الأربعاء 2016/07/13

⁠فتنة أخرى تقترب

في الأسبوع الاول من هذا الشهر صرح وزير الخارجية التركي إن: "حل القضية السورية ممكن لكن على الجميع ان يكون. مستعدا لتقديم التنازلات اللازمة".

الاثنين ١٢-٠٧ صرح رئيس الحكومة التركية ان بلاده ستحسن علاقاتها مع دول الجوار وذكر بالاسم العراق ومصر وسوريا.

سبقت ذلك التصريح وأعقبته سلسلة من التصريحات الامريكية والروسية المتبادلة حول ما يجري في سورية، فالأمريكيون يطالبون الروس بوقف استهداف المدنيين والمعارضة المعتدلة، والروس يطالبون الامريكيين بفصل المعارضة المعتدلة عن تلك "المتطرفة" وتحديد مواقع الجميع، لكي يتسنى للروس ممارسة التدمير "بضمير مرتاح".

الرسالة التي يتضمنها التصريح التركي هي انه على جميع الأطراف ان تبدأ في تحديد سقوف تنازلاتها، وأن تغييرا ملحوظا سيطرأ على السياسة التركية تجاه القضية السورية، وهذا التغيير جاء بسبب واقع الحصار الذي تعيشه تركيا التي تعاني من عزلة دولية وإقليمية ولم تعد تحظى بدعم أي من حلفائها السابقين، فالناتو أدار ظهره لأنقرة وخذلها منذ بداية الأزمة السورية، والاتحاد الاوروبي، ورغم دوره المحدود في السياسة الدولية فلم يتبن أي موقف تركي بل ودعم حزب العمال الكردستاني بشقيه السوري والتركي بصورة شبه مكشوفة، ثم تدهورت العلاقة مع روسيا بسبب حادثة اسقاط الطائرة الروسية والدعم التركي للموقف الغربي فيما يخص أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، ينضاف الى ذلك علاقة متوترة مع ايران وبالتبعية مع حكومة بغداد.

ويبدو ان تركيا اختارت العودة الى سياسة صفر مشاكل مع الجيران وبدأت بتطبيع العلاقة مع إسرائيل وفق صيغة معقولة تضمن الحد الأدنى من مصالحها وعلاقتها بالقضية الفلسطينية، تبع ذلك محاولة التقارب مع موسكو وإصلاح العلاقة المتدهورة خلال الأشهر الستة الماضية، ولاحظ الجميع ان تطبيع العلاقات بين البلدين سار بوتيرة متسارعة، ولا يخفى ان الشأن السوري يعتبر من المحددات المهمة للعلاقة مع روسيا.

ولنحاول ان نتخيل السيناريو الذي سيتبعه هذا التغيير بناء على الوقائع والمعطيات المتاحة.

واضح من خلال التحركات الدولية الأخيرة ان الاتحاد الاوروبي سيتولى ترتيب السيناريو بدعم امريكي روسي، فقد استضاف سلسلة من الاجتماعات بين الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق، ويبدو ان الخطوة التالية هي دمج الاتحاد الديمقراطي الكردي في وفد هيئة التنسيق مع استمرار اللقاءات الهادفة الى تشكيل هيئة سياسية تقود المفاوضات والمرحلة الانتقالية في ظل رئاسة بشار الأسد.

لم يفهم أحد سبب هذه اللقاءات بين الائتلاف وهيئة التنسيق طالما ان كلاهما لديه تمثيل في الهيئة العليا للمفاوضات، سوى ان الامر يتعلق بتهميش او حتى اقصاء رياض حجاب الذي لم يتجاوب مع طلبات التنازل التي يكاد يجبره عليها حتى ما يسمى بأصدقاء الشعب السوري، ويأتي هؤلاء ليسيطروا على الهيئة لتمرير ما يطلب منهم، والحقيقة ان هذا الامر يروق للائتلاف الذي اصبح عبارة عن جثة سياسية تنتظر الدفن، وجاءت هذه التحركات لتعيد له دورا لا يستحقه.

ومن المتوقع ان تزداد الضغوط على رياض حجاب وهي أصلا بدأت فور تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات، فالسعودية التي رعت تشكيل الهيئة حاولت استجرارها للجلوس مع وفد النظام بضغط امريكي ورفض حجاب ذلك قبل تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي، ويبدو ان الرياض استاءت من هذا الموقف فبدأت بضغوط من نوع آخر أقلها اهمال الهيئة ورئيسها ووصل الامر الى عدم تخصيص مكتب دائم للهيئة، او تفريغ بعض الموظفين الإداريين ووصل الامر الى الامتناع عن تغطية نفقات سفر أعضاء الوفد التفاوضي.

على الصعيد الميداني سيجري دفع لمزيد من الفصائل العسكرية السورية للانضمام الى قوات سورية الديمقراطية وهذه سيزداد دعمها تزامنا مع قطع او تقليص الدعم للفصائل الرافضة لهذه الصيغة.

وهنا تبدأ الفتنة في سوريا، فكثير من الفصائل المهمة سترفض الانضمام الى قوات سوريا الديمقراطية، وقد يصدر تقييم امريكي جديد للفصائل العسكرية وسيحدد الإرهابية منها وغير الإرهابية، والأولى ستكون عرضة للقصف بينما ستنجو الثانية حتى حين، وفي هذه الحالة سيبدأ التراشق بين الفصائل باتهامات التخوين والتكفير .. الخ.

أرجو ان أكون مخطئا في قراءتي، لكن قد يكون من المستحسن ان يعد الجميع نفسه للفتنة القادمة.

متعب الهذال
الجسر 13 تموز 2016