الخميس 2018/05/31

خواطر رمضانية…أفكار قاتلة(أ)

الخروج من الحضارة وفقدان الفاعلية ليس حدثا عارضا أو فردا متهما بل هو حالة تتراكم فيها تصورات ورؤية للحياة توقف تدفق الدماء في شرايين تلك الحضارة فتفقد عوامل الخصوبة والنماء .

هي إذن عوامل عديدة تفعل فعلها وصراع وتدافع بين عوامل الصحة وعوامل المرض وأيهما رجحت كفته أفرز نتائجه في حياة تلك الحضارة.

في الحضارة الإسلامية تصارع في السياسة تصوران تصور يقوم على الاختيار الحر (حق الأمة في الاختيار) والتيار التسلطي التقليدي المعروف تاريخياً فانتصر الأخير واستقر فغاب حضور الأمة لصالح الفرد.

وتصارع فكر الاجتماع على بسائط الإيمان باعتبارها قوة مجمعة مع فكرة كتب العقائد التي بُنيت على فكرة الفرز والقطع فانتصرت فكرة الفرز على الجمع وأصبح لقاء المسلم مع المسلم يحتاج لاختبار عسر العبور.

واصطرعت فكرة الانفتاح على علوم الفكر والطبيعة وحرية السؤال والبحث مع فكرة الانغلاق على العلوم الدينية وتضييق أفق السؤال فانتصرت الأخيرة على الأولى .

واصطرعت فكرة مسؤولية الإنسان مع عمله مع فكرة الجبر فانتصرت فكرة توهين تلك المسؤلية وأعطيت للموضوع لغة غامضة لازال شرحها معضلاً إلى اليوم.

واصطرعت فكرة المساواة بين البشر بفكرة علوية الأعراق فانتصرت الثانية على الإولى.

واصطرعت فكرة التوازن بين الدنيا والآخرة فانتصرت فكرة الزهد والانسحاب من الحياة وتمجيد الفقر والمسكنة فأصبح رموزها هم الأمثلة المحتذاة والتي يضرب بها المثل.

والسؤال ليس عمّا مضى ،ولكن عن تلك المهمة المركبة التي تنتظر أبطالها ليقوموا باجتثاث جذور تلك الأفكار التي استقرت في عمق الوعي واللاوعي المجتمعي وأصبحت هي الدين عند عموم المجتمعات...فمعركة اجتثاث الأفكار القاتلة تبدأ من الوعي بها وتمر عبر سلسلة معاركها وتنتهي بزرع الأفكار الحية بدلا عنها.


الشيخ جاسم السلطان