الخميس 2016/08/25

المصالح تجهض حلم الانفصاليين الكرد

بدأ المشهد الميداني بالتغير في محافظة الحسكة، بعد إحساس الميليشيات الكردية الانفصالية بأن النظام بدأ يضعف، وأن واشنطن وموسكو تغضان الطرف عن ممارساتهما. فاستطاعت هذه المليشيات السيطرة على 90 % من محافظة الحسكة أملا في تحقيق مكتسبات جديدة، لتحقيق وتمرير مشروعها الانفصالي وإنشاء كيان كردي مراهنة على الدعم الروسي والأمريكي، ومتذرعة بمحاربة تنظيم "الدولة"، فالإرهاب بحسب موسكو وواشنطن يتمثل بالتنظيم ويتجاهل كل عمليات التطهير التي جرت بحق العرب والتركمان في مناطق الخارطة الكردية التي لم تكتمل رسم ملامحها القومية بعد، فضلا عن تجاهلها لنظام الأسد.

ويبدو أن مقولة "صديق اليوم عدو الغد" باتت حقيقية يدفع ثمنها نظام الاسد بدعمه وتقويته لميليشات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية التي تربت في أحضان نظام البعث لعقود.

صور صادمة تلقاها الأسد ومؤيديه عند السيطرة على مقراته، ولكن الاتفاق الذي مر بحميميم في اللاذقية بوساطة روسية وشروط كردية أبقى على نظام الاسد من ناحية الشكل فقط، وربما لحفظ ماء الوجه.

وأهم ما جاء في الاتفاق "حل مليشيات الدفاع الوطني من مركز المدينة، ووقف تسليح ودعم العشائر العربية المؤيدة لنظام الأسد، وتسليم وحدات حماية الشعب مواقعها في المدينة إلى قوات الأسايش".

وهنا لا بد لنا ألا نفغل الموقف التركي الذي بدا بشن هجوما واسعا على مواقع الأكراد بشكل منسق لإفشال مشروع الأكراد في شمال سورية، ولعل سيطرة فصائل الجيش الحر، على جرابلس أهم خطوة دعمها الاتراك للرد وإفشال المشروع الكردي، الذي يعد خطا أحمر تركياً على اعتبار أنه مشروع يهدد أمنها القومي، وما يجعلها أكثر قدرة على إجهاض فكرة الجنين الانفصالي عودة مياه العلاقات الروسية التركية إلى مجاريها، وفشل محاولة الانقلاب التي أعادت النفس للسياسة الخارجية التركية وبدا ذلك واضحا في عملية "درع الفرات"، بالتزامن مع الحملات العسكري التركية ضد حزب العمال الكردستاني شرقي البلاد.

الاكراد الانفصاليون الذين استثمروا تناقضات وتقاطعات المصالح في الملف السوري واستغلوا الموقف الامريكي الداعم لهم، حتى الآن على الأقل، سيجدون أنفسهم ليس في مواجهة الأتراك فحسب، فإيران حليفة الأسد هي الأخرى ستسعى لإجهاض الحلم الانفصالي خشية من ارتداداته على الأقاليم الإيرانية ذات الأغلبية الكردية، حيث بدأ يرتفع فيها صوت دعوات الانفصال ولاشك أنه لن يبقى مجرد دعوات في حال تحقق مشروع الانفصاليين في سوريا، الأمر الذي يحتم على إيران اللاعب الخطر في سوريا المساهمة في إجهاض هذا المشروع.

تعقيدات الملف السوري بكل حيثياته ومن بينها حيثية الجماعات الكردية الانفصالية، تجعل جميع القراءات، مجرد محاولة للبحث عن حقيقية السيناريو الذي رسم في البيت الأبيض، والذي يفرج عن تطبيقاته على الأرض ببطء شديد، بينما يدفع السوريون ثمن هذا ا البطء دماً وخراباً من مستقبل بلادهم.