السبت 2017/02/25

“زهران علوش” القائد المفترى عليه

منذ عامين اتصلت بزهران علوش مؤسس وقائد جيش الاسلام عبر شبكة النت وتكلمت معه لما يقارب الساعة لتغطية برنامج إعلامي هام, وسألته وقتها لِمَ لا ترد على الحملات الشديدة ضدك وهي لا توفر احتمالاً سيئاً لا تَحْمِلُك عليه من خيانة ,ٍ إلى بيعٍ, إلى حماية للنظام, إلى ممارسة الاستبداد تجاه باقي الفصائل.

وقتها أجاب زهران وأفاض وختم بأن هناك الكثير مما لا يمكن البوح به لخصوصية المواجهة مع النظام في دمشق الذي فرَّغ أكفأ قطعاته وأكبرها لمواجهة ثوار ريف دمشق, وألمح إلى أن الوضع هناك لا يحتمل أبداً تشظِّي الفصائل و تعدد الولاءات و القادة وأمور أخرى.....

لقد أجاب زهران وقتها بعد الحاح عن تساؤلات كثيرة ولكنه أبقى على الإجمال والإيجاز ويقيت الألسنة تُفرد له الحصة العظمى في الطعن والتجريح والتشكيك.

حتى بعد مقتله بغارة روسية استمر المشككون والمصرُّون في الطعن والتشويه, ولم يعن لهم أنه كان يعيش تحت الخطر والقصف وناله فعلاً الخطر والقصف.

وقد نُفذت عملية القصف التي استهدفته بطريقة جراحية, ونقل الإعلام الحربي الروسي طريقة تصويب الصواريخ في العملية وأظهر كيف أن الصواريخ أصابت المباني الثلاثة الأساسية في مجمع الأبنية حيث كان يعقد زهران أحد الاجتماعات الهامة, وكانت طريقة التسديد دقيقة للغاية ومتزامنة بالكامل على عدة أبنية بآن واحد وأصابت وسط جوانب المباني لضمان إصابة من يترأس الاجتماع.

ومن المحتمل أن العملية استندت الى معلومات دقيقة وحساسة عن تفاصيل وأماكن وجود المستهدَفين من قبل مُخبر او أكثر.

لقد كانت أدق عملية قصف على الإطلاق قام بها الطيران الروسي بعد تدخله الواسع, ويبدو أن هذه العملية كانت أساسية وهامة جداً ضمن التدبيرات التي أتت بها روسيا لإنقاذ النظام....

ويدعم هذا القول بقوة ما صدر عن لافروف من تصريحات يوم 17 كانون الثاني/ يناير2017 عندما قال في فقرة أساسية في مؤتمر صحفي مشهود:" لولا التدخل العسكري الروسي لسقطت دمشق بأيدي الإرهابيين خلال أسبوعين أو ثلاثة".
وتعددت وتسارعت وتكاثرت ردود وتعليقات المعارضين السوريين على تصريحات لافروف ولم يبق في المعارضة ناشط أو ثائر أو مقاتل أو إعلامي إلا وأدلى بدلوه....معتبرين جميعهم أن هذا التصريح هو بحد ذاته إنصاف للثورة السورية على لسان "عدوها"، وأن الثورة استطاعت الانتصار على النظام ومن معه لولا التدخل الدولي الذي أنقذ النظام في أنفاسه الأخيرة, ونسي الجميع أن المعنيَّ الأول في هذا الأمر كان جيش الاسلام ومن معه..."زهران علوش ومن معه".

وأن الإشارة في كلام لافروف كانت للقوات المرابطة والمقاتلة "غير المهادنة" حول دمشق والتي يشكل جيش الاسلام فيها ثلاثة أرباعٍ في الأفراد والقدرات.

وكان جيش الاسلام فعلاً قد أعلن في بداية أيلول سبتمبر 2015 عن معارك "الله غالب" بالاشتراك مع فيلق الرحمن وفصائل أخرى, وتكلمت مصادر جيش الاسلام وقتها عن معركة كبيرة جرى الإعداد لها على مدى ثمانية عشر شهراً ماضياً.

