الأحد 2016/12/18

تدمر وتنظيم الدولة….. مؤامرة أم انتصار.؟!

لا يبدو من الوهلة الأولى أن سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية انتصار حقّقه التنظيم وفق سيناريو مرسوم لأجل معركة الهدف منها كسب مزيد من المناطق؛ فما هو ظاهر لا يشي بأن تنظيم الدولة استطاع تحقيق هذا الانتصار وفق مخطط تكتيكي دفعه إلى قلب موازين اللعبة في ريف حمص الشرقي فثمة أسئلة واستفسارات كثيرة باتت تطرح حول هذه السيطرة التي تجلت بسرعة كبيرة لم تكن متوقعة ولذا تضاعفت الأسئلة مع التقارير المؤكدة عن ترك قوات النظام مستودعات ومعدات ثقيلة من الأسلحة خلفه بعد انسحابه السريع من المدينة.

تساؤلات باتت تدور في فلك اللعبة العسكرية والسياسية التي تشرف عليها روسيا؛ فالكثير من الأسئلة تتمحور حول سؤال واحد وهو لماذا سمحت روسيا المتواجدة في ريف حمص بهذا التقدم الذي حققه تنظيم الدولة لذا كان السؤال الأهم هو هل هذا مؤامرة من النظام لإعادة تقوية التنظيم عقب خسائره في سوريا والعراق.؟ ولماذا يخاطر النظام بالتخلي عن مدينة مثل تدمر التي تسمح لمن يسيطر عليها بالانقضاض على حقول الغاز ومن ثَم على قواعد عسكرية مهمة جداً مثل مطار التيفور ولكن ثمة معطيات يجب التوقف عندها من أجل قراءة هذا التطور الذي قد يؤدي إلى تغيير في الخرائط العسكرية وتتعدى نتائجها الميدانية الحدود الجغرافية لتدمر ومحيطها.

إجابات كثيرة قد تتولد فيما إذا اقتربنا أكثر في تحليل الأبعاد العميقة التي يشكلها الصراع في سوريا خاصة أن الحدث البارز في الملف السوري هو معركة حلب وكذلك عملية درع الفرات التي تقودها تركيا في الشمال السوري وهذه المعطيات إن تأملنا بها جيداً فسنجد أن من مصلحة نظام الأسد إيجاد منافذ ومعطيات تمكن التنظيم من الاستقواء على الأرض كما أنه من مصلحة روسيا لفت أنظار العالم بعيداً عن ما يحصل في حلب من تهجير وقتل وعمليات إعدام ميدانية وفي هذا الطرح نجد أن هناك أبعادا أخرى قد تتجرد عن كل ما ذكرناه سابقاً وهو ما يدل على أن تقدم التنظيم في ريف حمص الشرقي جاء برغبة من النظام وحلفائه الروس فمن الناحية الميدانية نجد أن هجوم التنظيم على المدينة لم يكن مفاجئاً؛ فقبل ثلاثة أيام من دخوله لها شن هجمات عدة على محيطها في مؤشر واضح على نيته دخولها وهذه المدة كافية للنظام وحلفائه وتحديداً الروس للاستعداد لصد هجوم التنظيم وهو ما لم يحصل؛ أما الأمر الثاني فهو توقف الطائرات الروسية عن قصف التنظيم داخل المدينة باعتراف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية بحجة وجود مدنيين على خلاف ما جرى في مدينة حلب حيث كثفت موسكو قصفها لفصائل المعارضة داخل أحياء المدنية ؛ما أدى إلى تدمير بنيتها الخدمية ولاسيما المستشفيات؛ أما الأمر الثالث فهو ترك النظام مستودعات الأسلحة كما هي فضلاً عن تركه معدات حربية ثقيلة ومنها مضادات الطيران في حين كان بإمكانه تدميرها قبل الانسحاب والأمر الرابع هو توقيت الهجوم على مدينة تدمر الذي يأتي بعد أيام قليلة من بدء معركة الباب على يد قوات درع الفرات بعدما حسم أمر المدينة لصالح فصائل الجيش الحر نتيجة تفاهمات روسية تركية أمريكية بمعزل عن موافقة نظام الأسد.

إذاً كل هذه المعطيات تؤكد أن هذه العملية العسكرية وما حصل في تدمر يمكن اعتباره خطة مدروسة بعناية الغرض منها تحقيق مكتسبات ما لكن ما الثمن الذي ستحصل عليه دمشق من تسليم المدينة والمخاطرة بخسارة مواقع ذات بعد استراتيجي في معادلة الميدان العسكري؟ ليكون الجواب هو رغبة نظام الأسد في تقوية التنظيم عسكرياً لتوظيفه في مواجهة عملية درع الفرات التي تعد العدو الأخطر للنظام في هذه المرحلة.

