اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الجماعات المسلحة وبعض القوى التابعة لحكومتي ليبيا المتنافستين على الشرعية، بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق ضد الليبيين والأجانب في ظل الإفلات من العقاب. وذكرت المنظمة في تقريرها العالمي 2018 الصادر أمس الخميس، أنه منذ اندلاع الصراع الضاري في مايو 2014، قتلت الجماعات المسلحة بشكل غير قانوني، وأخفت، وعذبت، وشردت قسرا، واحتجزت تعسفيا أشخاصا بسبب دوافع سياسية، أو اقتصادية، أو جنائية، حسب قولها.وأشار التقرير، إلى أن مئات الآلاف من الليبيين ظلّوا نازحين، في حين أن جماعات مسلحة ومجرمين استغلوا وعرضوا آلاف المهاجرين للعنف، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء. وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة إريك غولدستين: "تُظهر أزمة الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط لبقية العالم أنه يتجاهل كارثة ليبيا في مجال حقوق الإنسان رغم المخاطر، ويتطلب استقرار الوضع في ليبيا نوعا من تدابير المساءلة عن الانتهاكات المتفشية التي ترتكبها جهات فاعلة مختلفة".وكتب المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، في المقال الافتتاحي للتقرير العالمي، "أن القادة السياسيين الذين تحلّوا بالإرادة للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أنه من الممكن وضع حد للأجندات الشعبوية السلطوية، وعندما تضافرت جهودهم مع تحركات الجماهير والفاعلين المتعددين، أثبتوا أن صعود الحكومات المناهضة للحقوق ليس حتميا"، وفق قوله.انهيار السلطةوبحسب التقرير، فقد أسفرت النزاعات المسلحة منذ عام 2014 عن انهيار السلطة المركزية، مؤكدا أن المؤسسات الرئيسية، لا سيما مؤسسات إنفاذ القانون والقضاء، تعاني من خلل وظيفي في معظم أنحاء البلاد، مما يكفل عمليا الإفلات من العقاب على الصعيد المحلي. وفي 18 مايو الماضي، هاجمت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل الأمم المتحدة، قاعدة جوية يُسيطر عليها "الجيش الوطني" الموالي للحكومة المؤقتة في شرق ليبيا، وأعدمت بإجراءات موجزة 51 فردا، أغلبهم مقاتلون أسرى، بحسب ما نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش".وقالت المنظمة الحقوقية: "إن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أصدر في 15 أغسطس المنصرم مذكرة توقيف الأولى من نوعها عن الجرائم التي ارتكبت منذ انتفاضة 2011 في ليبيا، ضد محمود الورفلي قائد القوات الخاصة في الجيش الوطني التابع لعملية الكرامة، بعد ظهور فيديوهات تُورطه في إعدامات غير قانونية في شرق البلاد، وفي أكتوبر، عُثر على 36 جثة في بلدة الأبيار الشرقية، أُعدموا - على ما يبدو - بطريقة غير شرعية، من قبل جماعات مسلحة موالية لقوات الكرامة.وأكدت المنظمة، أنه في ليبيا تحتجز كل من وزارة العدل ومختلف الجماعات المسلحة المرتبطة بوزارتي الداخلية والدفاع التابعتين لكلتا الحكومتين في البلاد، آلاف الليبيين تعسفيا لفترات طويلة، منوهة إلى أنه وفقا للشرطة القضائية حُكم فقط على 25 بالمئة من الـ 6,400 معتقل في مرافق وزارة العدل، أما الباقون فهم رهن الاحتجاز ما قبل توجيه التهم أو المحاكمة، بحسب نص التقرير.20 ألف نازح من بنغازيوأضاف التقرير، أنه لا يزال 20 ألف شخص على الأقل من بنغازي نازحين، معظمهم منذ 2014، ومنعتهم قوات الكرامة من العودة إلى ديارهم، متهمة عائلات بأكملها بـ "الإرهاب"، في حين عرضتهم لانتهاكات بما في ذلك مصادرة ممتلكاتهم.وأفاد التقرير، بأن جماعات مسلحة من مصراتة واصلت العقاب الجماعي ضد 53 ألف من سكان تاورغاء من خلال منعهم من العودة إلى ديارهم، متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب في 2011، على الرغم من اتفاق جرى التوصل إليه بين الطرفين بوساطة الأمم المتحدة.وقد أعلنت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، في 26 ديسمبر الماضي، أن النازحين من سكان مدينة تاورغاء يُمكنهم العودة إلى بلدتهم اعتبارا من الأول من فبراير المقبل.جرائم ضد المهاجرينوأوضحت "هيومن رايتس ووتش"، أن "الميليشيات، والمهربين، والحراس في مراكز الاحتجاز عرّضوا آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء الذين واصلوا التدفق إلى ليبيا، للضرب والعنف الجنسي والعمل القسري"، مشيرا إلى أنه "خلال اعتراضهم في عرض البحر، مارست قوات خفر السواحل الليبية سوء المعاملة ضد المهاجرين قبل إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز حيث الظروف غير إنسانية"، على حد قولها.
اقرأ المزيد