الثلاثاء 2019/12/03

ماذا تخبئ درعا لنظام الأسد..ثورة جديدة؟

أسبوع مشتعل شهدته محافظة درعا بعد اندلاع تظاهرات جديدة ضد نظام الأسد ومليشياته، وذلك في ظل عمليات الاغتيال المتكررة التي تطال عناصر سابقين بالجيش السوري الحر من الموقعين على اتفاق "التسوية" الذي وُقعَ العام الماضي برعاية روسيا، وتم بموجبه إخراج المعارضين له إلى شمال سوريا.

درعا البلد شهدت أضخم تظاهرة في الجنوب السوري منذ توقيع اتفاق "التسوية"، إذ خرج الآلاف الجمعة بمظاهرة نادت بإسقاط النظام وطرد المليشيات الإيرانية، وذلك خلال تشييع مقاتلين سابقين بالجيش السوري الحر لقيا حتفهما بإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين في منطقة درعا البلد.

استُبقت هذه المظاهرة بمظاهرة مماثلة في مدينة طفس غربي درعا، وذلك أثناء تشييع القيادي السابق في الجيش الحر "وسيم عبدالله الرواشدة"، والذي لقي حتفه أيضاً بعملية اغتيال لمسلحين مجهولين.

من هم المسلحون المجهولون ؟

تشير مصادر محلية في درعا إلى أن عمليات الاغتيال التي تجري في المحافظة بحق قادة وعناصر اتفاق "التسوية" تقف وراءها مخابرات نظام الأسد، وذلك في محاولة منها لسحق المعارضين الذين بقوا في الجنوب السوري، لكن يبدو أن النظام أخطأ في حساباته، فهذه الاغتيالات جاءت بردة فعل عكسية لدى الموقعين على "التسوية"، والذين صار يخشى كل واحد منهم أن يكون الهدف القادم، الأمر الذي دفعهم إلى القيام بعمليات مماثلة، وطالت الاغتيالات العديد من عناصر قوات النظام والمليشيات الموالية له.

الناشط الإعلامي المنحدر من درعا علي حمدان والذي عمل كمراسل سابق لقناة الجسر يقول في حديث خاص معه إن النظام هو المسؤول عن الاغتيالات التي تشهدها درعا، مضيفاً أن محافظة درعا تشهد حالة من الغليان و الانفلات الأمني على خلفية الاغتيالات المتكررة التي تشهدها المنطقة، وتتركز الاغتيالات بحسب "حمدان" على قيادات كانت تعمل سابقا ضمن صفوف الجيش السوري الحر و سوّت أوضاعها مع النظام، إضافة لتصفية العناصر التي حصلت على بطاقة "تسوية" مع النظام و انخرطت في صفوفه أو التي لم تحصل على بطاقة "تسوية" و لم تنخرط.

الهدف من تلك الاغتيالات وفق الناشط علي حمدان هو خلق فتنة بين أبناء المنطقة ولتستمر الفوضى وعدم الاستقرار، وذلك من الممكن أن يستغله النظام ليقول لروسيا إن المنطقة مازالت ممتلئة بالمخربين ليستخدمها كذريعة لاجتياح درعا مجدداً ضمن عملية عسكرية، خاصة أن القرار بيد روسيا.

ضرب أبناء المنطقة ببعضهم ؟

لكن يبدو أن وراء الاغتيالات هدف آخر يسعى له نظام الأسد، وهو ضرب أبناء المنطقة ببعضهم وفق ما يرى الكثيرون، فصحيح أن عناصر النظام وقعوا ضحية أيضاً لعمليات الاغتيال، إلا أن هذا الأسلوب يخدم النظام، فهو يسعى لشحن الموالين له في درعا على المعارضين له بشكل أكبر، في حين تبقى الشخصيات الرفيعة بنظام الأسد في الجنوب السوري من ضباط ومسؤولين بعيدة كل البعد عن دائرة الاستهداف.

ومما يساعد النظام في ذلك كونه لا يتمتع بنفوذ في قلب المدن والبلدات الدرعاوية الموقعة على "التسوية"، ويقتصر وجوده على حواجز ينشرها في محيط المدينة.

وعن هذا يقول الناشط علي حمدان إن النظام لا يسيطر بشكل فعلي على مناطق "التسوية"، فهو يقوم بنشر الحواجز الأمنية في محيط المنطقة، و يُدخل خلايا تعمل لصالح مليشيا حزب الله و إيران ويقوم بتجنيد أشخاص لتنفيذ عمليات الاغتيال، في وقت تعجز مخافره الأمنية عن جلب شخص مطلوب خاصة في مناطق الريف الغربي التي عقدت الاتفاق مع الاحتلال الروسي، مثل طفس والمزيريب واليادودة وتل شهاب، ما يشير إلى أنه يعتمد على أسلوب الاغتيالات فقط.

تهميش متعمد..

وكحال العديد من المناطق التي وقعت اتفاق "تسوية" فإن درعا تشهد تدنياً ملحوظاً في الخدمات على خلاف المناطق التي لم يدخل إليها الجيش السوري الحر سابقاً.

يقول الناشط الإعلامي علي حمدان في هذا الصدد: "النظام يميز بشكل واضح ما بين المناطق التي كانت تحت سيطرته و المناطق التي دخلت باتفاق السيطرة. فهو يحرم مناطق التسويات من أي نوع من الخدمات و يعاقب الأهالي الموجودين في هذه المنطقة. وتقوم قواته باعتقال أو تصفية الأشخاص الذين يذهبون إلى المشفى الوطني بدرعا فقط لأنهم من أبناء المناطق التي خضعت لتسويات".

هل التظاهرات تهدد النظام ؟

وعلى الرغم من أن المظاهرات عمّت مناطق واسعة في درعا خلال الأيام والأسابيع الماضية، إلا أن النظام لم يتعامل معها بالقبضة الأمنية الحديدية المعتادة كأن يُصعد ضد المناطق التي تخرج فيها المظاهرات أو يستخدم سلاح المدفعية أو الطيران، الأمر الذي يؤكد أنه يتخوف من التصعيد بشكل مباشر مع أهالي الجنوب، ويسعى جاهداً لتصفية معارضيه بصمت، أو على الأقل قادة المعارضين الذين من المحتمل أن يكون لهم تأثير ما في المرحلة المقبلة، ما يعني أن المظاهرات طالما أن النظام لم يتعامل معها بالقوة فإنها بالمقابل لن تؤذيه كثيراً.