الأربعاء 2018/05/30

خواطر رمضانية…”مرحلة مثيرة وخطرة”

الأوطان العربية اليوم في مهب الريح ، والسؤال لماذا؟ هل ذلك بسبب الغرب أم بسبب الحكومات أم بسبب الشعوب أم بسبب النخب أم كل ذلك؟

الحقيقة أن كل دول العالم لها عدو خارجي يتربص بها فالعنصر الخارجي قائم ولا مناص منه ولكن تأثيره يتلاشى كلما كان المجتمع الذي يستهدفه قويا فتأثيره بقدر ضعف العنصر الداخلي ،ويمكن القول إن تأثير الأمم الأخرى على الأوطان العربية هو بسبب ضعفها الداخلي أولاً .

ولكن إذا نظرنا للأوضاع الداخلية وأردنا تحليلها سنجد أن الشعوب والنخب والحكام الكل في أزمة طاحنة نحتاج أن نعرف أسبابها حتى نتبين مصدر الإثارة ومصدر الخطر الذي يتكلم عنه العنوان!

الضعف الشامل الذي يصيب الأوطان العربية كلها مصدره أن نظام أفكارها أصيب بالإعياء منذ قرون ولَم يتم تحديثه بالرغم من ضخامة التطورات التي حدثت للنظام الكوني في المعارف والقدرات بحيث أصبح بإمكان إعداد قليلة من البشر مزودين بالتقنية المناسبة هزيمة آخرين يفوقونهم بالعدد بمئات المرات فالعلم والمعرفة أصبحت عوامل حاسمة في كل الميادين وليس في الحروب فقط والأمة حين تتوقف منظوماتها المعرفية تصبح ضحية لتفوق الآخرين واستغلالهم...وهي حينها تخوض معركة تجديد منظوماتها المعرفية من جانب وضمان بقاءها كحد أدنى إلى أن تستعيد عافيتها من جانب آخر .

ومصدر الإثارة هنا أن إدراك أننا نعمل في لحظة تاريخية من هذا النوع يجعل من يعرف مسار الأمم في مثل هذه اللحظات يعايش ذات المشاعر التي قرأ عنها عند أمّم أخرى عاشت نفس التجربة (أوربا والصين والهند ...) ومصدر الخطر أننا أمام تهديد وجودي حقيقي أن نكون أو لا نكون فمصير أجيالنا القادمة مرهون بقدراتنا في هذه اللحظة ...ما تمناه من الجيل القائم من الشباب أن يفهم أولا هذه المعادلة وينظر في ضوءها إلى الأحداث الجارية ويستشرف دوره في صناعة التاريخ فشرف البدايات الجديدة لا يعدله شرف لأنها لحظة تمتزج فيها أعلى درجات الإحباط مع أعلى درجات الطموح ويولد فيها أعظم الأشخاص الذين يصنعون التاريخ.

 


الشيخ جاسم السلطان