الأحد 2018/06/10

خواطر رمضانية…استراتيجية لاعب الجولف

الكلام في الإدارة الحديثة منصب على فكرة التحكم شبه التام في المخرجات بأقل تكلفة وأفضل جوده وأعلى عائد.

وهو يقوم على فرضية أن هناك خطة استراتيجية من نوع ما وداخلها برامج مشاريعية مرتبطة بزمن وبموارد وكل ذلك يقف على أرضية قانونية وكل ما يلزم هو تنفيذ هذه البرامج وفق السياسات فيتحقق الهدف.

لكن ماذا سنسمي التخطيط في غياب أهم المرتكزات وهي الموارد المالية والشكل القانوني المؤسسي الصلب بحيث لا توجد عناصر متفرغة ولا آلية محاسبة للعاملين ...كيف يمكن التعامل مع ظرف من هذا لأنواع؟

هذا ما يواجه أي شخص حامل لفكرة صعبة الهضم على المحيط فقد يتجه لكل المصادر التي يعرفها ولا يجد أذنا صاغية لإيجاد المورد والدعم المكافئ للطموح وكل الاستراتيجيات الكبيرة تحتاج إلى التمويل وتحتاج إلى الوضعية القانونية في حدودها الدنيا وكل ذلك قد لا يتوفر!

هنا تبرز إحدى استراتيجيات الحياة الأكثر استخداماً والتي لا نلتفت إليها رغم ممارستنا الطويلة لها وهي استراتيجية لاعب الجولف...فما هي هذه الاستراتيجية؟

لاعب الجولف يبدأ ضربته الأولى اتجاه حفرة يرى عَلَمَها ولكن هناك أربعة عشر حفرة لا يراها وعليه أن يقطعها بأقل عدد من الضربات لتحقيق الفوز فهنا لاعب الجولف يعلم المسار الكلي(الاتجاه) ولكنه لا يرى إلا أول نقطة أو أول علم فيركز انتباهه على إنهاء أول حفرة بأقل الضربات تاركاً ما بعدها إلى أن يفرغ من المهمة الأولى بنجاح ثم أن وصل ينقل تركيزه على المحطة التالية ...وهكذا...

نحن نفعل ذلك في دراستنا فرغم أن أحلامنا قد تكون كبيرة إلا إننا نبدأ بالمرحلة الدراسية الأولى ونقطعها صفاً صفاً فتركيزنا على المرحلة أو جزء من المرحلة برغم أن أهدافنا عالية وتقطيع المرحلة بحسب الإمكانات المتاحة.

فنحن حين طرحت فكرة الكتابة في مشروع النهضة كان الموضوع مرعبا فالنهضة مشروع موارده تُعجِز الدول فمن أين يبدأ مشروع مثل هذا وما هو أصغر جزء يمكن إنجازه في النقطة صفر من هذا المشروع وإلا فهناك جهود كبرى نحن نقف على أكتاف من أنجزوها فهو صفر نسبي ،لكن ما هي هذه النقطة التي نمتلك مواردها أو جزءا من متطلباتها والتي سننطلق منها؟

ذلك هو السؤال الأهم المحدد للانطلاق ،في مشروعنا كان كل ما نستطيعه هو إنجاز أول أربعة كتب كتابياًولا نمتلك موارد طباعتها...هذا هو المتاح وهذا ما تم فماذا بعد ذلك كان البحث عن ناشر مغامر وهكذا كان ...ثم النقطة التالية والتي بعدها ... كل شئ يمر عبر إنهاء مرحلة ثم رؤية النقطة التالية ومحاولة إنجازها .

هذا النوع من العمل تقوده الرؤية ويبدأ من الممكن ويتحرك في الممكن ولكن باستمرار الممكن لا يعكس كل الإمكان فهناك عناصر غير محسوبة يسميها المؤمن عوناً إلاهياً ويسميها غيره الصدفة ويسميها البعض الحظ ، وكلها تدل على اشتباك ما هو محسوب بما هو غير محسوب في مضاعفة الثمار واختصار الطريق، وهذا ما سنتحدث عنه في الخاطرة التالية.


الشيخ جاسم السلطان