قالت منظمة العفو الدولية إن القوات الروسية أعدمت مدنيين عزل في أوكرانيا فيما يبدو أنها "جرائم حرب"، مستشهدة بذلك بشهادات ميدانية أجرتها في مدن قريبة من كييف كانت تسيطر عليها قوات روسية.
وذكرت المنظمة الحقوقية، ومقرها لندن، أن محققيها في الاستجابة للأزمات أجروا مقابلات مع أكثر من 20 شخصا من القرى والبلدات القريبة من كييف، قال العديد منهم إنهم شهدوا أو كان لديهم معرفة مباشرة بارتكاب جنود روس أعمال عنف مروعة ضد المدنيين العزل في جميع أنحاء المنطقة.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامارد في بيان إنه "في الأسابيع الأخيرة، جمعنا أدلة على أن القوات الروسية ارتكبت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير المشروع، والتي يجب التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب محتملة".
وأضافت أن "الشهادات تُظهر أن المدنيين العزل في أوكرانيا يُقتلون في منازلهم وفي الشوارع في أفعال وحشية ومروعة لا يمكن أن توصف".
وأشارت المنظمة إلى أن "القتل العمد للمدنيين وعمليات الاغتصاب والتعذيب، وكذلك المعاملة اللاإنسانية لأسرى الحرب، هي انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب".
وتابعت أن "من يرتكبون هذه الأعمال يجب أن يتحملوا المسؤولية الجنائية إلى جانب رؤسائهم".
وكانت المحكمة الجنائية الدولية ولجنة تحقيق تابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمدعي العام الأوكراني فتحوا تحقيقات في جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الروسية.
لكن المقابلات التي أجرتها منظمة العفو الدولية ونشرت يوم الخميس توفر نافذة مرعبة على هذه الاعتداءات بتفاصيل مروعة.
وفقا لتقرير المنظمة، فإن إحدى الذين تمت مقابلتهم وتدعى كاترينا تكاتشوفا البالغة من العمر 18 عاما، أخبرت منظمة العفو الدولية أنها كانت في المنزل مع والديها في قرية فورزيل شمال غرب كييف في 3 مارس، عندما وصلت دبابات لشارعهم.
قالت تكاتشوفا إن والدتها ووالدها، اللذان كانا غير مسلحين ويرتديان ملابس مدنية، غادرا الطابق السفلي من المنزل حيث كانوا يختبئون، وخرجوا إلى الشارع، بعد أن طلبوا منها البقاء.
وأضافت تكاتشوفا أنها سمعت بعد ذلك طلقات نارية، فخرجت مسرعة بعد مرور الدبابات، لتجد والدتها مستلقية على ظهرها وسط الشارع ولديها إصابة بالغة في الصدر، فيما كان والدها ممدا على الأرض على وجهه وهناك نحو ست رصاصات في ظهره. كلاهما توفيا في مكان الحادث.
بعد سبعة أيام، ساعد متطوع لم يذكر اسمه في إجلاء تكاتشوفا من المناطق المحيطة بكييف.
وقال المتطوع لمنظمة العفو الدولية إنه شاهد جثتي والدي تكاتشوفا ملقاة في الشارع بالقرب من منزلها.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها تحققت أيضا من مقطع فيديو يظهر المتطوع وتكاتشوفا يكتبان أسماء والديها وتواريخ ميلادهما وتواريخ الوفاة على قطعة من الورق المقوى قبل وضعها بجانب جسديهما، الذين كانا مغطان بالبطانيات.
وقالت امرأة اخرى تبلغ من العمر 46 عاما لم تذكر اسمها لمنظمة العفو الدولية إن القوات الروسية دخلت قريتها بوهدانيفكا، جنوب شرق كييف في 7 أو 8 مارس.
وبعدها بيوم واحد، قالت المرأة إنها سمعت طلقات نارية عبر نوافذ منزلها في الطابق السفلي، حيث عاشت مع زوجها وابنتها البالغة من العمر 10 سنوات وحماتها البالغة من العمر 81 عاما. و
وأضافت أن جنودا روسا اقتحموا منزلهم وأجبروهم على البقاء في غرفة واحدة. بعدها بدقيقة واحدة سألوا زوجها إذا كان لديه سجائر فقال لا وأنه لم يدخن منذ نحو أسبوعين.
وتابعت أن أحد الجنود أطلق النار عليه فأصابه في ذراعه اليمنى. وقال له جندي آخر "انهي الأمر، فأطلقوا عليه الرصاص في رأسه وقتلوه".
ووفقا للمدعي العام الأوكراني فقد تم العثور على ما لا يقل عن 410 مدنيين قتلى في البلدات التي استعادتها القوات الأوكرانية مؤخرا بالقرب من كييف، لا سيما في بوتشا، الأمر الذي أثار غضبا دوليا.
وظهرت أدلة مصورة على الفظائع التي ارتكبها الجيش الروسي، بما في ذلك شهادات شهود عيان إلى جانب مقاطع فيديو وصور، زعمت روسيا أنها كانت "مدبرة".
وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في فرار أكثر من أربعة ملايين شخص إلى الخارج وقتل وجرح الآلاف وتحويل مدن إلى أنقاض، كما أدى إلى عقوبات شاملة تقول موسكو إنها وضعت اقتصادها في أصعب موقف منذ ثلاثة عقود.
وفي خطوة رمزية، علقت الجمعية العامة للأمم المتحدة عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة، وعبرت عن "القلق البالغ إزاء أزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية الحالية" وذلك على خلفية مقتل المدنيين في مدينة بوتشا.
واحتلت القوات الروسية بوتشا الواقعة على مسافة 37 كيلومترا شمال غرب كييف لأكثر من شهر بعد غزو أوكرانيا في 24 فبراير. ويقول مسؤولون محليون إن القوات الروسية قتلت أكثر من 300 شخص في بوتشا وحدها وإن نحو 50 منهم جرى إعدامهم.