الأحد 2022/03/13

هل تغيرت السياسة الخارجية الأميركية بعد الغزو الروسي؟!

دفعت الحرب في أوكرانيا الولايات المتحدة إلى أكبر عملية إعادة تفكير في سياستها الخارجية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، ما أدى إلى بث روح جديدة في سياستها وتغيير حساباتها الاستراتيجية مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

لقد ربط الغزو الروسي أميركا بأوروبا بشكل أقوى من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة وعمق العلاقات الأميركية مع الحلفاء الآسيويين، كما دفعها لإعادة تقييم علاقاتها مع بعض المنافسين مثل الصين وإيران وفنزويلا.

كما أعاد تنشيط دور واشنطن القيادي في العالم الديمقراطي بعد أشهر فقط من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان.

وقال بنيامين جيه رودس، النائب السابق لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد أوباما: "يبدو الأمر وكأننا بالتأكيد في حقبة جديدة. فترة ما بعد 11 سبتمبر، والحرب على الإرهاب أصبحت الآن وراءنا. ولسنا متأكدين مما هو التالي".

وأكدت الصحيفة الأميركية أن العدوان الروسي سيعمل على تنشيط كفاح بايدن العالمي من أجل الديمقراطية ضد الأنظمة الاستبدادية مثل موسكو.

وأشارت إلى أن الحرب تطفي إلحاحا على أجندة بايدن بشأن تغير المناخ، مما يعزز الحاجة إلى مزيد من الاعتماد على الطاقة النظيفة المتجددة بدلا من الوقود الأحفوري الذي يملأ الخزائن الروسية.

كانت السياسة الخارجية لواشنطن تمر بالفعل بتحول كبير، مع انتهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق. فقد سعى بايدن إلى إعادة بناء التحالفات الأميركية، لكنه فعل ذلك إلى حد كبير باسم مواجهة الصين، وفقا لتقرير نيويورك تايمز.

تحول جيوسياسي

وأكدت الصحيفة أن الغزو الروسي وسع مهمة بايدن بشكل كبير وعاجل، مما مهد الطريق لتحول جيوسياسي من شأنه أن يضع الولايات المتحدة وحلفاءها في مواجهة الصين وروسيا إذا شكلوا كتلة مناهضة للغرب.

كما خلق حافزًا جديدًا قويًا للولايات المتحدة لإيجاد طرق لإبعاد الرئيس الصيني شي جين بينغ، بعيدًا عن بوتين، الذي من المحتمل أن يلجأ إلى بكين بعد العقوبات الغربية عليه.

لكن بعض مسؤولي إدارة بايدن يرون أن الصين قضية "خاسرة" ويفضلون معاملة بكين وموسكو كشريكين، على أمل أن يحفز ذلك السياسات بين الحلفاء الآسيويين والأوروبيين لاحتوائهما، بحسب نيويورك تايمز.

بينما يحذر بعض الخبراء من أن التركيز المتجدد على أوروبا سيؤدي حتماً إلى تحويل الانتباه عن آسيا، ويقول العديد من كبار مسؤولي البيت الأبيض إن الولايات المتحدة يمكنها الاستفادة من الطريقة التي أقنعت بها الحرب بعض الحكومات الآسيوية بأنها بحاجة إلى العمل عن كثب مع الغرب من أجل البناء.

وقال كيرت كامبل، كبير مسؤولي البيت الأبيض بشأن السياسة الآسيوية، في حديث استضافه صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة: "ما نراه الآن هو مستوى غير مسبوق من الاهتمام والتركيز الآسيوي".

وأضاف: "وأعتقد أن إحدى نتائج هذه الحرب ستكون التفكير في كيفية تقوية الروابط المؤسسية بين أوروبا ودول المحيط الهادئ".

أما بالنسبة لإيران، فقد وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الجمعة، على وقف محادثات الاتفاق النووي، بسبب رفض الدول الغربية طلبًا من موسكو بضمانات بإعفاء تعاملاتها المستقبلية مع إيران من العقوبات المفروضة على روسيا في الأسابيع الأخيرة.

وقالت داليا داسا كاي، الخبيرة في شؤون إيران في مؤسسة راند: "لقد كان واضحًا منذ نهاية الأسبوع الماضي أنه لا يمكن عزل مفاوضات إحياء الاتفاق النووي عن الحرب الأوكرانية".

فنزويلا والخليج

وأكدت الصحيفة أن الحرب على أوكرانيا دفع الولايات المتحدة إلى أن تنظر إلى فنزويلا من زاوية جديدة. فقد سافر كبار مسؤولي إدارة بايدن إلى كاراكاس بعد أسبوعين من الغزو الروسي، لأول مرة منذ سنوات.

تخضع فنزويلا، الحليفة لروسيا، لعقوبات أميركية شديدة منذ سنوات لإضعاف الحكومة القمعية للرئيس نيكولاس مادورو. وفي عام 2019، فرضت إدارة ترامب عقوبات إضافية على شركة النفط الحكومية والبنك المركزي وكبار المسؤولين للضغط على مادورو للتنحي.

الآن، مع تطلع بايدن إلى زيادة إمدادات النفط العالمية لخفض الأسعار، يتحدث المسؤولون الأميركيون إلى حكومة مادورو للتوصل لاتفاق بشأن هذه القضية، بحسب نيويورك تايمز.

أثار هذا التوجه بعض الانتقادات الحادة في الكونغرس، وقال السناتور بوب مينينديز، الديموقراطي عن ولاية نيوجيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن "الجهود المبذولة لتوحيد العالم بأسره ضد طاغية قاتل في موسكو لا ينبغي تقويضها. من خلال دعم ديكتاتور قيد التحقيق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في كاراكاس".

كما دفعت الحرب إدارة بايدن إلى مراجعة العلاقات الأميركية العلاقات مع كل من السعودية والإمارات بعد أزمة النفط، وفقا للصحيفة.

في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يعمل العديد من الشركاء والحلفاء المهمين للولايات المتحدة مع واشنطن بشأن العقوبات وضوابط التصدير على التكنولوجيا ضد روسيا.

وتشمل هذه اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وأستراليا. وقد وافقت بعض الدول الآسيوية على مقايضات طويلة الأجل للغاز مع أوروبا للمساعدة في تخفيف احتمال توقف روسيا عن صادرات الطاقة. والتزمت أستراليا بإنفاق 50 مليون دولار لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك الصواريخ والذخيرة.

ومع ذلك، امتنعت الهند، الشريك الأميركي في التحالف الرباعي للديمقراطيات في آسيا، عن إدانة الغزو الروسي بسبب العلاقات الأمنية القائمة منذ عقود مع موسكو.