الأحد 2017/05/28

حاتم حساني الشاب الذي اغتيل أيام كنا عايشين و توفي منذ يومين

(كنا عايشين بس هالأوضاع هي الي خربت البلد و رجعتنا 100 سنة إلى الوراء ).

هذه كلمات يتشدق بها بعض الرماديين و الموالين و المنافقين الذين يقيسون الثورة على غلاء كيلو البندورة أو الهدوء ، بعيداً عن هدير الطائرات و أصوات القنابل و كأن الشعب السوري خلق ليأكل و ينام فقط، أما الحرية و الكرامة فهي حكر في سوريا على طائفة الأسد و من يقف معه.

كنا نعيش في وطن ليس لك حق فيه مثل باقي الشعوب ، و إنما تعيش لتأكل و تشرب و تنام و إن زادت رفاهيتك تخرج إلى نهر أو بحر أو جبل لتغيير بعضاً من الروتين ، أي أن ما يمكن أن تكسر الروتين به هو من صنع الله عز وجل و ليس صناعة النظام الذي كرس جل وقته و اهتمامه لسرقة أموال الشعب و تخزينها في بنوك سويسرا تحت أسماء مثل شاليش و مخلوف و الأسد.

عيش صعب مر على الشعب السوري سُقينا الذل من فروع الأمن و العناصر جيلاً بعد جيل ، شبعنا من الإهانات و تصنيفنا درجة ثانية في المجتمع و أساؤوا لنا و لتاريخنا و لحاضرنا ، و لم نكن نستطيع فعل شيء و كنا نحمد الله على أكلنا و شربنا ,كل هذا و ذاك لم ولن ننساه ، و لعل ما حدث بالأمس هو من أعادني للتاريخ قبل الثورة؛ فخلال تقليبي صفحات الفيسبوك شاهدت نبأ وفاة أحد شباب ديرالزور في تركيا ، و هو الأمر الذي مر علي دون أي اهتمام كون موت الشباب أصبح معتاداً، لكن بعد ساعتين من قرائتي للخبر شاهدت خبر آخر عن نفس الشاب يشرح تفاصيل موته ؛ فكتب أحد أصدقاء الشاب قائلاً :

( نعيت منذ قليل أحد أبناء دير الزور المشهود لهم بالأخلاق الكريمة والذكر الطيب حاتم محمد حساني ، عدت بالذاكرة قليلا لأسباب مرضه ومن ثم موته لتأخذني الأحداث وتعيدني إلى سبب شقاء السوريين أجمع وهو نظام الأسد ، وتفاصيل القصة باختصار ؛

حاتم شاب رياضي لا يشكو أي سقم ، في ريعان شبابه التحق بالخدمة الإلزامية التي لامفر منها في عام 2006حسب ما أذكر ، ليعيش ظروف العبودية والظلم من قبل ضباط الأسد وزبانيته ، و في أحد ممارساتهم الوحشية قام أحد الضباط بتزحيفه هو ورفاقه ، ولأنه رفع رأسه قام الضابط برفسه على خاصرته ليصاب على أثرها بفشل كلوي دمر حياته ، و كعادتها ومن غيرها الأم كانت السباقة لتقديم الغالي والنفيس لإنقاذ ابنها فتبرعت له بإحدى كليتيها ، تكللت العملية بالنجاح وعادت العافية تدريجيا لحاتم ، لكن الأسد الملعون لم يسمح له بمزيد من الراحة ، حيث هجّر حاتم كغيره من ملايين السوريين ، ليجد نفسه مجبراً على العمل لتأمين قوته ومساعدة أهله لتتدهور صحته في تركيا و تتعطل كليتاه ولا يجد من يمد له يد المساعدة ، ليطلبه الباري عز وجل ويأخذه بعيدا عن هذه الدنيا المملوءة بالظلم .

رحمك الله يا حاتم وصبر أهلك وانتقم من قاتليك…)

ما كتبه صديق المتوفي أحزن قلوب كل من يتابعه على صفحة الفيسبوك رغم أنني أجزم أن أغلب من علق لا يعرف الضحية ، لكن رغم الحزن لم يكن أحد متفاجئاً فهذه الأشياء ليست بغريبة في سوريا التي كانت مزرعة لآل الأسد يفعلون ما يشاؤون بينما ينعم القطيع للآن بالأكل و السكن في حظائرهم تحت ظل النظام في انتظار موعد موتهم أو سوق أبنائهم للخدمة ضمن جيشه بينما يعيش الأحرار تحت قصف الطائرات و المدفعية عيشة عز و كرامة و خلي سعر البندورة يوصل مئة ألف طالما نتنفس حرية .