الأثنين 2020/01/27

كيف تضر نتفليكس ومقاطع الفيديو بالبيئة؟

عرف الكثيرون اليوم أن ركوب السيارات الكهربائية بدلا من سيارات الديزل والبنزين، والقطارات بدلا من الطائرات، والحد من استخدام المواد البلاستيكية أفضل للبيئة، لكن ربما يعلم القليلون منا الآثار السلبية على البيئة، المترتبة على مشاهدتهم لمسلسلاتهم المفضلة على نتفليكس.

وقد باتت حياتنا الرقمية في جميع أنحاء العالم لا تخلو يوميا من تلقي وإرسال العشرات من رسائل البريد الإلكتروني، وتبادل الحوارات على واتساب، وتخزين صورة أو أكثر سحابيا، ومشاهدة بضع دقائق من مقاطع الفيديو بين الفينة والأخرى على موقع يوتيوب.

لكن في المجمل يؤدي سلوكنا على الإنترنت إلى أضرار مناخية جمة. فمن المعلوم أن كل أنشطة الحواسيب تعتمد على الكهرباء الناتجة في معظم الأحيان على الوقود الأحفوري، وما يخلفه ذلك من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

ووصل الأمر إلى أن تجاوزت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الناتجة عن التقنيات الرقمية، مثيلاتها الناتجة عن حركة الطيران بمقدار 2.5%. وقد توصلت دراسة لمركز الدراسات الفرنسي غير الربحي المعروف باسم "مشروع التحول TSP: The Shift Project" -الذي يسعى لإيجاد منظومات اقتصادية بديلة تعتمد الطاقة المتجددة- إلى أن نقل البيانات الرقمية وبنيتها التحتية مسؤولة عن حوالي 4% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وأن الطاقة الكهربائية المستهلكة في استخدام ونقل البيانات الرقمية تفوق الطاقة المستخدمة في تشغيل البنية التحتية وجميع أجهزة الحاسوب مجتمعة.

ووفقا لعملاق تكنولوجيا المعلومات سيسكو (Cisco) فإن 60% من سكان العالم يستخدمون الإنترنت بحلول 2022. وأن نقل البيانات على مستوى العالم يتزايد سنويا بمعدل الربع. لذلك كما يقول مهندس الطاقة والبيئة ماكسيم إيفوا-هيس في دراسته الأخيرة بمشروع التحول "يتوجب علينا أن نفكر بشكل عاجل في كيفية استخدام الإنترنت مستقبلا" وأن "نتواضع رقميا" إن جاز التعبير.

ويستطرد "ليس لدينا سوى موارد محدودة من الطاقة، وحتى المتجددة، فلا يُتوقع أن يسود استخدامها في جميع أنحاء العالم خلال السنوات العشر القادمة، وكي تصبح شبكة الإنترنت تعتمد على الطاقة النظيفة، يتوجب على كل بلاد العالم أن تستخدم الطاقات المتجددة فقط، وهو غير متوقع في المنظور القريب، لذلك ينبغي الحد من هذه الوتيرة المتسارعة في معدلات نقل البيانات عالميا".

وتشكل مقاطع الفيديو والصور المتحركة المبثوثة عبر الشبكة العنكبوتية 80% من البيانات المنقولة أي ما يقابل ثلاثمئة مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وإضافة لمقاطع الفيديو المخزنة على الإنترنت على منصات خوادم حاسوبية متاحة للوصول إليها عبر حواسب طرفية، فإن مقاطع البث المباشر تشكل 60% من البيانات المنقولة عبر الإنترنت.

المشكلة أن مقاطع الفيديو والصور المتحركة تتطلب نقل كميات هائلة من البيانات. وقد بلغ متوسط ما نتج عنها من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ثلاثمئة مليون طن عام 2018 وحده. وهي نفس الكمية التي تنتجها دولة مثل إسبانيا في عام.

وكلما زادت جودة مقاطع الفيديو ودقتها زادت كمية البيانات المنقولة. ووفقا لمشروع التحول، فإن عشر ساعات فقط من مقاطع الفيديو عالية الجودة (HD) تعادل جميع بيانات موسوعة ويكيبيديا المنشورة بالإنجليزية.

ووفق هيس، فإن الطريقة التي نستهلك بها مقاطع الفيديو قد تغيرت مؤخرا بشكل كبير. فبعد أن كانت تستخدم في السابق لعرض قصة ما مصحوبة بموسيقى، أصبحت تستخدم بهدف جذب انتباه المستخدمين والاحتفاظ بهم لأطول فترة ممكنة على المواقع، فأدمغتنا تسقط بسهولة في أسر الصور المتحركة التي تلفت انتباهنا مباشرة لأي شيء يتحرك.

وهذا هو السبب في أن المزيد من المقاطع الموسيقية والمعلومات والإعلانات على الإنترنت باتت تلجأ لمقاطع الفيديو والصور المتحركة. ليس هذا فحسب، ففي نفس الوقت، عمدت منصات مثل يوتيوب وفيسبوك ونتفليكس أكثر فأكثر إلى استخدام مقاطع الفيديو، بل وتفعيل خاصية التشغيل التلقائي لها دون الحاجة إلى تشغيلها بالضغط عليها يدويا، مع إضافة خاصية الترجمة المكتوبة أسفل الفيديو ليكون استهلاك المعلومات أسهل، لدفع المستخدم لمشاهدة الفيلم حتى نهايته في معظم المرات.

فهل يمكن كبح تعطش المستخدمين لمشاهدة مقاطع الفيديو من أجل خفض استهلاك الكهرباء؟