الأثنين 2019/01/28

أدوية موصوفة تسبب زيادة الوزن

لا مجال للشك في أن الأدوية أصبحت شيئاً هاما في حياتنا، فبدونها لم نكن لنستطيع مواجهة أمراض كثيرة قضت على أعداد هائلة من البشر قبل اختراع الأدوية الحديثة التي تعالج هذه الأمراض، ولكن هذا لا يعني أن للأدوية فوائد فقط، وأنها خالية من العيوب والأعراض الجانبية.

وفي الحقيقة أن أحد أهم هذه الأعراض الجانبية لبعض العلاجات، سواء كانت الموصوفة من قبل الطبيب أو التي تستخدم دون وصفة طبية، هو زيادة الوزن.

ولا يمكننا اتهام هذه الأدوية بأنها السبب الوحيد لزيادة الوزن لدى المرضى، ولكن هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية مثل النظام الغذائي والرياضة ومواعيد النوم، وعوامل أخرى متعددة تلعب دوراً في زيادة الوزن.

ولنقل، أن هناك أدوية تستطيع التأثير على كل العوامل السابقة أو بعضها وبالتالي تؤدي إلى زيادة الوزن، أو حتى تجعل من الحفاظ على الوزن أمراً صعباً؛ لذا حين يصف لك الطبيب أحد هذه الأدوية، فعليك أن تتابع وزنك أثناء تناوله، وتبلغ الطبيب إذا كان هناك زيادة ملحوظة في الوزن قد تكون ذات صلة بالدواء.

* كيف يسبب الدواء الموصوف زيادة الوزن؟

الأدوية الموصوفة قد تتسبب في زيادة وزنك عن طريق عدة عوامل، ويمكنك ملاحظة تأثير بعض هذه الأدوية بطريقة سريعة وواضحة، في حين أن بعضها قد يكون تأثيره غير مباشر، كأن يسبب الكسل والخمول، الذي سيؤدي بك إلى قلة الحركة والنشاط، وبالتالي زيادة الوزن.

وبعض الأدوية قد تزيد من شهيتك للطعام، وتبطئ من عملية التمثيل الغذائي للجسم، أو تسبب الأرق، وكلها عوامل تساعد في زيادة الوزن كذلك.

ولوحظ أيضا ارتباط بعض الأدوية بزيادة وزن المريض، دون أن يتمكن الباحثون من تحديد سبب مباشر وصريح لذلك، وهذا قد يؤرق المريض خاصة إذا كان يسعى لضبط وزنه أو إنقاصه.

فإذا لاحظت مثل هذه الأعراض أثناء تناولك لدواء ما؛ فعليك بإخبار الطبيب، ومناقشته في ذلك.

* ما هي الأدوية الموصوفة التي قد تؤدي إلى زيادة الوزن؟

هناك أدوية عديدة يمكنها أن تزيد من وزن المريض، نذكر فيما يلي بعضها:

- مضادات الاكتئاب ثلاثي الحلقات مثل: الأميتريبتالين.

- مضادات الذهان مثل: الأولانزابين والكلوزابين.

- الكورتيزون ومشتقاته.

- مضادات مستقبلات البيتا مثل: ميتوبرولول والأتينولول.

- أدوية السكر مثل: غليبريد، بيوغليتازون، والإنسولين.

- أدوية الصداع النصفي مثل: الغابابنتين وحمض الفالبرويت.

- مضادات الهيستامين مثل: الستريزين والفيكسوفينادين.

- أدوية منع الحمل.

وعندما نتحدث عن الأعراض الجانبية لأي دواء، فعلينا القول أن الأعراض والتأثيرات تتفاوت بين مريض وآخر، فبعض المرضى قد يزيد وزنهم عدة كيلوغرامات بسبب علاج معين؛ بينما لا يتغير الوزن تقريبا لدى مريض آخر يأخذ نفس الدواء بنفس الجرعة في نفس المدة.

وبعض الأدوية يمكن أن نطلق عليها لفظ "التساوي في التأثير على الوزن"، فمن الممكن أن تؤدي لزيادة الوزن، ولكن ذلك يحدث فقط إذا تهيأت ظروف معينة مواتية.

فعلى سبيل المثال: مجموعة الأدوية النفسية من عائلة "مثبطات امتصاص السيريتونين الانتقائي" مثل سيتوبرام، سيرتالين، والفلوكستين ليس لها تأثير واضح على الوزن بشكل عام؛ إلا أنها وطبقاً لطول فترة استخدام هذه الأدوية وجرعتها يمكنها أن تسبب زيادة في الوزن، وواحد من هذه المجموعة كثيرا ما تصاحبه زيادة ملحوظة في وزن المريض، وهو باروكستين (باكسيل) (paroxetine (Paxil.

* ما هي المخاطر التي يمكن أن تحدث جراء استخدام الأدوية المحفزة على زيادة الوزن؟

المخاطر المصاحبة لزيادة الوزن الناتجة عن تناول أحد الأدوية الموصوفة، هي نفس المخاطر الناتجة عن زيادة الوزن في العموم، ودعنا نقول ليست كل زيادة في الوزن تدعو للقلق، فإذا كان وزنك دون المعدل الطبيعي أو حتى وزناً مثالياً قبل تناول الدواء وأدى تناولك للدواء لزيادة وزنك بمقدار كيلوغرام واحد فإنه ليس بالأمر السيئ، إلا أن زيادة الوزن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا كانت أكثر من الحد المقبول.

