الجمعة 2016/06/03

منبج ليست الا بداية .. لا تلوموا الا أنفسكم

ها قد بدأ الهجوم على منبج من قبل مايسمى ب "قوات سوريا الديمقراطية"، مدعومة بالطيران الأمريكي والعتاد والذخائر الروسية ومباركة النظام السوري.

منذ نحو خمسة أشهر، حاولت بعض فصائل المعارضة السيطرة على شريط حدودي يمتد من مناطق اعزاز والراعي باتجاه جرابلس، لكن وعلى الرغم من الدعم التركي بالذخائر والسلاح والاسناد المدفعي، أخفقت تلك الفصائل في كسر شوكة تنظيم الدولة وزحزحته من القرى التي يحتلها في المنطقة.

الدعم التركي لهجمات المعارضة كان يقصد منه تحقيق الفصل الجغرافي بين مناطق الاكراد في شمال شرق سوريا وتلك الواقعة في الشمال الغربي، لكن المشروع فشل بسبب تخاذل الفصائل عن دعمه بالشكل المطلوب، وأيضا بسبب التآمر الأمريكي، فحين احتلت المعارضة قرية الراعي في أوائل مايو الماضي، ارسل تنظيم الدولة رتلا للمؤازرة انطلق من الرقة لاستعادتها، ولم يتعرض الرتل لأي قصف جوي رغم ان ضجيج طيران التحالف يملأ الأجواء ليل نهار، وفي أواخر مايو وصل رتل آخر من الرقة لمؤازرة هجوم شنه مقاتلو تنظيم الدولة ضد قرية مارع الواقعة تحت سيطرة المعارضة ولم يتعرض له طيران التحالف.

بدا الأمر كما لو أن الأمريكيين كانوا ينتظرون فشل المعارضة لكي يوعزوا الى الأكراد بمهاجمة منبج، بعد ان سخروا لهم كل أسباب النجاح .

ويبدو ان الاكراد مصرون على المضي قدما بمشروعهم الانفصالي، وكنا نقول ونكرر انه لا مشكلة لدى الثورة معهم، وكان يمكنهم الحديث مع مكونات الثورة لاستعادة حقوقهم وانصافهم من مظلوميتهم التاريخية بصيغة ترضي الجميع، لكنهم استبقوا الامور وتحالفوا مع النظام في وقت مبكر، وهاهم يستكملون مسيرتهم بممارسة نفس المظالم التي مارسها النظام ضدهم لعقود.

المسرحية، او الخدعة التي سموها "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تضم فصائل عربية وأخرى ذات طابع مذهبي وديني وعرقي مختلط، سوف تستنفد قريبا أغراضها المتمثلة في إعطاء الهجمة الكردية طابعا وطنيا سوريا، وسرعان ما سيتم الاستغناء عن خدمات هؤلاء العرب والاستئثار بنتائج الهجوم من قبل "وحدات حماية الشعب" الكردية التي يقدر عددها بعشرين ألفا فيما لا يتجاوز عدد القوى الأخرى ألف مقاتل.

من يتحمل مسؤولية هذا الفشل الذريع للمعارضة، وهذا التقدم الكردي المرتقب؟
يمكن إلقاء اللوم على التآمر الأمريكي الروسي، وعلى شح امدادات المعارضة، وعلى تقصير الداعمين، وعلى ألف سبب وسبب ربما، لكن الذنب الأكبر تتحمله قوى المعارضة المسلحة وقياداتها بدون استثناء لأحد، لأننا لم نشاهد شجاعتهم وشراستهم في القتال كما رأيناها في الغوطة الشرقية عندما اشتبكوا في اقتتال يندى له الجبين ولأسباب لا يعلمها الا الله، رأينا كذلك انشغال فصائل الشمال السوري باقتسام مناطق النفوذ وتسوية الثارات والنزاعات التي تحصل كل يوم، ورأينا انشغال البعض الآخر بأعمال الشرطة والقضاء والخدمات المدنية ويا ليتهم نجحوا في ذلك لكن الواقع يقول انهم فقدوا تأييد قسم كبير من الحاضنة الشعبية بسبب ممارساتهم الخاطئة، ورأينا البعض الآخر مشغولا بخطف الصحفيين وموظفي الاغاثة والمتاجرة بهم، بالإضافة الى بيع الاسرى بطريقة لانعرف كيف ستخدم الثورة السورية.

نقول لتلك الفصائل منذ الآن: إذا رأيتم "وحدات حماية الشعب" الكردية تتمدد في الشمال السوري وتحتل كل المعابر المؤدية الى تركيا، وإذا رأيتموها تضيق الخناق على السوريين وسبل عيشهم، وإذا رأيتموها تكرر عمليات التطهير العرقي في قرى شمال حلب كما فعلت في قرى ريف الرقة وغيرها، وإذا رأيتموها تجلي مئات ألوف النازحين من مخيمات الشمال، وإذا رأيتموها تساند هجمات النظام عليكم، وإذا قصفتكم بالمدفعية والصواريخ بدعوى مكافحة الإرهاب .... الخ، فلا تلوموا إلا أنفسكم.

بقلم : متعب الهذال
الجسر 03 حزيران 2016