم حيث تبلغ قيمة سوقها حالياً نحو 2 تريليون دولار.

ولفت إلى أن نسبة كبيرة من المستهلكين  هم من غير المسلمين وذلك للجودة العالية والنكهة الجديدة التي تتميز بها الأغذية الإسلامية خاصة عندما يتعلق الأمر باللحوم.

وتوقع أن ترتفع قيمة سوق المنتجات الغذائية الحلال خلال أقل من 5 سنوات بشكل سريع ليصل الانفاق عليها إلى ما يزيد عن 30% من إجمالي الانفاق العالمي على الغذاء.