الأربعاء 2017/03/01

المعارضة السورية.. ومحاولة جني “عنب” السلام من “الشوك” الروسي

لم يكن حدثاً مفاجئاً استخدامُ روسيا للفيتو بمساندة الصين في مجلس الأمن الدولي ضد قرار أعدته "بريطانيا وأميركيا وفرنسا" يعاقِب نظام الأسد بسبب استخدامه السلاح الكيماوي، فهي أجهضت بالفيتو ولستِّ مراتٍ سابقة صدورَ مشاريع قراراتٍ حول سوريا منذ اندلاع الثورة، ولا جديد في هذا الفيتو سوى يد "فلاديمير سافرونكوف" التي قالت " لا للقرار" بعد أن مات "رامبو" الفيتو السابق فيتالي تشوركين صاحب اليد التي اعتادت أن تبقى مرفوعةً ضد أي قرار يدين أو يمس نظام الأسد بسوء، وهو ما يكشف زيفَ الدعوى الروسية التي قالت إن التصويت ضد القرار سيؤثر سلباً على ما سمتها محادثات السلام في جنيف.

وكما هي العادة التي جرتْ في الجلسات السابقة لمجلس الأمن، تبادلت الدول المصوتة الأدوار الدرامية ما بين مَن يشعر بالحزن وآخر مُحبط وثالث مستاء ورابع منزعج.. وغيرها من الحالات القريبة من تلك التي أنشأها الفيسبوكي "مارك"، ولم تُفوّت "مِصرُ السيسي" الفرصة للدفاع عن جريمة الكيماوي بالقول "لا توجد أدلة إدانة كافية" وامتنعت عن التصويت.

صلابة ومتانة أبداها هذا الفيتو في موقف روسيا الداعم المطلق لنظام الأسد كشف أنها لم ولن تتنازل عن الدفاع عنه وعرقلة أي قرار يعاقب مسؤولين عسكريين لدى النظام، هذا فضلا عن أن القرار لم يشمل معاقبة "بشار الأسد أو أحداً من أفراد عائلته"، وليُطرحَ التساؤل إذا ما عدنا إلى مسلسلات جنيف وأستانا عن موقف المعارضة السورية الآمل بتغيير موقف روسيا من النظام، وهو ما ظهر على لسان رئيس الوفد في جنيف 4 نصر الحريري الذي دعا في وقتٍ سابق روسيا إلى عدم المراهنة على شخص زائل في إشارة إلى بشار الأسد، ليعود اليوم مجددا بعد أقل من 24 ساعة على "فيتو الدم" إلى القول في مؤتمره الأخير إن المعارضة لا تزال تبحث عن دورٍ إيجابي لروسيا !.

اللافت في تصريحات وفود المعارضة منذ انطلاق أستانا ومؤخراً في جنيف غض الطرف عن الجانب الروسي صاحب البصمة الأكبر في التدمير والتهجير والقتل الممنهج بسوريا، والتركيز فقط على عدم الثقة بالجانب الإيراني والمطالبة باستبعاده وطرد المليشيات الإيرانية من سوريا، وهو ما ظهر بكثرة في تصريحات رئيس وفد أستانا محمد علوش، ورئيس وفد جنيف 4 نصر الحريري اللذين لم يتطرقا لقواعد الاحتلال الروسي في الساحل السوري، وتجاهلا خروقات روسيا بنفسها للهدنة وقتلها عشرات المدنيين مؤخراً، فضلا عن عدم ضغطها على النظام ليوقف هجماته في دمشق والوعر وإدلب وغيرها من المناطق. 

هل ستَفهَم المعارضة السورية بعد الفيتو الأخير أن روسيا ثابتة على موقفها وستستمرّ في دعم نظام الأسد الذي تتخذه واجهةً للإبقاء على مصالها في المنطقة، وأنَّ أستانا وجنيف ما هي إلا ألعوبة أممية يقود كواليسها "المخرج الكبير" دي ميستورا للعبثِ بالمعارضة وتشتيت بيتها الداخلي المشتت أصلاً، فضلاً عن تجاهله لمطلب الثورة السورية الأكبر حول بشار الأسد، ويضاف إلى ذلك تركيز روسيا حديثاً على بند محاربة الإرهاب قبل الحديث في البنود الأخرى من بنود جنيف، متى ستعي المعارضة أن محاولة الوصول إلى حل في سوريا عبر روسيا كمن يحاول "جَنْيَ العنب من الشوك" !