وفي نهاية أيلول كان التدخل العسكري الروسي الذي كان سريعاً في القرار والتنفيذ و جلب بوتين بشار الأسد إلى موسكو وأعاده في ليلة واحدة بعد أن أملى عليه اتفاقيات عاجلة لا تحتمل المرور على أي هيكل فارغ تنفيذي أو تشريعي في نظام بشار الأسد.

وركز الروس القصف بجنون على الغوطة الشرقية وتمكنوا من اغتيال زهران علوش في 25 كانون الأول ديسيمبر 2015, أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من تدخلهم العسكري المباشر.

وفي عام 2013 كانت مجموعات من المقاتلين التابعين لجيش الاسلام ومن معه قد أطلت على ساحة العباسيين وسط دمشق , و كانت هناك مؤشرات كثيرة وتصريحات تنبئ بقرب اجتياح العاصمة ومطارها ولم يكن النظام ليرتكب مجزرة الكيماوي الفاضحة في 21 أب أغسطس 2013 لولا علمه بتحضيرات تتكامل لاقتحام المطار والعاصمة من قبل فصائل دمشق, ويبدو أن الروس الذين سارعوا بتأكيد رواية النظام حول الكيماوي, هم الذين زودوا النظام بالمعلومات وأشاروا عليه لتنفيذ هذه الضربات وطمأنوه على دورهم المضمون في دفع العواقب الدولية عنه....

وزهران علوش في وقتها كان القائد الأبرز وكان جيش الاسلام الأقوى والأكبر...

وراج بعد الضربات الكيماوية وشاع بين الناشطين الثوريين أن النظام أراد من ضربات الكيماوي إجهاض هجوم كبير كان يُعدُّ على دمشق والمطار ينطلق أساسا من الغوطة الشرقية ومع ذلك طعن الطاعنون بزهران علوش وقالوا زهران يحمي الأسد.

وفي عهد زهران لم يصل الخلاف بين جيش الاسلام وسائر الفصائل الأخرى إلى مواجهات مديدة مريرة سقط فيها مئات القتلى وآلاف الجرحى...كما حصل بعد مقتله بعدة شهور.

وبعد زهران تقدم النظام ومن معه وأخذ أكثر من نصف مساحة الغوطة الشرقية.

في عهد زهران تقلص نفوذ تنظيم الدولة في معظم مناطق ريف دمشق.

وبفقدان الثورة السورية لزهران علوش تبرز يوماً بعد يوم تداعيات بارزة حتى على الساحة السياسية والديبلوماسية لناحية مسار المفاوضات المتتالية التي سارت من أنقرة إلى الأستانة إلى جنيف مؤخراً.

زهران علوش كان حريصاً على حضور مؤتمر الرياض العتيد لتشكيل وفد الثوار والمعارضة في أيلول سبتمبر 2015 وأبلغ عن حضوره ولكن تغيرات حصلت في طريق خروجه منعته, وكان كثير من المراقبين حتى من طرف النظام يعتبر علوش مقرباً من عدة دول إقليمية وهو يقود أكبر تنظيم مسلح يتمركز في ضواحي العاصمة دمشق وكان كما قالوا "من الصعب إلى حد كبير منعه من أن يفرض نفسه لاعبا أساسيا فاعلاً في دائرة الذين سيتم اختيارهم كمعتدلين في مجموعة المفاوضين" و قد يترأس الوفد المفاوض.

حتى عندما أناب زهران ابن عمه محمد علوش ومنتدب آخر إلى الرياض كان ذو متابعة لصيقة لهما وذو رأي نهائي حاسم فيما يستجد.

ويكفيه حنكة سياسية أنه كان يصرح ويسعى لتحقيق مكاسب عسكرية تُستخدم في المفاوضات السياسية, فخلف من بعده خلف اضاعوا المبادأة ثم المكاسب العسكرية وساروا مؤخرا إلى سلسلة المفاوضات خالي الوفاض و بدون أي ورقة ضاغطة, واول ما واجه رئيس الوفد الروس قرب ديارهم في الأستانة قال لهم متودداً ما مفاده: أنتم ولاة أمر ضامنون نثق بكم ونسي أن الروس هم من أنقذ بشا