الأثنين 2017/01/23

من كواليس كازاخستان : بين جنيف وأستانا .. الجعفري “تيتي تيتي”

ربما تُدرك العرب أن مضامين الرسائل تُعرَف من عناوينها، ولا بد أن ينسحِبَ الأمرُ على جميع محاولات حل القضية السورية عبر محادثات بين النظام والمعارضة.

من جنيف إلى أستانا ..قد يكون ثمة خلافات جوهرية بين الموقِعَينِ بحكم عدة عوامل، أبرزها أن أستانا استبعدت دورَ المعارضة السياسية ، واختارت فيها روسيا أن يكون الحوار مع الطرف الذي تعتبره فاعلاً على الأرض.

ورغم عوامل الخلاف .. لا يبدو جانب النظام السوري حاضراً أو جاهزاً لأي تغيير في المواقف ، وأكبر دليل على ذلك أنه وضع رئيس وفده إلى جنيف، رئيساً لوفده إلى أستانا، وهذه -بحد ذاتها- رسالة إلى أنهم سيسيرون على نفس المنهج الذي واجه به بشار الأسد ثورة الشعب السوري منذ أيامها الأولى.

مصدر رفيع في الوفد العسكري للمعارضة السورية أكد أن "بشار الجعفري" في أولى الجلسات غيرِ المباشرة التي جرت "خلف أبواب مغلقة" بدا نسخة "طِبقَ الأصل" عن "الجعفري" الذي خرج عن جميع أعراف الدبلوماسية في النسخة الأخيرة من جنيف.

المصدر قال إن "الجعفري" سار على نهجه المعهود في السُّبابِ والشتائم، ونعَتَ "وفد المعارضة السورية "بالإرهابيين" أكثر من مرة، ما استدعى رداً مباشِراً عليه من قبل محمد علوش رئيس وفد المعارضة، مفاده أن الوفد الذي تصفه بالإرهابيّ، وقَّعت روسيا معه اتفاقاً ، فكيف تتفاوض روسيا مع "إرهابيين" ؟!

الجعفري الذي كان قد أنهى كلمته طالَبَ بالكلام مرة ثانية، واتهم خطاب المعارضة بأنه استفزازي، "وجاء على ذكر أسماء تتعلق بالسيادة الوطنية" في إشارة إلى "بشار الأسد" الذي قال محمد علوش إن المرحلة السياسية تبدأ برحيله.

واعتبر "المصدر الرفيع" في وفد المعارضة ، ما جرى إشارةً إلى أن نظام الأسد غيرُ جادٍّ حتى اللحظة للدخول في حوار فِعلي ، يُفضي إلى حل للقضية السورية.

منذ قليل ظهر "بشار الجعفري" في مؤتمر صَحَفي يؤكد ما قاله "المصدر" ، ووصف وفد المعارضة السورية "بالإرهابيين" أكثر من مرة، وقال إن "وفد الجماعات الإرهابية" خرج عن الأعراف الدبلوماسية، و"استفزَّ حِرْفية الحاضرين"!.

بل إن بشار الجعفري " صاحب المهنية والحرفية المعهودتين !" وجَّه الشكر إلى إيران وروسيا وكازاخستان، كأطراف "ضامنة" ومُحَضِّرة للمؤتمر، ولم يذكر "تركيا" التي تعتبر مع روسيا الطرفَ الرئيسيَّ في التجهيز للمحادثات ، ومن قبل ذلك في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بالتاسع والعشرين من كانون الأول الماضي.

وإذا ما سلَّمنا بمقولة العرب التي افتتحنا بها حديثنا .. فإن محادثات جنيف – وفق منطق الجعفري – لن تسفرَ عن أي شيء ذي معنى أو أهمية، وسترفع الجلسة إلى جلسات أخرى ، يقوم فيها نظام الأسد بتغيير رئيس وفده "العُصَابيّ"، وتسقط عبارة "الجماعات الإرهابية" من قاموسه الخشبي ، حينها سيدرك السوريون أن تغييراً ما سيطرأ على الأرض ، يساهم في كبح جماح آلة الموت والمعاناة التي تعصف بهم منذ أكثر من خمس سنوات.

أما المعطيات الحالية التي ظهرت في كلام "بشار الجعفري" فيمكن أن تدل على شيء واحد فقط، هو أن نظام الأسد يعطي أُذُنه "الكبرى" لإيران التي تدفعه إلى المضي في الحل العسكري، ويعطي أُذُنه "الصغرى" لروسيا التي تحاول سحبه إلى سيناريو الحل السياسي الذي يحقق مصالحها بأقل الخسائر، وينطبق في مثل هذه الحالة على وفد نظام الأسد ورئيسه "الموتور دائماً " المثل الشعبي السوري الذي يقال عند الشعور بأن شخصاً ما ، لم يترك سلوكه وتصرفاته رغم كل شيء .. "تيتي تيتي ..مثل ما رحت مثل ما جيتي"