الأثنين 2016/09/26

بشار الجعفري .. حين يلبس الإرهابي ثوب الدبلوماسي !

لا يزال العالم يتذكر صورة عبد الرحمن شلقم .. مندوب ليبيا في مجلس الأمن ، الذي بكى خلال مداخلته عن الوضع في بلاده بعد اندلاع ثورة 17 فبراير ضد معمر القذافي عام 2011 ، لن نذهب في العواطف إلى حد القول إن الغرب اختار التدخل العسكري في ليبيا بعد بكاء شلقم ، لكن الثابت أن فيتالي تشوركين مندوبَ روسيا أُسقِطَ بين يديه بعد هذا الموقف ، ولم يستطع الدفاع عن القذافي أكثر مما ينبغي ، لأن دموع شلقم سَدَّت الطريق أمام أكاذيبه عن القانون الدولي الذي تدعي موسكو الدفاع عنه ، كلما حان أجل طاغية من الطغاة الذين تصنعهم.

إن استدعاء منظر عبد الرحمن شلقم يلخص بكل بساطة كيف ينحاز السياسي إلى شعب بلاده لا إلى الحاكم ، ويصنع نظرية مفادها أن السفراء هم مندوبون لقضايا شعوبهم لا للدفاع عن طغيان حكامهم.

مقابل صورة عبد الرحمن شلقم ، تعلق في أذهان العالم ومنهم السوريون بالتأكيد صورة مندوب بشار الأسد في مجلس الأمن ، المندوب الذي حمل اسم الطاغية وتفوق عليه في اختراع الأكاذيب ،وغيَّرَ مفهوم "اكذب حتى يصدقك الناس" إلى مفهوم " اكذب حتى تصدق نفسك".

الخروج غير المألوف عن أعراف الدبلوماسية :

إذا كان عبد الرحمن شلقم خرق القواعد الدبلوماسية ببكائه في مجلس الأمن لإنقاذ لأبناء شعبه ، فإن الجعفري بشار حرص طيلة خمسة أعوام أن يظهر في صورة الدبلوماسي المتمرد على الأعراف لإنقاذ سَمِيِّه بشار الأسد ، وإذا كان "البشاران" يتشابهان في "سفسطة" كل شيء وتحويل التهمة إلى مبرر للهجوم ، فإن الجعفري تميز بخاصية الخروج على أعراف الدبلوماسية بطرق فجة لا تناسب موظف استقبال لدى قنصلية تابعة لأقل الدول ثقافة وتهذيباً ! ، إذ كانت ميادين مجلس الأمن وقاعات جنيف مضماراً أظهر فيه الجعفري من الوقاحة والخروج عن "الإتكيت" ، ما يعكس بحق صورة النظام "الإرهابي" الذي يمثله في تلك المحافل .

جلسة مجلس الأمن الأخيرة .. بين التنجيم والتهديد :

ولعل أكثرَ تطور ظهر فيه بشار الجعفري في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت يوم الأحد 25-9-2016 ، هو تحولُه من مبررٍ ومدافعٍ عن أبشع مجازر العصر التي يرتكبها نظاما الأسد وبوتين بحق الشعب السوري ، إلى مُنَظِّرٍ يهدِّد بوقوع المجزرة قبل حدوثها ، ثم يتهم بها فصيلاً بعينه ، بل إنه يعطي تفاصيلَ يعجز عن الإلمام بها أكثر رجال المخابرات العالمية مهارة وحِذقاً.

في تلك الجلسة التي كانت مناظر أشلاء الأطفال في حلب تأخذ حيزاً أكبرَ من الحيز الذي أخذته مدةُ خطابه على الشاشة ، وكانت رنات الثكالى والمفجوعين تحت صواريخ نظامه السادي ، أعلى بكثير من صوته الذي طالما قال للعالم ... شعب سوريا إرهابي يستحق الموت ، في هذه الجلسة خرج الجعفري ليفجر قنبلة من العيار الثقيل ، إذ قال إن حركة أحرار الشام تستعد لارتكاب مجزرة بالغازات السامة ، وسيلبس عناصرها لباس "الجيش السوري" ثم يقومون بابتزاز مجلس الأمن كما ابتزوا العالم بصورة الطفل "عمران"!

في حقيقة الأمر تبدو هذه "التنجيمات" مصدر تهديد صريح ، أكثر من كونها مصدرَ سخرية واستهزاء، وهذا ما التقطه كثير من الناشطين في عدة مناطق محررة ، فبدؤوا بإطلاق التحذيرات من حقيقة تهديدات أكثر الدبلوماسيين إرهاباً ، وتداول بعضهم معلومات عن نية النظام "فعلياً" استخدام الغازات السامة ، ولا سيما في حلب ، ليحقق وعدَه لمؤيديه بالسيطرة على حلب الشرقية خلال أيام قلائل.

في هذه العجالة ..يظهر بشكل جلي الفرقُ ما بين شلقم الذي أسقط رئيسه دفاعاً عن أبناء وطنه ، وبين الجعفري الذي أسقط وطنه كاملاً لإنقاذ رئيس مجرم.