بقلم: ديفيد إديسنيك
المصدر: وول ستريت جورنالترجمة: مركز الجسر للدراساتمنعت العقوبات طهران من بيع نفطها الخام، ولكن ليس من إعطائه للديكتاتور السوري.
لقد أنجزت إدارة ترامب شيئا غير اعتيادي؛ فقد أدت العقوبات الصارمة التي فرضتها على إيران إلى سحب مليوني برميل يوميا من النفط الإيراني من السوق، دون دفع الأسعار العالمية إلى الارتفاع. يشهد اقتصاد طهران اليوم كسادا وتضخما يصل إلى 50٪. وحسب ما جاء على لسان مهندسي الصفقة النووية الإيرانية، لا ينبغي أن تكون العقوبات الاقتصادية بهذه الفعالية. في عام 2015، حذر باراك أوباما من "انهيار نظام العقوبات" في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.ومع ذلك، فإن الضغط المتزايد على إيران أدى ظهور مستفيد دون قصد: الديكتاتور السوري بشار الأسد.لقد أدت العقوبات إلى إبعاد عملاء طهران الذين يدفعون مقابل النفط الإيراني، لذا فإن طهران تستخدم جزءا من فائضها النفطي لتخفيف النقص الحاد في سوريا. فقد وصلت خمس ناقلات نفط خام إيراني إلى ميناء بانياس منذ أوائل أيار/ مايو الماضي، وفقا لصور القمر الصناعي المتاحة، والصادرة عن مراقبين للأنشطة التجارية في مجموعة "تانكر تراكرز". توفر كل سفينة نحو مليون برميل من النفط، الذي تقدر قيمته حاليا بأكثر من 60 مليون دولار. تقوم مصافي الأسد بمعالجة النفط الخام وتحويله إلى بنزين وغيره من المنتجات النفطية التي يمكن للنظام توفيرها لقواته المسلحة أو بيعها للمدنيين.لا يصل النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، لكنه يسمح للأسد بارتكاب المزيد من الفظائع. فخلال هجومه الأخير، قصف الديكتاتور السوري مرة أخرى عشرات المستشفيات والمرافق الطبية، ما دفع بترامب إلى التغريد على حسابه: "العالم يراقب هذه المجزرة، ما هو الغرض منها، وما الذي ستحصل عليه في المقابل؟ توقف!". يمكن للرئيس ترامب المساعدة في وقف هذه المجزرة عن طريق فرض المزيد من الضغط على إمدادات النفط السورية.خلال الخريف الماضي، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن شبكات من التجار غير الشرعيين وحذرت من عواقب انتهاك العقوبات في قطاع شحن النفط. جفت بعدها إمدادات النفط السورية بسرعة. في الأشهر الخمسة التالية، وصلت إلى ميناء بانياس ناقلة واحدة فقط من الخام الإيراني، وبدأ سكان دمشق بالاصطفاف أمام الباعة لشراء غاز الطهو. ما اضطر نظام الأسد لخفض حصص البنزين لجالون واحد في اليوم. ثم، ولأسباب غير واضحة، بدأت ناقلات النفط الإيرانية باختراق جدار العقوبات في أيار/ مايو الماضي. قد يكون السبب في ذلك أن الحكومة المصرية قد سمحت للناقلات الإيرانية بالمرور عبر قناة السويس، التي تعد ممرا محوريا لأي سفينة متوجهة لشرق البحر المتوسط من الخليج العربي.أصبح التعقب الفوري للسفن التجارية متاحا على نطاق واسع لأن القانون البحري يشترط على السفن من ذات حجم معين، أن تتوفر على نظام التعريف الأوتوماتيكي أو ما يسمى ب "AIS "، الذي يرسل إشارات علنية عن أمكان وجود هذه السفن. في آذار/ مارس الماضي، منعت مصر ناقلة نفط مدرجة في اللائحة السوداء من دخول قناة السويس.يمكن رؤية جميع الناقلات الخمس التي وصلت إلى سوريا في شهر أيار/ مايو الماضي متجهة شمالا عبر السويس. بعد مغادرة المياه المصرية، أطفأت هذه السفن نظام التعريف الأتوماتيكي الخاص بها AIS، الأمر الذي يعد خطيرا وغير قانوني.خلال العام الماضي، اصطدمت ناقلة إيرانية كانت قد أطفأت هي الأخرى نظام التعريف الأتوماتيكي مع سفينة، واشتعلت فيها النيران وغرقت قبالة ساحل الصين ولقي طاقمها المكون من 32 بحارا حتفهم.يجب على البيت الأبيض الضغط على القاهرة لمنع مرور كل الناقلات المتوجهة إلى سوريا من عبور القناة امتثالا للعقوبات المفروضة والسلامة الأساسية.يتمتع الرئيس ترامب بعلاقة جيدة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي التقى به ست مرات. كان ثمن هذه العلاقات الجيدة مع مصر استعداد واشنطن للتقليل من شأن ملف حقوق الإنسان داخل مصر. لدى البيت الأبيض الآن فرصة للاستفادة من تلك التسوية لإيقاف الأعمال الوحشية في سوريا.إن مسألة إعادة فرض الضغط على الأسد ليست مسألة إنسانية فقط، فحسب تقديرات وزارة الخارجية أنفقت إيران 16 مليار دولار لدعم نظام الأسد في الوقت الذي يغرق مواطنوها في الفقر. قد تدفع الولايات المتحدة طهران إلى إنفاق المزيد على سوريا، حتى مع انقطاع دخلها من النفط.يُعرف القادة الإيرانيون بصبرهم، فقد احتفل المرشد الأعلى علي خامنئي الأسبوع الماضي بعيد ميلاده الثلاثين في السلطة. يبدو أنه مصمم على الصمود بعد ترامب، وعلى التعامل مع خلف ديمقراطي أكثر مرونة. إلا أنه يمكن للعمل السريع الآن أن ينقذ الأرواح في سوريا ويجعل من الصعب على خامنئي ورجال الدين المحيطين الصمود
اقرأ المزيد