فإذا كنت مثلا ذا وزن زائد، ووصف لك الطبيب دواءً قد يحفز زيادة الوزن، فإنها لا تبدو فكرة جيدة على الإطلاق، خاصة إذا كان الدواء المُعطى يسبب مضاعفات أكثر من فوائده، أو أن المريض يعاني من زيادة في الوزن، ولديه مضاعفات سابقة من زيادة الوزن، حينها يكون إعطاء هذا الدواء فكرة غير سليمة من ناحية الممارسة الطبية.

ولنستعرض معكم بعضاً من المخاطر المصاحبة لزيادة الوزن:

- ارتفاع ضغط الدم.

- أمراض القلب.

- أمراض الكبد.

- السكتة الدماغية.

- السكر من النوع الثاني.

- متلازمة توقف النفس أثناء النوم.

بالطبع بعض هذه المضاعفات تحدث من استمرار زيادة الوزن لمدةٍ طويلة، وفي حالات كثيرة لا تحدث هذه المضاعفات إذا قام المريض بعدة إجراءات لضبط وزنه مثل الحمية الغذائية وممارسة الرياضة، كما أن القوانين في بعض البلدان تلزم الشركات المصنعة لمثل هذه الأدوية الثابت عنها زيادتها لوزن المريض بتحمل تكاليف علاج المريض من المضاعفات التي حدثت له جراء زيادة الوزن، أو تمنحه تعويضا ماليا له أو لأهله.

* ما الخطة العلاجية لمواجهة زيادة الوزن الناجمة عن الأدوية؟

إذا سبب لك الدواء المحفز لزيادة الوزن بعض مخاوفك، فهناك سبلٌ عدة لتهدئة هذه المخاوف، والكثير من الأطباء يصفون لمرضاهم حل هذا الأمر بزيادة ممارسة الرياضة وتغيير نظامهم الغذائي، خاصة إذا كان العلاج فعالا في علاج المرض الذي تم تناول الدواء بهدف علاجه.

وهناك حلول غير دوائية يمكنها أن تساعد في حل أزمة زيادة الوزن الناتجة عن بعض الأدوية، فعلى سبيل المثال: إذا كان سبب زيادة الوزن أن هذا الدواء يسبب لك الأرق، فبالتالي يؤثر على حرق وتمثيل الغذاء بجسمك ونشاطك أيضاً، فمن الممكن أن يصف لك الطبيب بعض النصائح الصحية لتحسين جودة نومك (مثل: عدم استخدام ومشاهدة أي شاشات - سواء التلفاز أو الهواتف الذكية - ساعتين قبل النوم، أو منع تناول القهوة، أو ممارسة الرياضة.. إلخ).

وفي بعض الحالات قد تفشل الطرق السابقة في حل معضلة زيادة الوزن الناجمة عن استخدام دواء ما، عندها يلجأ الأطباء إلى استبداله بدواء آخر، فبعض الأطباء النفسيين مثلا، قد يصفون لمريض الاكتئاب عقار "بوبروبيون"، والثابت عنه أنه يقلل من وزن المريض، بديلاً عن أدوية أخرى أسلفنا ذكرها من الممكن أن تزيد وزنه مثل "مضادات امتصاص السيريتونين الانتقائي" و"مضادات الاكتئاب ثلاثي الحلقات"، لكن يجب التأكيد مرة أخرى هنا أن أي تعديل يجب أن يكون بمعرفة الطبيب وتحت إشرافه.

ومن الممكن لطبيبك أن يقوم بسحب وإيقاف الأدوية التي سببت للمريض زيادة الوزن؛ خاصةً إذا لم تؤت نتائجها المرجوة للسبب الذي وصفت أساساً من أجله، ولكننا لا ننصح المريض على الإطلاق بإيقاف أي دواء من نفسه إذا لاحظ زيادة في وزنه على الميزان دون مراجعة الطبيب المعالج، ومناقشته في الأمر.

هناك أدوية مهمة وضرورية لسلامة المريض وتكون ذات تأثير قوي ومفيد في علاجه والحفاظ على حياته، ومنافعها أكبر بكثير من أضرارها، لكنها من ناحية أخرى قد تسبب له بعض المتاعب مثل زيادة بعض وزنه، وفي تلك الحالة علينا بمراجعة الطبيب، والتحدث معه عن مخاوفك بصراحة.. وحسب ما يرى الطبيب من موازنة ما بين إيجابيات وسلبيات هذا الدواء، فمن الممكن حينها أن يصف لك بديلا مناسبا، أو يقوم بتخفيض الجرعات استعدادا لاستبدالها بدواء آخر، أقل تأثيراً على الوزن، أو يخبرك بأهمية تناولك لهذا الدواء ومحاولة العمل على تخفيف آثاره الجانبية.

وقد يصف لك الطبيب أحد الأدوية التي قرأت أو سمعت أنها سببت لمرضى آخرين زيادة في الوزن، فلا يجب عليك التسرع في الحكم عليها، فاستجابة وتفاعل أجسادنا مع الدواء تختلف من جسم لآخر.

فإذا كنت تواجه متاعب تخص صعوبة الحفاظ على وزنك أو فقد بعض منه حتى مع ممارستك للرياضة، وتناولك لطعام متوازن وصحي، فإنك ستضطر لتكبد ثمن زيارة أخرى لطبيبك المعالج.