تدمر وتنظيم الدولة..... مؤامرة أم انتصار.؟

إعداد: رداد لحلح

لا يبدو من الوهلة الأولى أن سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية انتصار حقّقه التنظيم وفق سيناريو مرسوم لأجل معركة الهدف منها كسب مزيد من المناطق؛ فما هو ظاهر لا يشي بأن تنظيم الدولة استطاع تحقيق هذا الانتصار وفق مخطط تكتيكي دفعه إلى قلب موازين اللعبة في ريف حمص الشرقي فثمة أسئلة واستفسارات كثيرة باتت تطرح حول هذه السيطرة التي تجلت بسرعة كبيرة لم تكن متوقعة ولذا تضاعفت الأسئلة مع التقارير المؤكدة عن ترك قوات النظام مستودعات ومعدات ثقيلة من الأسلحة خلفه بعد انسحابه السريع من المدينة.

تساؤلات باتت تدور في فلك اللعبة العسكرية والسياسية التي تشرف عليها روسيا؛ فالكثير من الأسئلة تتمحور حول سؤال واحد وهو لماذا سمحت روسيا المتواجدة في ريف حمص بهذا التقدم الذي حققه تنظيم الدولة لذا كان السؤال الأهم هو هل هذا مؤامرة من النظام لإعادة تقوية التنظيم عقب خسائره في سوريا والعراق.؟ ولماذا يخاطر النظام بالتخلي عن مدينة مثل تدمر التي تسمح لمن يسيطر عليها بالانقضاض على حقول الغاز ومن ثَم على قواعد عسكرية مهمة جداً مثل مطار التيفور ولكن ثمة معطيات يجب التوقف عندها من أجل قراءة هذا التطور الذي قد يؤدي إلى تغيير في الخرائط العسكرية وتتعدى نتائجها الميدانية الحدود الجغرافية لتدمر ومحيطها.

إجابات كثيرة قد تتولد فيما إذا اقتربنا أكثر في تحليل الأبعاد العميقة التي يشكلها الصراع في سوريا خاصة أن الحدث البارز في الملف السوري هو معركة حلب وكذلك عملية درع الفرات التي تقودها تركيا في الشمال السوري وهذه المعطيات إن تأملنا بها جيداً فسنجد أن من مصلحة نظام الأسد إيجاد منافذ ومعطيات تمكن التنظيم من الاستقواء على الأرض كما أنه من مصلحة روسيا لفت أنظار العالم بعيداً عن ما يحصل في حلب من تهجير وقتل وعمليات إعدام ميدانية وفي هذا الطرح نجد أن هناك أبعادا أخرى قد تتجرد عن كل ما ذكرناه سابقاً وهو ما يدل على أن تقدم التنظيم في ريف حمص الشرقي جاء برغبة من النظام وحلفائه الروس فمن الناحية الميدانية نجد أن هجوم التنظيم على المدينة لم يكن مفاجئاً؛ فقبل ثلاثة أيام من دخوله لها شن هجمات عدة على محيطها في مؤشر واضح على نيته دخولها وهذه المدة كافية للنظام وحلفائه وتحديداً الروس للاستعداد لصد هجوم التنظيم وهو ما لم يحصل؛ أما الأمر الثاني فهو توقف الطائرات الروسية عن قصف التنظيم داخل المدينة باعتراف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية بحجة وجود مدنيين على خلاف ما جرى في مدينة حلب حيث كثفت موسكو قصفها لفصائل المعارضة داخل أحياء المدنية ؛ما أدى إلى تدمير بنيتها الخدمية ولاسيما المستشفيات؛ أما الأمر الثالث فهو ترك النظام مستودعات الأسلحة كما هي فضلاً عن تركه معدات حربية ثقيلة ومنها مضادات الطيران في حين كان بإمكانه تدميرها قبل الانسحاب والأمر الرابع هو توقيت الهجوم على مدينة تدمر الذي يأتي بعد أيام قليلة من بدء معركة الباب على يد قوات درع الفرات بعدما حسم أمر المدينة لصالح فصائل الجيش الحر نتيجة تفاهمات روسية تركية أمريكية بمعزل عن موافقة نظام الأسد.

إذاً كل هذه المعطيات تؤكد أن هذه العملية العسكرية وما حصل في تدمر يمكن اعتباره خطة مدروسة بعناية الغرض منها تحقيق مكتسبات ما لكن ما الثمن الذي ستحصل عليه دمشق من تسليم المدينة والمخاطرة بخسارة مواقع ذات بعد استراتيجي في معادلة الميدان العسكري؟ ليكون الجواب هو رغبة نظام الأسد في تقوية التنظيم عسكرياً لتوظيفه في مواجهة عملية درع الفرات التي تعد العدو الأخطر للنظام في هذه المرحلة.