تمنع إدارة "حزب الاتحاد الديمقراطي" PYD، من ينزح إلى مناطق سيطرتها من الإقامة كإنسان في مدنها وقراها ، ولهذا أنشأت "الإدارة الذاتية الكردية" في محافظة الحسكة حاجزين يستقبلان الفارين من مناطق تنظيم الدولة في محافظتي الرقة ودير الزور.
أما الحاجز بين الرقة والحسكة فهو حاجز "مبروكة" سيئ الصيت والسمعة ، وأما الحاجز بين محافظتي دير الزور والحسكة فهو حاجز "رجم الصليبي" والذي صار معروفاً باسم "مخيم القبور".
يقع حاجز "رجم الصليبي" في أول نقطة تفصل بين مناطق سيطرة تنظيم الدولة ومناطق المليشيات الكردية جنوب وجنوب شرق محافظة الحسكة، وهو أول نقطة أمنية للأكراد تستقبل النازحين من محافظة دير الزور.
التدقيق غير الاعتيادي في هويات النازحين ومعاملتهم بطريقة لا إنسانية ، واتهامهم بأنهم "دواعش" ، ليست هي المعاناة الوحيدة للمدنيين الذين دفعوا كل ما يملكون وتجازوا شتى الأهوال للهروب من مدنهم وقراهم، والوصول إلى هذه النقطة ، بل إن الأمر قد يكون أدهى وأمرَّ مما كانوا فيه أصلاً.
إهمال متعمَّد لأدنى مقومات الحياة التي يحتاجها الآدمي، فلا أدوية ولا أغذية ولا غطاء ولا وطاء .. مخيم هو باختصار أشبه بالمقبرة، حيث يقوم نزلاؤه بحفر جحور في الأرض في محاولة يائسة للتوقي من البرد ، مع عدم وجود الخيامٍ.
أكثر من ثلاثة أسابيع تمضي كأعوامٍ على النساء والأطفال والشيوخ وهم ينامون في العراء ، بدون تقديم أي مساعدات، بل إن النازحين في "مخيم القبور" يضطرون لشراء كل ما يحتاجونه من ماء و خبز و غذاء من جيوبهم و بأسعار باهظة ، حيث يشترون علبة الماء الصغيرة بــ 500 ل.س و كيس الخبز بــ 1000 ل.س.
حجة تسلل عناصر "تنظيم الدولة" هي الذريعة السحرية للمليشيات الكردية، للتعامل اللاإنساني مع النازحين الفارين من أرياف و مناطق دير الزور أو من مدينة الموصل العراقية، ما يجعل عشرات الأطفال في "المخيم" يواجهون أمراض وأوبئة الجرب و اللاشمانيا ، إضافة إلى التهابات في كل أنحاء الجسم.
أسلوب "العقوبة الجماعية" للفارين من مناطق سيطرة تنظيم الدولة ، تمارسه مليشيات "صالح مسلم" على نساء وأطفال وعجائز ، لم يشفع لهم هروبهم من مناطق الموت ، من الوقوع في موت من نوع آخر يضطرون فيه إلى دفن أجسادهم وهم أحياء، في مشهد يصرخ في وجه الإنسانية جمعاء ، بأن باطن الأرض صار للمستضعَفينَ ...خيراً من ظاهرها.