الأربعاء 2017/02/15

لا يمكن للفرات أن يصب في المسيسيبي

لا يمكن للفرات ان يصب في المسيسيبي ولا حتى في نهر الأمازون ، كما لا يمكن لابنتي الناي والربابة ( الرقة ومنبج ) أن ترقصا على أنغام البيانو وأن تصعدا سلم الصول فيج الموسيقي.

مدن سورية عربية مسلمة لا يمكن لها أن تخرج عن سياقها التاريخي والجغرافي والحضاري تشهدان بالله وتقسمان بالوطن مهما حاول الانفصاليون تزوير الحقائق .

في منتصف العام المنصرم احتلت الميليشيات الكردية الانفصالية مدينة منبج ذات التاريخ العربي الأصيل، مدينة أبي فراس الحمداني والبحتري وعمر أبو ريشة، وحاولوا ويحاولون "تكريدها" مدعين أنها جزء من حضارتهم ودولتهم ،مطلقين عليها اسماً كردياً ( ما بوك ) ، محاولين نزعها من ماضيها وحاضرها ومستقبلها ،هذا ما يعمل الانفصاليون عليه كلما وجدوا الفرصة سانحة في ظل ضعف ثوري وتغاضٍ دولي .

اليوم تلهث الميليشيات الكردية الانفصالية وراء ما تسميه "تحرير الرقة" من تنظيم الدولة ، هذا المصطلح الذي أصبح شماعة كبرى للتدخلات الإقليمية والدولية كما أصبح شماعة لتهجير العرب من مناطقهم وتحويلها الى مستوطنات على أساس عرقي ترتدي العباءة الأمريكية .

يريدون احتلال "رقة الرشيد" ليزوروا التاريخ مجدداً ويخترعوا اسما كرديا يطلقونه عليها ويهجروا سكانها الأصليين منها ، وهي التي تعتبر خزانا كبيرا للقبائل العربية في سوريا ، فيما يُبقون من يتماشى مع مشروعهم هذا ويسكت عنه، ويذكر أن هذه المناطق عانت الأمرين فهي ضحية تهميش النظام لها قبل الثورة وهي ضحية اهتمام الانفصاليين بها كي يبثوا الروح في أحلامهم بعد الثورة. 

لكن المنطق والتاريخ يقول أن هذه المدن عربية سورية وستبقى كذلك ولن تخرج من محيطها ولن تغير لسانها طال الزمان أو قصر فهي التي احتضنت الأكراد والتركمان وكثيراً من الأعراق والأديان دون تفريق أو تمييز ولا غرابة أن نجد هذا التفكير في تلك العقول عندما نعلم أن الولايات المتحدة التي كانت تمتنع عن دعم الجيش الحر وتسليحه بحجج واهية وكانت تنظر الى نظام الأسد كيف يقتل شعبه بدم بارد على مرأى العالم وسمعه و بلا هوادة نراها اليوم تدعم هذه المليشيات وتغذي مشروعها الانفصالي في المنطقة على حساب أهل الأرض ، والمشكلة الأكبر أنها عندما تدعم هذه المليشيات تدعي دعمها للمعارضة السورية المعتدلة أي أنها تعتبر هذه الميليشيات جزءاً من منظومة المعارضة ، وهي لم ولن تكون يوماً جزءاً منها. 

من يقتفي آثار تصرفات النظام وأفعاله بكل ما تحمل في طياتها من اجرام وعنصرية وقمع وكبت لا يمكن أن يكون جزءا من منظومة المعارضة السورية التي ثارت ضد الأسد لتبدد ليل الظلم والقهر ناهيك عن أن تلك المليشيات الانفصالية التي تعتبر امتدادا لمنظمة البي كي كي التركية المصنفة كمنظمة إرهابية في اللوائح الأمريكية والأوربية ، فهل يمكن لأمريكا أن تدعم في يوم ما تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة اللذين تعتبرهما تنظيمين إرهابيين أيضا ؟؟؟ أم أن الامر مختلف عندما تضاف توابل الإسلام والتشدد الى أي تنظيم هذه هي الديمقراطية الامريكية وهكذا تدعم امريكا شعوب العالم في الحصول على حريتها ...وليتها لم تدعم .