مع إصرار السلطات الجزائرية على إجراء الانتخابات الرئاسية، في ثالث إعلان منذ استقالة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، بدأت حملة قمع واعتقالات للنشطاء البارزين الذين يرفضون إجراء هذه الانتخابات.
فعندما اندلعت التظاهرات في الجزائر في فبراير الماضي، انطلقت من الاحتجاج على ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة بعد 20 عاما من الحكم، لكنها سرعان ما تحولت إلى مطالبات بإصلاح سياسي شامل وبإسقاط النظام وليس تغيير رأسه فقط.
لكن السلطات، وعلى رأسها قائد أركان الجيش قايد صالح، الرجل القوي الجديد في البلاد، رفضت مطالب المحتجين بإرجاء الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس.
وجميع المرشحين الخمسة الذين حصلوا على موافقة لخوض انتخابات الخميس، هم من كبار المسؤولين السابقين وعلى صلة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي أجبره الجيش على التنحي في أبريل نيسان استجابة للاحتجاجات.
وقبل ساعات من الانتخابات الرئاسية الجزائرية، سردت منظمة العفو الدولية ممارسات السلطات لقمع الحراك باستخدام القوة غير الضرورية والمفرطة أحيانا لتفريق المظاهرات السلمية واحتجاز محتجين تعسفا، بالإضافة إلى تعذيب بعضهم، "في انتهاك واضح لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي".
اعتقالات
فمنذ بدأت الحملة الانتخابية الرئاسية في 17 نوفمبر الماضي، اشتدت موجة الاعتقالات التي تستهدف المحتجين السلميين.
وقالت منظمة العفو الدولية، الأربعاء، إن السلطات اعتقلت ما لا يقل عن 300 شخص في موجات الاعتقالات في أسبوع واحد فقط، ما بين 17 و24 نوفمبر الماضي.
وفي 28 نوفمبر، ندد البرلمان الأوروبي بـ"التوقيف التعسفي وغير القانوني" و"بالتخويف والاعتداءات" بحق صحافيين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومتظاهرين.
تعذيب
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى توثيق معاملة سيئة للمعتقلين في الحجز.
وقال محامو شمس الدين إبراهيم لعلامي، الناشط من برج بوعريريج، الذي قُبض عليه في 20 نوفمبر، إنهم رأوا كدمات على وجهه وذراعه، ولم يتمكن من الوقوف، مما يشير إلى أنه تعرض للضرب في الحجز، بحسب المنظمة.
ولعلامي قيد الحبس الانفرادي منذ اعتقاله في انتظار المحاكمة، ومضرب عن الطعام حاليا.
وتعرض ناشط سياسي سلمي آخر، وهو سفيان باباسي، للضرب عند اعتقاله في 26 نوفمبر في بومرداس، وذلك حسب ما ذكر أحد محاميه.
وأصيب يونس رجال، وهو محتج اعتقل أثناء إحدى المظاهرات في وهران في نفس اليوم، بكدمات على ذراعه، "وكان فاقدا للوعي تقريبا عندما عثر عليه أعضاء الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في أحد أقسام الشرطة"، بحسب المنظمة. وقال يونس رجال لمنظمة العفو الدولية إنه تعرض للضرب عند اعتقاله.
قتل
منذ بدء المظاهرات، قام رمزي وأصدقاؤه برحلة الـ 50 كلم من بوقرة (ولاية البليدة) إلى الجزائر كل يوم جمعة.
في 12 أبريل، وبعد أن تم تفريق الاحتجاجات من قبل قوات الأمن باستخدام القنابل المسيلة للغاز وخراطيم المياه، أوقفت الشرطة رمزي وأصدقاءه وهم في طريقهم إلى مدينتهم وانهالت عليهم بالضرب بالهراوات.
وقبل أن يفقد وعيه ويفارق الحياة، أخبر رمزي يطو أحد متطوعي الإسعافات الأولية، الذي وجده ملقى على الأرض وسترته ملطخة بالدماء، بأنه تعرض للضرب على أيدي الشرطة، وذلك بحسب منظمة العفو الدولية.
أحكام بالسجن
في 17 نوفمبر، اعتُقل ما لا يقل عن 37 من المحتجين السلميين المعارضين للانتخابات الرئاسية خلال تجمع انتخابي نظمه علي بن فليس، وهو أحد المرشحين للرئاسة، في تلمسان، غربي الجزائر. وأدين أربعة محتجين بتهمة "التحريض على تجمهر غير مسلح"، وحكم عليهم بالسجن لمدة 18 شهرا، وحكم على 14 آخرين بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ.
وينتظر آخرون محبوسون احتياطيا، المحاكمة بتهم مثل "الإضرار بالأمن القومي"، و"التحريض على التجمهر غير المسلح"، و"العصيان المدني"، و"الإضرار بالأمن القومي".
وبحسب اللجنة الدولية لتحرير المعتقلين، التي تحدد وتدعم الأشخاص الموقوفين على خلفية الحراك، وضع نحو 140 شخصاً قيد الحجز الاحتياطي أو أدينوا في الأشهر الأخيرة.
ورصدت المنظمة تزايدا في "حدة الخطاب السياسي ضد المعارضين للانتخابات الرئاسية في الفترة الأخيرة"، إذ زادت اتهامات التخوين والعمالة، خاصة بعد وصف وزير الداخلية صلاح الدين دحمون في 3 ديسمبر، المناهضين للانتخابات الرئاسية، بأنهم "خونة" و"مرتزقة" و"شواذ" وبأنهم من "بقايا الاستعمار".
اقرأ المزيد